1
بدأت مايو يسارية شيوعية (حمراء)، ولم يستمر شهر العسل بينهما أكثر من عامين ، بعد أن أرادوها خالصة لهم من دون الناس ، فخربوها بأيديهم وأيدي المؤمنين فكانت قاصمة الظهر لهم وإلى اليوم في 19 يوليو 1971. وجاءت مايو بعد حل الحزب الشيوعي في البرلمان، وإجازة دستور 1968 في البرلمان أيضا وفي مرحلة القراءة الثانية. بالمناسبة كل هذه (الإنجازات البرلمانية) والفاعلية السياسية لجبهة الميثاق الإسلامي ، وعدد نواب الإسلاميين لم يتجاوز ال(5) نواب.
2
مايو عندما جاءت كانت تعرف أهدافها تماما ومن تستهدف ، لذا كان أمين جبهة الميثاق الشيخ حسن الترابي وأعضاء القيادة من أوائل الداخلين لسجون مايو قبل رئيس الوزراء ووزير الدفاع وبقية الوزراء في (الحكومة المقلوبة).
3
عارض الإسلاميون نظام مايو بعدة طرق ، منها الثورة الشعبية وكان قمتها (ثورة شعبان الطلابية) بقيادة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم برئاسة أحمد عثمان مكي (ود المكي) ، الجامعة التي اقتحمتها (دبابات نظام مايو) بقيادة أبو القاسم محمد إبراهيم ، وهتف له الطلاب الشيوعيون (حاسم حاسم يا ابو القاسم) وقال الشيوعيون يومها: (لن تكون جامعة الخرطوم جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر).
4
وكذلك شارك الإسلاميون في العمل المعارض العسكري لنظام مايو ، وذلك بمشاركتهم في (الجبهة الوطنية) مع حزب الأمة والحزب الإتحادي الديمقراطي، وقاموا بعملية اقتحام الخرطوم في 2 يوليو 1976.
5
جاءت المصالحة الوطنية في 7/7/ 1977 بعد لقاء بورتسودان بين رئيس الجبهة الوطنية الإمام الصادق المهدي ورئيس الجمهورية جعفر نميري. وشارك أعضاء الجبهة الوطنية في مؤسسات مايو التشريعية والتنفيذية والقضائية. واستفاد الإسلاميون من تلك الهدنة نظرا لخطتهم الاستراتيجية والقاضية بالإنتشار في المجتمع السوداني بكافة قطاعاته ومضاعفة العضوية (عشرة أضعاف) خاصة في القطاعات الطلابية والشبابية والنسوية والعمالية والمهنية المختلفة.
6
وكذلك الدخول في مفاصل الدولة الأساسية خاصة الاقتصاد والخدمة المدنية والجيش. وتأسيس المنظمات الطوعية خاصة الدعوية لتقتحم مجاهيل افريقيا ومواجهة التنصير وذلك عبر التعليم والخدمات الطبية والإنسانية. وكذلك الوصول إلى دول العالم الأول (أمريكا وأوروبا) لتحصيل العلوم الحديثة ونقل التجارب الفكرية والسياسية والإدارية والإقتصادية.
7
استطاعت الحركة الإسلامية ومن خلال وجودها في نظام مايو من إنزال موضوع التشريعات الإسلامية حيز التنفيذ (من التنظير إلى التطبيق) وعرفت الحركة عن قرب وتجربة (مشكلات تطبيق الشريعة) وأقرب المسالك لإنزال القيم والتوجهات الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالقوانين والزكاة والتأمين والاقتصاد والعلاقات الخارجية والعمل الطوعي والنساء والتعليم وغيرها. وجعلت الشريعة الإسلامية والدستور الإسلامي مطلب الأمة وليس مطلب جماعة محدودة وجعلت موضوع الدين في الحياة العامة (الرقم الصعب) في السياسة السودانية ولا يمكن تجاوزه ، رقم محاولات بعض النخبة السودانية (والتي أدمنت الفشل) وعلى رأسهم منصور خالد ، إلى محاولات(المستعمرين الجدد) وعلى رأسهم فولكر بيرتس.
8
وكما كان الإسلاميون أول من دخل سجون مايو ، فهم آخر من خرج منها ، فبعد هذا (التمدد الشعبي والتمكن المجتمعي) والتشريعات الإسلامية على مستوى الدولة والقانون تآمر الخارج مع النميري لطرد الإسلاميين والزج بهم في السجون ، وتوجت هذه الجهود بزيارة جورج بوش الأب نائب رئيس الولايات المتحدة وقتها ، فقام النميري بالواجب فطرد الإسلاميين وزج بقيادات الإسلاميين في السجون وعلى رأسهم الأمين العام الشيخ حسن الترابي والقيادات في العاصمة وجميع الأقاليم ، وسافر النميري للعلاج ثم العودة لتنفيذ إعدامات في صفوف قيادات الإسلاميين كما حدث في مصر أيام عبد الناصر ، ولكن هيهات هيهات لم بعد النميري ، وقامت ثورة شعبية ، وانحاز الجيش لها (عبد الرحمن سوار الدهب) وكان عمادها النقابات وعلى رأسها نقابة الأطباء (دكتور الجزولي دفع الله) . واللبيب بالإشارة يفهم.وفي الآخر خرج الإسلاميون من سجون مايو كما دخلوها أول مرة.
9
أبيات شعر هدية من تأليف الأستاذ كمال الجزولي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لفترات طويلة ، ومؤلف ديوان شعر بعنوان (دفاتر حب لمايو)، إلى الأستاذ كمال الجزولي المحامي مدون البلاغ في قضية (إنقلاب 30 يونيو) :
أنت يا مايو الخلاص
يا جدارا من رصاص
وبيك يا مايو يا سيف الفدا المسلول
نشق أعدانا عرض وطول
أن نقتل أن نشنق أن نبتر
أسهل من إلقاء تحية
أن نأخذ حد السيف
بحد اللحية
**
وأصرخ حتى ينشرخ حلقومي
مايو.. مايو .. مايو