أسدلت القوات المسلحة اليوم الستار على التفاوض غير المباشر مع مليشيا الدعم السريع المتمردة وذلك بعودة وفدها من جدة بعد ثمانين يوماً من المفاوضات مع المتمردين يمكن وصفها بأنها كانت (عبثيّة) بامتياز .. حيث اُتفق على إعلان مبادئ وُقّع لفتح ممرات إنسانية ووصول الخدمات للمحتاجين ولكن دون أدنى التزامات من المتمردين كما أُتفق على عدد من الهُدن تراوحت بين خمسة أيام إلى أربعة وعشرين وساعة لم تفلح كلها في إظهار التزام الجنجويد بمطلوبات الهُدن.. لأن السيطرة أصلاً مفقودة على عصابات الجنجويد التي تحوّلت من القتال المباشر مع القوات المسلحة وتحقيق انتصار عليها إلى قتال المواطن الأعزل فأعملت فيه نهباً وسلباً وقتلاً واغتصاباً .. وتخللها تجميد للتفاوض من وفد القوات المسلحة وتعليق للتفاوض من الوساطة السعودية الأمريكية بسبب (عدم جدية الطرفين)هذا القرار وبدون إجراء لاستفتاء أو قياس للرأي العام لامس أشواق السودانيين ودعواتهم ليل نهار (بفشل) التفاوض.. فقد جرّبوا جحيم الهدن قصيرها وطويلها فكانت الهدنة فرصة للجنجويد للاستقواء بالمدنيين واحتلال المزيد من الأعيان المدنية بدءاً من منازلهم وفرصةً للخروج بسياراتهم المنهوية وممتلكاتهم المسلوبة ودخول المستشفيات ومراكز الخدمات وغيرها .. ورأوا من هؤلاء المجرمين الأنجاس الأنذال جرائم يشيب لها الولدان تتسع دائرتها كلما ضاقت عليهم دائرة عمليات القوات المسلحة الباسلةعلى صعيد التفاوض غير المباشر فهو لم يتحول لتفاوض مباشر مطلقاً وقناعتي سادتي أنه لم يكن ليتحول ولو ظل منبر جدة مفتوحاً عشر سنوات قادمات .. لسبب بسيط جداً وهو أن ما بين ممثلي القوات المسلحة وممثلي التمرد (ما صنع الحداد) وما صنع السيد (كلاشنكوف) ودكتريوف.. بينهم دماءً عزيزةً سفكها هؤلاء خيانةً وقد كانوا معهم في خندق واحد يوم أن تقاسموا معهم المسؤوليات والهموم..بينهم أرواح عزيزة فاضت إلى بارئها وهي تتصدى للتآمر والعمالة والأحلام غير المشروعة في السلطة والتسلط وخدمة الأجندات الأجنبية..بينهم أعراض الحرائر التي انتهكت وصورت وبثت في الأسافير ..بينهم التدمير الممنهج لمقدرات الدولة السودانية وبنيتها التحتية بدءاً من قيادة القوات المسلحة ومروراً بمراكز الخدمات وشبكات الكهرباء والمياه والمستشفيات ودار الوثائق والسجل المدني والمتاحف وغيرها..بينهم أن وفد التمرد يقوده إبن عاق للقوات المسلحة وعملٌ غير صالح بل طالح ارتمى في حضن العمالة والارتزاق وباع نفسه بأبخس الأثمان وتنكّر لمؤسسته.. ويده تقطر من دماء دفعته وغيرهم ..بينهم مائة يوم وتزيد من معارك الخرطوم التي تحولت أحيائها لمتحركات فشهد الناس متحرك بحري ومتحرك جبل أولياء ومعركة الشجرة ومعارك بيت المال والهجوم على توتي وتمشيط بري وامتداد ناصر وقصف الواحة وأمبدات والصالحة وشرق النيل .. لقد كان جون قرنق (المسيحي) رغم خلافنا المبدئي مع أطروحاته أكثر نبلاً ولديه قيّم وشيئاً من أخلاق ولذا استغرب الوسطاء كثيراً وهم يرون وفد الحكومة ووفد الجيش الشعبي بنيفاشا في فترات الاستراحة يتناولون الشاي ويتمازحون ويضحكون فكان السؤال إذن لماذا الوساطة وهذا الذي نشاهد هو ما بينكم ؟؟ .. لم يغتصب الجيش الشعبي الحرائر ولم يدخل المدن ويعيث فيها فساداً واستباحةً .. لم يقتل عشوائياً كما أنه لم ينهب ممتلكات المواطنين أو يدمّر البنى التحتية للدولة السودانية .. أما هؤلاء ففعلوا ذلك وأكثر واستحقوا الاسم (جنجويد رباطة) .. وأوغروا صدر كل سوداني وطني غيور (غير قحاتي) عليهم.. فحربهم بلا أخلاق بلا مبادئ كما أنها بلا أهداف مطلقاً .. نبارك للقوات المسلحة الباسلة إسدال الستار على (كابوس) التفاوض والهدن ودعواتنا لله سبحانه وتعالى أن يسدل الستار وبأيادي بنيها الأشاوس السمر قريباً على كابوس تمرد الجنجويد الرباطة .. (والوصية بالمهلة) أيها الاشاوس ألا يخرج من الذين لا يزالون بالخرطوم حيّاً ولو تعلّق بأستار الكعبة.