#بحثاًعنالعقل_الواعي.. طريق_الحرير والنهضة الأفريقية: الدور المتنامي للصين في السودان والعلاقات القارية.. بقلم: منير معاوية علي باحث في العلاقات الدولية

#

لطالما كان طريق الحرير رمزًا للاتصال الثقافي والتجاري بين الشرق والغرب، حيث امتد عبر آسيا منذ أكثر من ألفي عام، ليصبح نقطة التقاء هامة بين الحضارات .

#تاريخ طريق الحرير
أطلق الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشوفن مصطلح “طريق الحرير” في القرن التاسع عشر، لكن الطريق نفسه يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد.أسس هذا الطريق التجاري الامبراطور الصيني وو دي من اسرة هان ، يمتد الطريق من مدينة شيان الصينية إلى البحر الابيض المتوسط . كان جسراً للتبادل الثقافي والتجاري ، كانت تنقل عبره البضائع كالتوابل ،المجوهرات ، والأقمشة الفاخرة كالحرير الذي اعطى للطريق اسمه .

#الطريق والتبادلات التجارية
شهد طريق الحرير تطورات كبيرة على مر القرون، حيث أصبحت مدن مثل سمرقند وبخارى ومرو محطات رئيسية. لم يكن الطريق مجرد ممر للبضائع بل كان أيضًا قناة لتبادل الأفكار والثقافات بين الصين وأوروبا مرورا بالعديد من المدن الاسيوية، مما أثرى الحضارات وأسهم في تقدم العلوم والفنون.

#طريق الحرير وأفريقيا: بداية علاقة جديدة
تغيرت خريطة طريق الحرير في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بفعل التطورات التكنولوجية مثل السكك الحديدية وتطور وسائل النقل. لكن في القرن الحادي والعشرين، أعادت مبادرة “حزام واحد، طريق واحد” التي أطلقتها الصين في عام 2013 إحياء روح طريق الحرير، مع تجدد اهتمام الصين بإعادة بناء شبكة تجارية تشمل أفريقيا .

#السودان: بوابة التعاون الصيني-الأفريقي
أصبح السودان نقطة استراتيجية في تعميق العلاقات بين الصين وأفريقيا. وقد بدأت العلاقات بين الصين والسودان تتطور بشكل ملحوظ منذ بداية الألفية الجديدة. فقد بدأت الصين بتعزيز استثماراتها في قطاع النفط والغاز في السودان, وأقامت مشاريع بنية تحتية هامة, مثل تمهيد الطرق و بناء الجسور,مما ساهم في تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
في عام 2005, وقع السودان والصين على اتفاقية شراكة استراتيجية تشمل التعاون في مجال الطاقة والبنية التحتية. وقد عُقدت عدة زيارات بين القيادات الصينية والسودانية لتعزيز هذا التعاون, مما أدى إلى زيادة الاستثمارات الصينية في البلاد.

#التطورات الحديثة
بين عامي 2000 و2019، شهدت العلاقات التجارية بين الصين والسودان نموًا ملحوظًا. في عام 2000، كان التبادل التجاري بين البلدين حوالي 700 مليون دولار، وارتفع إلى نحو 7.2 مليار دولار في عام 2014. هذا النمو كان نتيجة لزيادة صادرات الصين إلى السودان من المعدات الثقيلة والآلات والبضائع الاستهلاكية، بالإضافة إلى استثمارات الصين في النفط السوداني.

وفي الختام
يستمر طريق الحرير في التأثير على العالم بطرق جديدة في العصر الحديث، حيث أصبحت العلاقات بين الصين وأفريقيا، وبالأخص السودان، جزءًا هامًا من مبادرة “حزام واحد، طريق واحد”. تعكس هذه العلاقات التبادل المستمر للمعرفة والموارد، وتبشر بآفاق واسعة للتعاون والتطوير في المستقبل.
يجب على السودان أن يستفيد من إرث علاقاته التاريخية مع الصين، فقد أثمرت هذه العلاقات عن تعاون مثمر في العديد من المجالات الهامة. ومن أبرز إنجازات هذا التعاون هو استخراج البترول من الأراضي السودانية, الأمر الذي أثر بشكل كبير وإيجابي على اقتصاد السودان كما ذكرت سابقا .
في ظل التحديات الاقتصادية والتنموية والحرب التي يواجهها السودان, يمكن استغلال هذا الإرث لتعزيز الشراكة الاستراتيجية والعسكرية وتوسيع مجالات التعاون. من خلال البناء على ما تم إنجازه في السابق.
إن تعزيز العلاقات مع الصين يمكن أن يوفر فرصًا جديدة للنمو, ويسهم في إعادة الاستقرار الأمني و تحقيق الامان الاقتصادي في السودان, مما يجعل من الضروري الاستمرار في تعزيز هذه الروابط التاريخية وتحقيق أقصى استفادة منها عبر معادلة (#رابح_رابح) .

🖋️ منير معاوية علي
باحث في العلاقات الدولية
غرة ربيع الأول 1446 هجرية
الرابع من سبتمبر 2024 ميلادية
الدوحة_قطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *