¤ اكاد اجزم ان اهم زيارة لمسؤول أجنبي الى الخرطوم طيلة الاربعة سنوات المنصرمة او يزيد قليلا.. كانت بقدوم رئيس جهاز الاستخبارات التركي د. هاكان فيدان امس الاول .. هو شخصية خطيرة في تركيا وصاحب النفوذ القوي.. ياتي بعد الرئيس رجب طيب اردوغان مباشرة.. الذي يقول عنه: (إنه حافظ أسراري. إنه حافظ أسرار الدولة).
¤ تتبعت مسيرة هاكان في العام 2015 ،عندما لفت انتباه كل العالم باستقالته من منصبه.. كانت استقالته المدويه التي اعترض عليها اردوغان وبشدة.. بهدف خوض الانتخابات البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية.. ولم تفلح جهود اثنائه الا بعد فترة.
¤ لتقيت وقتها مدير جهاز الامن الاسبق المهندس صلاح عبد الله (قوش) وكان يتهيأ لخوض الانتخابات كنائب عن دائرة مروي.. وسالته عن سر ميل رجال المخابرات لدخول البرلمان.. بدأ قوش معجبا بهاكان للغاية، وتحدث عنه بشكل دقيق وقدم معلومات ثرة ومدهشة عنه.. ولفت قوش انتباهي الى ان دراسة فيدان للماجستير هدفت لتطوير جهاز الاستخبارات.. وكانت وجه مقارنة بين الاستخبارات التركية والامريكية والبريطانية.. وصدقت نبؤة قوش عندما توقع مستقبل مشرق لهاكان.
¤ اشرف فيدان على تقسيم جهاز استخبارات بلاده إلى جهازين، أحدهما للداخل، والآخر للخارج، على غرار المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه).. واجاد دبلوماسية المخابرات بشكل احترافي ..ويملك خبرة واسعة في العمل الخارجي حيث كان رئيسا لوكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا).. كما انه استاذ جامعي لمادة العلاقات الدولية.. اما رسالته للدكتوراة حملت عنوان (الدبلوماسية في عصر المعلومات)
¤ قبل اشهر قلائل ورغم استمرار اشتعال الحرب الروسية الاوكرانية، جمع هاكان مديري المخابرات الامريكية والروسية في انقرا.. وسبق لاردوغان بان اشاد بادوار استخبارات بلاده في ادارة الملفين الليبي والسوري.. كما لعب هاكان دورا كبيرا في اعادة علاقات تركيا مع مصر حيث قام بزيارة القاهرة والاجتماع مع نظيرة عباس كامل.. وايضا ضبط ايقاع العلاقة مع العراق.. ويتولى بشكل مباشر ملف الامن الغذائي فيما يلي قضية القمح مع روسيا واوكرانيا.. ولعب دورا كبيرا في تنامي نفوذ تركيا في الشرق الاوسط.
¤ وبرز دور الاستخبارات التركية بشكل جلي في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في إسطنبول عام 2018.. حتى ان أردوغان باهى بذلك وقال (كان دور المخابرات الوطنية في حل لغز مقتل خاشقجي رائعاً، وجعل بلادنا تشعر بالفخر على المستوى الدولي).
¤ ان زيارة رجل بهذا الثقل والدهاء والذكاء للخرطوم تحسب لصالح جهاز المخابرات السوداني بقيادة الفريق اول أحمد مفضل.. الذي قام بترتيب الملفات بهدوء.. واعاد للمؤسسة الامنية هيبتها ووضعها في مسارها الصحيح.. نسبة للمهنية التي يتحلى بها، كونه (ود البيت).. اذ ان سلفيه ابوبكر دمبلاب وجمال عبد المجيد ابناء المؤسسة العسكرية (اولاد دفعة) مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.. وتوليا المنصب في ظروف بالغة التعقيد خاصة دمبلاب الذي خلف قوش في ابريل 2019.
¤ زيارة هاكان مؤشر صريح ان مفضل يقوم بتنسيق خارجي كبير.. ويمتلك شبكة تواصل دولية عالية المستوى وهذا مبعث طمأنينة.. لاسيما وان ملفات شائكة بالمنطقة تستدعي اطلاق يد جهاز المخابرات.. مثل الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.. العلاقات مع ليبيا ، افريقيا الوسطى التي انجز جهاز المخابرات السوداني اتفاق سلام بين فرقائها بالخرطوم.. وليبيا التي كان السودان من الفاعلين جدا في ملفها.. وكذلك العلاقة مع دولة الجنوب وحسنا فعل البرهان بتسمية مدير المخابرات السابق جمال عبد المجيد سفيرا لدى جوبا.
¤ كما ان الملف الاكثر اهمية ويديره جهاز المخابرات بكفاءة ومهنية هو مكافحة الارهاب.. وبرع فيه السودان منذ سنوات طويلة.. وتحديدا منذ احداث 11سبتمبر 2001.. وعمليات التهريب ، بجانب العديد من الملفات الداخلية في ظل موجة العمالة العاتية وحالة التناحر القبلي والتشظي السياسي.
¤ ومهما يكن من امر فان زيارة هاكان للخرطوم لها مابعدها خاصة وقد سبقتها بفترة قصيرة زيارة نظيره المصري عباس كامل.. ترى ماذا يخبئ مفضل الذي يعمل في صمت في حقيبته ؟؟