آخر الليل إسحق أحمد فضل الله عالم سيدفضل

ومخيف أن نُحـدِّث المثقفين
و صديقنا المثقف حين نسأله
لماذا لا يتحدَّث عن السودان اليوم يقول
: لا أريد أن أكون …. عم سيد…. الجاويش
قال
(أيـام الإنجليز كان القطار عندما يتوقف حتى يكتمل الإعداد يبقى وبخاره يعمل لأن إعادة العمل هناك صعبة
ولأن البخار الذي يُطلق القطار يظل يعمل… ولأن لمسة واحدة لذراع هناك تجعل القطار يتحرك فإن الأوامر كانت هي ألا يترك سائق القطار مكانه أبداً
ويوماً السائق ومساعده كلاهما يذهبان للإفطار ويتركان صبياً هناك…. كل خبرته هي أنه يمسح الزيت
ويسمى (الكمرجي)…
والكمرجي يلمس الذراع الممنوع والقطار ينطلق وينغرس في الطين
وجندي هناك…لا يتهاون أبداً ويسمى عم سيد كان يشهد
والمفتش يأمر بالتحقيق في حادثة القطار
وكالعادة الجميع يتفقون على حكاية تصنع براءة كاملة للسائق
الجميع… لكن الجاويش عم سيد يرفض أن يقول إلا ما حدث
وكالعادة… أرسلوه في عطلة حتى ينتهي التحقيق
لكن الحضور في المحكمة يفاجأون بعم سيد في الجلباب قادماً
ويغلقون الباب لكن عم سيد يستدير ويطل من الـنـافـذة… نافذة غرفة التحقيق ويظل يصرخ بالحقيقة… والمفتش الذي يسأل عن صراخ عم سيد وما يعنيه يقولون له إن عم سيد هذا مصاب بجنون يجعله يصرخ بحديثه هذا في كل مكان و…
قال الصديق
: لا أشهد لأنني لا أريد أن أصبح عم سيد
ونقول له
: لكن القطار الآن من يقوده هو الكمرجي والطين أمامه هذا إن لم يكن قد وصل إليه بالفعل
…………
وعن محاولات الإصلاح التي لا مفر منها بالطبع يقول
: الدراما الإغريقية كلها تدور حول القدر والصراع معه
وأبرز ما هناك هو أنه كلما حاول الناس تحويل القدر للهروب من الكارثة كان ما يصنعونه هو كارثة أكبر..
.. …….
وفي حديثه اليائس يقول
الناس الآن في السودان هم بين التلاشي وبين العبودية…
وعن العلاج يقول… ويقول
وشيء بعيد… بعيد يلوح
والرجل الذي يقول… .. ويثبت ما يقول/ أن كلمة الدين أفسدها الإعـلام والشيوخ البُلَّه إلى درجة أنها أصبحت تثير السخط… بدلاً من أن تثير الأمل قال عن الأمل البعيد
: السوداني بين شخصية تحب الدين بالفطرة وتجهل الدين وبين شخصيات متعفنة تظن أنها مثقفة وتكره الدين..
عن الأولى.. الشخصية السليمة التي تحمل فطرة تحب العلم قال
(الإنجليزية التي صممت ومع زوجها نفذت تصميم وبناء جامعة الخرطوم قالت في كتابها
لما كنا نتابع تشييد مباني الجامعة كنت أرى امرأة… لعلها في الخمسين تأتي إلى هناك كل يوم وتبقى لساعات تتابع عملنا في شغف ولا أحد يعرفها ولا هي تحدَّث أحدا بكلمة… ولا هي تتخلف يوما عن الحضور حتى اكتمل البناء
وفي يوم الاحتفال بتكريمنا على العمل هذا كنت أجلس في الصف الأول….
ولمحت المرأة بين من يقفون بعيداً…
قالت الإنجليزية…
: وفجأة رأيت المرأة تتقدَّم وكأنها قررت قراراً…المـرأة جـاءت تمشي باندفاع حتى وقفت أمـامـي… وانحنت…
واحتضنتني بقوة قبلت صفحتي وجهي
وتحولت بقوة وذهبت واختفت..
قالت الإنجليزية
: وإلى اليوم هذا لم أرها ولم أعرف من هي ولا أحد ظن الآخرين يعرفها لكن ما أعرفه هو أنني لم أعرف في حياتي تحية للتعليم أكثر مما فعلته المرأة تلك
ولم أتلق في حياتي وساماً أرفع من تلك القبلة…)
……..
السوداني…. طينة العلم فيه هي هذه
والسودان بعد الوجوه العظيمة.. العظيمة…. في الجامعات والميادين والأدب والساسة والفنون السودان يُبتلى بقحت
…….
الحديث هذا مقدِّمة للحديث أن (عودة الإسلاميين الآن للساحة هي تحول يعيد السودان… للسودان)
ولا يأس وعم سيد يعود لكنه لن يسمح لأحد بأن يطرده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *