كان ينبغي على السعودية إلى جانب مصر أن تكون أكثر الدول حرصاً على أمن و استقرار و سلام السودان ، فالبلدان يطلان على البحر الأحمر الذي يعتبر أحد أهم الممرات المائية في العالم حيث يربط بين ثلاث قارات : أفريقيا – آسيا – أوروبا
و هو أهم ممر لنقل النفط و الغاز .
و هو أيضاً يمثل منطقة تنافس نفوذ بين الولايات المتحدة و روسيا التي تسعى بكل قوة للعودة ألى البحار الدافئة و كذلك تتنافس عليه عدة دول إقليمية و تطل عليه بالإضافة إلى السودان و السعودية كل من : مصر – اليمن – الأردن – فلسطين المحتلة – الصومال – جيبوتي – أرتيريا .
يقدر طول ساحل السعودية على البحر الأحمر بأكثر من 1800 كيلومتر ، بينما يقدر طول ساحل السودان بأكثر من 800 كيلومتر .
أهم موانئ للسودان على البحر الأحمر هي : بورتسودان – سواكن – شلاتين
بينما أهم موانئ للسعودية هي : جدة – جازان – ينبع .
بالإضافة إلى موقعهما على ساحل البحر الأحمر فإن السودان و السعودية تربطهما علاقات مشتركة كثيرة : الدين – الجوار – اللغة – الجامعة العربية – منظمة المؤتمر الإسلامي .
السعودية إستفادت من الموارد البشرية السودانية في تحقيق نهضتها في مختلف المجالات ( التعليم – الصحة – المجال الهندسي و غيرها ) ، أما السودان فقد إستفاد إقتصادياً و اجتماعيا من تحويلات أبنائه العاملين فيها و الذين يقدر نعدادهم بما يقارب 2 مليون نسمة و يمثلون أكبر وجود سوداني بالخارج .
من جانب آخر فإن السعودية تعتبر الدولة الأولى من حيث حجم الإستثمارات في السودان حيث تقدر جملة إستثماراتها بأكثر من 15 مليار دولار معظمها في القطاع الزراعي و الصناعي حيث تغطي هذه الإستثمارات أكثر من 250 مشروع ، و تعتبر السعودية من الدول الرائدة في تحقيق المبادرة العربية للأمن الغذائي العربي التي كان فد أطلقها الرئيس البشير و تبنتها الجامعة العربية قبل عقد من الزمان .
السودان و منذ عهد النظام السابق إختار الوقوف إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن ( عاصفة الحزم) المستمرة منذ ثمان سنوات و ظل يرسل جنوده بصورة منتظمة للمشاركة في الحرب و حماية الحدود الجنوبية للسعودية .
لكل ما سبق و الكثير الذي لا يتسع المجال لذكره كان ينبغي أن يصل مستوى العلاقات بين البلدين إلى أرفع المستويات و لكن في الواقع فإن المستوى أقل بكثير من الطموح !! بل إن مواقف السعودية المساندة للسودان في كل التحديات و الظروف التي تواجهه لم تتعد مستوى المساعدات الإنسانية !!
و أخيراً هل تعلم أن آخر ملك سعودي زار السودان هو الملك خالد بن عبد العزيز و كان ذلك في العام 1976 أي قبل نحو 47 سنة !!
نتمنى أن تخرج العلاقات بين البلدين من حيزها الحالي إلى آفاق إستراتيجية تراعي عوامل الشراكة و المصالح و تتجاوز أوحال السياسة الضيقة و تبعد عن المحاور الإقليمية و الدولية و تستصحب عمق العلاقات الشعبية .