يوسف عبد المنان يكتب: كرري أول محلية بالخرطوم تحت قبضة الجيش

الساعة تشير إلى الثالثة ظهرا وسيارة الصديق معتصم جالي تمشي الهوينا بشارع الوادي بامدرمان والضابط الإداري الشاب سرحان عبدالله يشير إلى مول اليقين بمدينة الواحة وتجمعات كبيرة من المواطنين يتسوقون وفتيات صغار يتقافذن للفراشات بين الأزهار وأخي إبراهيم عبدالمنان يجتر زكريات الحرب في اكوبو والجكو والناصر مع المقدم عباس عبدالرحمن ومااحلي زكريات الحرب حينما تصبح قصصا تروي وحكايات في اسمار الليالي المقمرة.
بدأ شارع الوادي تعود إليه بعض من ملامحه وقليل من رحيقه ونبضبه بعد أن بسط الجيش زراعيه في كامل أنحاء محلية كرري بعض باعة الليمون والخبز الفاخر يعرضون بضاعتهم للمارة من الناس رغم تراكم الأوساخ والنفايات الا الناس يكادوا يحملون الجيش على أكتافهم بعد وضعوه في حدقات عيون نساء امدرمان أو ماتبقى منهن في المدينة العجوز.
تجاوزنا ( استوب) أو دوار كما يقول العرب جسر خور شمبات وهنا طافت بالمخيلة أسماء في حياتي وفي حياتك من سكان تلك المنطقة ووراء كل اسما قصة وحكاية من حكايات الزمن منهم اولاد الدقير محمد يوسف الإنسان الرائع ومنهم عثمان ميرغني الصحافي الذي تقلب في أحضان الإنقاذ واكل في مائدة قحت وربما أصبح قريبا من البرهان ومن ذلكم الحي الوريف أعظم نساء بلادي امال عباس العجب والصحفي الكبير الهندي عزالدين والمريخي الوسيم حسن محجوب هؤلاء عصفت الحرب من بيد إلى بيد اقصد من عاصمة إلى أخرى البيد لنا والعواصم والمدن المخملية لهم ولكن رجالات الجيش الذي لم يخون شعبه يمسكون بزناد السلاح وفي شمال خور شمبات كانت المعارك قبل أسبوعين فقط تحتدم والرصاص يخترق صمت الحي ليلا والنهب والسلب والقتل على الهوية هو سلطان الزمن الكروب وبصبر الرجال العقيد معتصم يوسف وقائد منطقة كرري العسكرية الفريق بانقا والعميد معاذ يرسمون خطة الحفر بالكوريق لدفن التمرد في محلية كرري حتى كانت ساعة النصر ظهر السبت وقوات الجيش تتجاوز زحفا صامتا مقابر أحمد شرفي وتمد يدها الباطشة غربا وشرقا وبلا ضوضاء وفي وجوه المقاتلين من كل السودان بريق الأمل وشعاع النصر.
امتزجت الهجانه بمدفعية عطبره وشوتال القضارف بنمور النيل الأزرق واسود جبال النوبة بصقور بحر ابيض ووقف العقيد معتصم متحدثا في مقطع فيديو قصير من أمام محلية كرري عن التحرير والتعمير وخرجت جموع شباب حي الدوحة والحارة الأولى ورجالا تقرأ في قسمات وجوههم فرحا ممزوجا بالترقب والخوف وهم يتسابقون في تقديم وجبة غداء الجند وتأتي الخراف من حديقة ام درمان محمولة على التكاتك والرقشات بعد أن حرم التمرد على أهل المدينة قيادة سياراتهم في شوارع مدينتهم زبحت الخراف وأعلنت قيادات الشباب عن تكفلهم بوجبات الجنود ولو مكثوا عاما.
وتسابق ملاك العمارات وهم يعلنون إخلاء سطوح المباني من القناصة الجيش.
وينتظر بعد تحرير كامل محلية كرري أمس ان تبدأ حكومة ولاية الخرطوم اليوم وليس غدا ممارسة مسؤولياتها في النظافة وصحة البيئة وفتح المصارف وعودة الضباط الإداريين.
عندما ينهي الجيش التمرد في منطقة مثل كرري يفترض أن وجدت حكومة مدنية أن تبدأ في أداء واجبها نحو انسان شقى بالحرب ولاينبغي له أن يشقى ببؤوس أداء المدنيين.

    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *