ونختم هذه الحلقات اليوم بتوضيح مبسط عن العوامل المؤثرة في كفاءة الرش الجوي لمكافحة نواقل الامراض ، حيث ترافق حملات المكافحة الجوية الكثير من المشاكل ، كما هو الحال عند مكافحة بعوض (الانوفلس) الناقل للملاريا او بعوض (الايديس) الناقل لحمى الضنك ، وهى الأنواع التي أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور استهدافها بحملات الرش بالطائرات التي بدأتها الجمعة الماضية .. ومن هذه المشاكل انخفاض كفاءة المكافحة ، وهناك من يعزي هذا الانخفاض الى المبيد وحده ، في حين ان هناك الكثير من العوامل يمكن ان يكون لها دور كبير في زيادة كفاءة المكافحة او بالعكس .. وفي هذا المقال سنتناول اهم العوامل التي يمكن ان يكون لها دور بارز في هذا التأثير ..
أولاً : معدل حجم قطيرة الرش size droplet Average و يعبر عن حجم القطيرة في الطيران بقطر القطيرة مقاسا بالمايكرون .. وان اول ما يجب ادراكه ، هو عندما تصيب القطرة الهدف ، فإنها تنتشر وتتقطع متخذة شكلاً كرويا وبالتالي تعطي فكرة غير دقيقة عن حجمها الأصلي .. كما ان حجم الانتشار يعتمد على المستحضر وكذلك طبيعة السطح المستهدف .. ان العديد من ادوات الرش المستخدمة في المكافحة الجوية لا تعطي قطيرات بحجم واحد على وجه الدقة .. ومع أية مرشة، يوجد دائما مدى لحجوم القطرة ، يشير الى طيف القطرة ، ومن الاهمية بمكان فهم حجم القطيرة وتأثيرها في استرداد الرش ، وبناء على ذلك يصنف طيف القطرة تبعاً لمعدل حجم القطيرات ولتقدير ذلك توجد طريقتان شائعتان هما Diameter Median Volume وهي طريقة لتصنيف الرش عن طر يق قسمة العدد الكلي للقطيرات الى قسمين تبعاً لحجومها .. والأخرى Median Number Diameter وهي طريقة لتصنيف الرش عن طريق قسمة العدد الكلي للقطيرات الى قسمين تبعا لأقطارها .. وتوجد عدة عوامل تؤثر في حجم القطرة ولكن اكثرها اهمية هي نوع الة الرش و الظروف التي تعمل فيها الة الرش ..
ثانياً : سلوك القطيرة واختيار حجم القطرة selection size drop & behavior droplet عند استعمال حجم صغير من الرش ، فانه يجب ان يتبدد الى قطيرات صغيرة اذا اريد تحقيق تغطية كافية .. ان التوزيع الفعال والاقتصادي لهذه القطيرات مع تجنب الانجراف غير المرغوب يتطلب معلومات جيدة عن سلو ك قطيرات الرش .. تتحرر القطيرة من سكونها منطلقة الى الهواء الساكن بزيادة السرعة الى ان تصل سرعتها النهائية والتي ترجع الى قطر وكثافة القطيرة .. ولاختبار حجم القطرة عند الرش فإننا نحتاج للأخذ في الحسبان العوامل الاتية ، والقرار سيكون على الارجح حلاً وسطاً بين متطلباتها المختلفة .. ان الحجوم المختلفة للقطيرات تسقط بسرع مختلفة. . وحيثما تسقط فإنها ستتحرك بمستوى افقي بواسطة الرياح وتكمن أهمية هذا العامل في احتمالية وصول الجرعة الفعالة المطلوبة للحشرة المستهدفة .. وهنالك تقنيات فتية معقدة يجب اتباعها لتقدير حجم القطيرة وتحديد سلوكها المطلوب لضمان اقصى كفاءة ممكنة ..
ثالثاً : التبخر : ان فقدان السائل عند الرش عن طريق التبخر يعتمد على درجة الحرارة والرطوبة النسبية ، ومحتوى الرش ايضا وعلى حجم القطرة المستعمل .. تكون درجة الحرارة والرطوبة على نحو بين خارج نطاق السيطرة ويمكن تعديلها فقط عن طريق اختيار وقت الرش تبعا للتغيرات اليومية المحلية .. تسقط القطيرات الكبيرة (150 ميكرو ميتر فما فوق) بصورة اسرع نسبيا ومن غير المرجح ان تكون متأثرة معنويا بالتبخر ما لم تنبعث من ارتفاع جدير بالاعتبار .. وعلى اي حالة فحيثما وجدت زيادة سريعة في النسبة بين المساحة السطحية وحجم القطيرة سيكون هنالك نقص في حجم القطيرة ..
رابعاً : الأحوال الجوية ً، يتأثر الرش الجوي بالأحوال الجوية السائدة في اثناء اجراء المكافحة كبيرا تأثرا وبسبب صغر حجم ذرات الرش ، وخصوصا الرش بدون ماء وكذلك المسافة القصيرة التي تتوقف عندها بعد خروجها من جهاز الرش فإنها لا تستطيع الوصول الى هدفها بحركتها الذاتية فقط من دون ان يتوفر لها حامل مساعد لكي تصل الى هدفها (البعوض الطائر) .. وتوفر الحامل للتيارات الهوائية الموجودة قرب سطح الارض .. ان سرعة واتجاه هذه التيارات تنتج من الرياح السائدة في الجو والناتجة عن حركة الطائرات والرياح المضطربة القريبة من سطح الأرض .. ولحركة الرياح القريبة من سطح الارض تأثير كبير في نجاح عمليات المكافحة بالرش الجوي وان اضطراب الرياح القريبة من سطح الارض يعود الى ارتفاع درجات حرارة الارض والنبات خلال النهار ، ينتج عن الرياح القريبة من سطح الارض وتعريض ذرات الرش الى التبخر لمدة أطول ، ان الذرات التي قطرها حوالي 80 ميكرون او اقل تبقى معلقة في الهواء او تصل الى سطح بعيد عن الهدف .. وعليه يجب التمييز بين حالتين (الحالة المستقرة والحالة المضطربة) عند اجراء الرش الجوي ، ففي الحالة الاولى تكون درجة حرارة الهواء القريب من الارض اقل من درجته في الطبقة العليا وتكون هذه الحالة سائدة في العادة في ساعات الصباح الباكر ، اما في الحالة الثانية والتي تحدث عند ارتفاع درجة حرارة الهواء القريب على من الأرض ، فإنها تكون سائدة خلال النهار بعد ارتفاع الشمس .. ان لكلتا هاتين الحالتين تأثيرا مباشرا كفاءة التقاط ذرات الرش من قبل البعوض المستهدف .. ولأجل التغلب على هذه الحالة المضطربة وتمكين ذرات الرش من الوصول الى هدفها فلابد من تغيير حجم ذرات الرش تبعا للتغيرات الجوية التي تحدث خلال النهار .. مع مراعات السوك الغذائي للحشرة المستهدفة وسأضع في اعتباري ان المعنيين بالرش لهم الدراية الكافية بتباين سلوك الغذاء ونشاط البعوض المستهدف فاحدهما نهاري الغذاء والنشاط والأخر ليلي الغذاء والنشاط فهو تحدى لا يحسدوا عليه ..
خامسا : اللزوجة : تحدد لزوجة المستحضر سريانه خلال عدة الرش .. والمستحضر ذو اللزوجة العالية هو الأبطأ في معدل السريان .. يكون معدل السريان في موقع معين بطيئاً جدا بالنسبة لمعدة الرش كي تؤدي عملها بصورة صحيحة ..
سادساً : التطاير : اذا كانت المركبات المتطايرة تشكل نسبة عالية من الرش ، فإنها تفقد بسرعة من المستحضر، وبالتالي فان قطرات الرش يقل حجمها بسرعة ، وكذلك الفقد بسبب الانجراف يكون كبيرا وتكون الكمية المستقرة على الهدف اقل .. عند تطاير المذيب في المرذذ ، فان المستحضر يتبلور مسببا الكثير من الانسدادات .. وعليه فان كمية المذيبات المتطايرة (مثل شيلسول ، زايلين ، سايكلو هكسانون) في المستحضر يجب تحييدها والباقي يكمل بسوائل بطيئة التطاير كالكلايكولات والزيوت المعدنية في حالات الرش الجوي الزراعي وبالطبع ينطبق نفس المعيار على الرش الصحي .. وحيث ان الاخيرة هي مذيبات ضعيفة .. فان الحذر مطلوب لتكوين التركيبة الصحيحة ..
بعد أخير :
اكتفى بهذه العوامل الستة وبالطبع هنالك عوامل أخرى لن اتطرق لها هنا لتقليل الاطالة ، و تبقى الرسالة الأخير لسياسيينا وقادتنا الاجلاء ان افسحوا المجال للمختصين لتطبيقات التنفيذ الحقلية فليس مطلوبا منكم ان تكونوا علماء في كل شي يكفيكم انكم قادتنا واوامركم مطاعة .. وبس ..
بعد تانى :
لماذا لا يتم الاهتمام بتدخلات صحة البيئة الأرضية الآمنة بنفس القدر الذى نوليه لتدخلات الشوفونية التي تسيطر على قرارات قادتنا الاجلاء ببلادنا المغلوب على امرها ؟؟ ولو فشل هذا التدخل في السيطرة على انتشار الوباء من نحاسب حينها ؟؟
و نرفع امرنا لله من قبل و من بعد فهو المولى ونعم النصير .. حسبنا الله ونعم الوكيل ..
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا ارحم الراحمين ..
22 نوفمبر 2022م
musapbrear@gmail.com