تسجيل حميدتى قائد المليشيا مساء أمس الاحد (11 فبراير 2024م) ، هو حالة بحث عن مناسبة ، ولذلك فإن الخطاب مقصود فى ذاته ، وحين لم يجد مناسبة افترض إنتصارا فى (المهندسين) و (بابنوسة) ، وقد ركز البعض على ذلك .. ولكنه ليس مربط الفرس..لماذا هذا الخطاب الآن وخلال تسجيل ؟ للإجابة علينا ان نقرأ محتوى التسجيل ونخضعه للفحص وللحقيقة فإن الخطاب نهاية فصل وليس بداية مرحلة..
- – قال لقواته (نحن خرجنا من الخرطوم من اجل المواطن ، وعليكم بالمواطن ، المواطن ، وحاكموا أى متفلت ) ، وهذه محاولة للتخفيف من حالة الضغط والغضب الشعبي وانزعاج مؤسسات دولية وأممية ، كما إنها رسالة فى بريد (جوقته) ، و(حاضنته السياسية) ، فى محاولة لتزيين الوجه ،
ويبدو أن ذلك كان أحد إشتراطاتهم ، لإن حميدتى الذى توعد بمحاسبة جنوده المتفلتين ينسى أن قادته الآن يقطنون فى بيوت المواطنين ، وهو ذاته كان مختبئا فى منزل وجدي ميرغني ومواقع اخري.. ومن الغريب أنه تجاهل كليا الحديث عن قطع الإتصالات وهي الحادثة الاكثر ارهاقا للمواطنين بعد تهجيرهم من دورهم وسرقة ممتلكاتهم ، ففى أى عالم يعيش حميدتى ؟
و 2. – محاولة رفع الروح المعنوية لجنده ، والحديث عن واقع زائف ، ودعوتهم للمزيد من الضرب ، وانه سيكون معهم فى الميدان ، وهذا أمر يعرف خباياه الجند انفسهم ، كما تعرفه بيوت المرتزقة فى تشاد والنيجر ومالى ، حيث المآتم والاحزان ، وتعرفه ازقة أمدرمان والكدرو واللاماب وبابنوسة وزرقه والفاشر وسنار ، هناك الواقع مختلف والقادم أشد مرارة وقسوة..
و3. – هو إدعياء الظلم ، وانهم (فى نومهم) هاجموهم ناس الجيش ، الرجل الذي ظل اربع سنوات يعمل من اجل الحرب ويهدد بها ويتوعد و أخلى قاعدة الزرق من الدبابات ودفع بها للخرطوم ، وحشد فى العاصمة 120 ألف من المرتزقة والمليشيا يتحدث عن الحرب المفروضة عليهم ، ذات الشخص الذي غدر بجيرانه من النساء والاطفال واحتجزهم رهائن ، يا للعجب..
هذه الفكرة لم تعد صالحة للإستهلاك ، وهى النقطة التى تسعى (قحت وتقدم) أيضا لإخراجه منها دون جدوى ، بل حاول فولكر بيريتس الترويج لها ، وتداعت ، فلم تكن الحرب طلقة ، وإنما عملية معقدة من التدريب والتأهيل والتسليح والمواقع والتهيئة وتحرك القوات والحصار ، وكل ذلك شاهده العالم وعايشه لحظة بلحظة وحده حميدتى وسربه يسعى بهذه الترهات..
و4. هو طلب الدعاء ، مسحة الدين ، لم يتذكرها وقادته يدفنون المواطنين ابرياء ، ويبيدون كل طفل من ابناء المساليت بعد أن قتلوا الاباء ، لم يتذكرها وهم يسلبون ويغتصبون ويسوقون الفتيات للبيع ، إن الله لا يحب الظالمين ، إن دعاء الناس عليكم وليس لكم.. - – فشلت مخططات تسويقه كافة ، لم يعد احدا يشترى (العفن) كما قال الشاعر ..
- فى محافل إقليمية ودولية ، كانت حادثة رفض وجود فى مقعد السودان بالايقاد هزيمة كبيرة ، كان حدا فاصلا بين الملهاة و الصفعة حين تجاوزوا الحد المسموح بالمناورة..
- وتسويقه سياسيا وداخليا حين تم جر قوي سياسية إليه فى اديس ابابا ، وخرجوا باعلان سياسي بإمتياز ومخطط تحت عنوان (التعايش) مع الأمر الواقع ، وسقط المخطط مع تصاعد المقاومة الشعبية..
و 6. – أصبح وجوده (الجسدي) وملجأه ذو كلفة سياسية عالية ، وقد تراكمت عليه الاتهامات بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، ولا يمكن المغامرة بوجوده ، مع إحتمال تصنيفه مطلوبا دوليا من دول كبرى ومن منظمات حقوقية ومحاكم ، ومن الصعب توفير ملاذ آمن له في الداخل ، ولذلك سيتم التخلص من الدمية..
وخلاصة القول ، أن حميدتى يتهيأ للرحيل ، بالغياب قسرا أو الموت حسرة أو الإستسلام ، وفى كل الأحوال فهو خارج الشبكة ولن يكون ضمن أى معادلة داخلية..
حفظ الله البلاد والعباد..
د.ابراهيم الصديق على
12 فبراير 2024م