من عجائب وغرائب سنوات حكم الحكم البائس التي شهدها السودان خلال سنوات قحت العجاف وعام الرمادة الذي تصدر فيه العسكر المشهد السياسي وتسلط فيه جبريل على معاش الناس فذاق الشعب الأمرين، الذل والفقر.
من غرائب سنوات الجدب والقحط أنها أحيت في السودان نعرات قبلية تم وأدها ودفنها من أهل السودان منذ قرون، نعم لكل قبيلته التي ينتمي إليها ويعتز بها ولكن لا توجد قبيلة تعتز بإبنها وتدافع عن رجل تولى مهمة عامة إلا في هذا العهد البائس.
خلال الأسبوع الماضي خاطب ناظر عموم الرزيقات حشد من قبيلته معلناً أن إبن القبيلة حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة (خط أحمر) وأن المساس به مساس بالقليلة.. لم يرتد صدى حديث ناظر الرزيقات حتى إحتشدت قبيلة النوبة بقاعة الصداقة معلنة أن أولادها (كباشي وأردول) (خط أحمر)!!
بالله عليكم مالذي أوصل البلاد لهذا الدرك السحيق من الوضاعة لتتدخل قبيلة كاملة للدفاع عن إبنها السياسي الذي يتعلم الحلاقة في رؤوس يتامى الشعب أو الإداري القادم من كراكير الجبال ليتعلم أصول الإدارة في أكبر شركة في طول البلاد وعرضها.
لم يتوقف الأمر لم عند قبائل حميدتي وكباشي وأردول فقد سبقهم إليها (كبيرهم) البرهان حينما تحدث لجمع من قبيلته مؤكداً ملكيتهم لأراضي وحواكير الذهب وإستضافتهم لأهل السودان بمناجم الذهب المملوكة لقبيلته ، في لحظة (هاشمية) تناسى البرهان أنه يحكم السودان كله وليس مجموعة قبيلته التي يتحدث إليها.
ظهور النعرات القبيلة وإلتفاف القبائل حول أولادها الذين تولوا قيادة الدولة يؤكد أن السودان يسير نحو منزلق خطير وعلى أتون حرب أهلية ستقضي على وحدة البلاد.
لن تتوقف موضة تضامن القبائل مع أبنائها السياسيين فحتماً ستخرج غداً قبيلة وجدي صالح المعتقل لتدافع عن فسادة وتخرجه من الحراسة (رجالة وحمرة عين) لأن إبنهم خط أحمر!!.
ليس دفاعاً عن أهل الإنقاذ ولكن لم نسمع يوماً بأن قبائل الرئيس البشير أو أحمد هارون أو د.نافع أو علي عثمان أو عبد الرحمن الخضر أو كمال عبد اللطيف أو عوض الجاز أو عبد الرحيم محمد حسين أو بكري حسن صالح أو محمد يوسف كبر أو علي محمود وبقية المعتقلين ظلماً خرجت لتهدد السلطة الحاكمة بأن إبن القبيلة المعتقل لأربعة سنوات دون محاكمة خط أحمر!!.
لم تخرج قبائلهم لأنهم كانوا أبناء لكل السودان وأولاد لكل القبائل، ويكفي أن مناصرة د.نافع كانت في القضارف ولم تكن في مسقط رأسه (تميد النافعاب).
على العقلاء في الدولة أن يلتفتوا لموجة النعرات القبلية التي ظلت تتصاعد يوماً بعد يوم ، ونخشى أن تؤدي إقالة أيٍ من أبناء القبائل في السلطة لتمرد قبيلته وإعلانها الحرب ضد قبيلة المسؤول الذي يقيله.
إذا إستمر الأمر بهذه الطريقة أخشى أن يتم إستهداف الكتاب والصحفيين بحجة إنتقادهم لأبناء القبائل لأنهم فوق النقد وخط أحمر.
أنظروا للسودان الوطن الواحد واتركوا التعنصر والتحزب للقبائل ودعوها فإنها منتنة.