أدان الاجتماع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي نتجت عن جرائم القتل والسلب والنهب واحتلال البيوت التي قامت بها قوات الدعم السريع، وجرائم القصف الجوي والاعتقالات التعسفية للناشطين وحماية أنشطة وفعاليات فلول النظام البائد من قِبل القوات المسلحة).. بتلك العبارات المهترئة والهزيلة والخائرة اختزلت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) الجرائم المريعة والانتهاكات غير المسبوقة التي ارتكبها متمردو الدعم السريع على مدى أكثر من مائة يوم في حق الملايين من أهل السودان، لتتهرب من التعرض لجرائم التطهير العرقي والقتل الجماعي وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي حدثت لأهلنا من قبيلة المساليت في مدنية الجنينة وما جاورها من مناطق بولاية غرب دارفور، والانتهاكات التي وصلت حد قتل الرجال والنساء والأطفال والرُضَّع وبقر بطون الحوامل والتمثيل بالجثث ومنع الضحايا من الدفن بكرامة، وإلقائهم في مقابر جماعية، وحرق الجثث داخل المنازل وفي الشوارع والأسواق، وتهجير مئات الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال من منازلهم وتحويلهم إلى لاجئين ومشردين، مثلما تجاوز المجلس المركزي الحرية والتغيير التعرض لقضية الاحتجاز القسري لمواطنين أبرياء في العاصمة الخرطوم، وقدرت وكالة رويترز للأنباء عددهم بأكثر من خمسة آلاف محتجز (ونجزم أن العدد الحقيقي يتجاوز ضعف ما ذكرته رويترز)، من بينهم نساء وأطفال ومدنيون لا علاقة لهم بالقوات النظامية؛ وتطرقت الوكالة إلى الظروف القاسية التي يُحتجزون فيها داخل سجون سرية لا يعلم مكانها أحد، وفيها- وبحسب إفادات ناجين منها- تمارس أبشع أنواع جرائم التعذيب، مما أدى إلى وفاة الكثيرين من ضحاياها تبعاً لغياب العناية الصحية وانعدام العلاج ورداءة الطعام الذي يُقدّم فيها للمختطفين (وجبة واحدة من المكرونة في اليوم كله)، كذلك تجاوز البيان الجبان التعرض لجريمة اختطاف وتصفية الوالي المغدور خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور على يد مليشيا الدعم السريع، وجرائم احتلال مؤسسات الدولة واقتحام السجون وإطلاق سراح نزلائها، وفيهم محكومون بالإعدام ومدانون بجرائم بالغة الخطورة، وفيهم أعداد كبيرة من عتاة المجرمين، مثلما أغفل البيان التعرض لجرائم اقتحام البنوك ونهبها، واقتحام المؤسسات والشركات الخاصة ونهبها، وسرقة الآلاف من السيارات والمتاجر والأسواق وأثاثات المواطنين وودائعهم ومدخراتهم، واحتلال مراكز الخدمات (مثلما حدث لمحطة مياه الخرطوم بحري والمركز القومي للتحكم في الكهرباء) الشيء الذي تسبب في حرمان ملايين السودانيين من خدمات الماء والكهرباء، كذلك تجاوز البيان المهترئ جرائم اقتحام المستشفيات واحتلالها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية (كما حدث لمستشفيات الخرطوم وبحري وأم درمان وشرق النيل وحاج الصافي والأسنان والعيون وغيرها)، ومراكز الخدمات الطبية الأخرى مثل بنك الدم المركزي ومعمل استاك ومراكز غسيل الكلى والإمدادات الطبية، الشيء الذي أدى لمقتل المئات وحرمان الملايين من حقهم الطبيعي والإنساني في الحصول على الدواء، وبالطبع لا يمكننا ومهما اجتهدنا أن نحسن الظن في إغفال البيان الجبان لجرائم الاغتصاب المروعة التي وثقتها العديد من الجهات المتصلة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان، ومنها وحدة منع العنف ضد المرأة التي وثقت على لسان رئيستها الأستاذة سليمي اسحق، المئات من جرائم الاغتصاب التي ارتكبها جنود من الدعم السريع في الخرطوم والجنينة ومناطق أخرى، وتطرقت إلى تلك الجرائم جهات دولية وإقليمية ووطنية عديدة، ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومدعي محكمة الجنايات الدولية، والخارجية الأمريكية والبرلمان الأوروبي والمبعوث الأممي فولكر بيرتس، ووسائل إعلام عالمية مثل (BBC) البريطانية ولومند الفرنسية وواشنطن بوست الأمريكية وغيرها. كذلك تجاوز البيان المتواطئ والمرتجف الإشارة لجرائم أخرى مروعة ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق دور العبادة باحتلالها للمساجد والكنائس وإطلاق النار على القساوسة والراهبات في عدد من كنائس الخرطوم بعد نهبها وسرقة محتوياتها، وقد وثق بعض القساوسة تلك الانتهاكات المروعة بتسجيلات تمت بالصوت الصورة، وشملت الانتهاكات التي تغافل عنها بيان الجناح السياسي للدعم السريع الأتاوات التي فرضها متمردو الدعم السريع في الطرقات الداخلية والطرق القومية، وإهانتهم للمواطنين وسلبهم ممتلكاتهم، وتعذيبهم وإطلاق الرصاص عليهم تلذذاً بمعاناتهم، واعتقال الكثيرين منهم بلا أي مسوغ قانوني. ونتساءل: استنكر البيان ما أسماه (اعتقال القوات المسلحة للنشطاء)، فكم عدد النشطاء الذين اعتقلهم الجيش حتى اللحظة (بتهمة التعاون مع المتمردين)؛ وماذا حدث لهم.. هل شكوا من أي تجاوزات تتعلق بتعذيب أو سوء للمعاملة.. وهل ظلوا محتجزين مثلما لآلاف المختطفين في سجون سرية للدعم السريع؟ لو أردنا أن نحصي الانتهاكات المريعة والجرائم الشنيعة التي ارتكبها متمردو الدعم السريع فسنحتاج مجلدات ضخمة، قد لا تكفي لحصرها، ونسألهم: يبسط الجيش سيطرته التامة على عدد كبير من ولايات السودان (البحر الأحمر ونهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا والجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق وسنار مثالاً) فهل حدثت فيها أيٌّ من التجاوزات التي نسبها بيان المجلس المركزي للحرية والتغيير للجيش؟ هل شهدت تلك الولايات أي قصف جوي للمنازل أو اعتقال للمدنيين؟ وفي ولاية الخرطوم نفسها يسيطر الجيش بالكامل على محلية كرري بمدينة أم درمان، فهل وقعت فيها انتهاكات مماثلة بعد تحريرها؟ ولماذا لا يذكرون حقيقة أن الجيش اضطر لقصف بعض المنازل تبعاً لاحتلال متمردي الدعم السريع لها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة والعتاد الحربي ونشر قناصين فيها يستهدفون جنود الجيش لقتلهم؟ لماذا يشيرون إلى وقائع القصف الجوي لبعض المنازل بطريقة (ولا تقربوا الصلاة)؟ من الجيد أن كل نطق يلي دهراً من الصمت الجبان لقادة المجلس المركزي للحرية والتغيير يثبت تواطئهم مع المتمردين أكثر، ويؤكد تورطهم معهم في الانتهاكات المريعة التي حدثت لملايين السودانيين، ويثبت عليهم تهمة كونهم يمثلون (الجناح السياسي) للتمرد الغاشم، وها هو حديثهم الذي تلا صمتاً جباناً امتد مائة يوم أو أكثر من الحرب يدل على مدى استهانتهم بالمعاناة غير المسبوقة لملايين السودانيين ممن تحولوا إلى لاجئين ومشردين ونازحين، بأمر مجرمي الدعم السريع وربائبهم وحلفائهم السياسيين، ممن أدركوا أخيراً أن أوهام السيطرة على السلطة ببنادق المليشيا المجرمة وعلى حساب دماء وأشلاء وآلام ومعاناة ملايين السودانيين ذهبت وتبخرت بلا عودة، لتبقى جرائمهم وانتهاكاتهم وتبعاتها ولعناتها تلاحق المتورطين فيها إلى الأبد.. وسيحين وقت الحساب قريباً بإذن الله، ليقفوا أمام الشعب الحُر عراةً كما ولدتهم أمهاتهم، وتتم محاسبتهم على ما اقترفت أياديهم الآثمة الملطخة بدماء أهل السودان.. ولات ساعة مندم.