& السذاجة (السياسية) والطمع (الحزبي) ضيعا فرصاً كثيرةً (منذ ديسمبر ٢٠١٨)، ليس أقلها توحيد صفوف الثائرين لأجل مصلحة الوطن. يستوي -عندي- في هذا الحكم من كان في ٢٠١٨ على سدة الحكم ومن خرج ثائراً عليه.
& الإصرار على السخرية من فعل المخالفين، والاحتفاء بالتغبيش على المباديء بالمزايدة الفارغة (والجميع في ذلك سواء) أفضى إلى هذا الاختلاف الصفري.
& ظاهرة الحشود مقابل حشود، وشارع في مواجهة شارع، تعني استمرارية تغييب حوار أطراف الصراع (المباشر) خلف تجاذب الضغط الشعبي، وهذا نوع من (الحوار غير المباشر) يجني ثماره أفراد وجماعات لا تعبر بالضرورة عن مصلحة الوطن، وإن تحدثت باسم الجماهير.
& بداية العمل من أجل المصلحة الوطنية هي الإقرار (من منصة الحوار المتكافئ) بأن الوطن لجميع أفراده، وأن أي مصادرة للحق في المواطنة المتساوية تعني الاستثمار في الخلافات المفضية للفشل.
& فرطت الإنقاذ في إقرار الحق المتساوي في الخدمة المدنية، فقربت وأبعدت، وقدمت الولاء على الكفاءة. وأهملت معالجة الاختلالات في توزيع الثروات القومية والتنمية بين الأقاليم، إلا بلغة المدفع والسلاح، فكان من أمرها ما كان.
& استثمر معارضو مشروع الإنقاذ، وسياساتها في الحكم، تلك الاخفاقات ووظفوها في فتح قنوات تواصل مع الخارج المغاضب على الإنقاذ، وعندما سقطت كانت أولوياتهم في الحكم هي التحكم في التشريع والثقافة والتعليم، باسم حراك ديمقراطي لم تحظ الديمقراطية فيه بنصيب (غير الكلام).
& نسي هؤلاء أن مبدأ العمل على مصادرة التشريع لحق المواطن في ممارسة اعتقاده وشرائعه، والسهر على صناعة ثقافة رسمية تناهض ما ينشده المجتمع من قيم، يعد استلاباً لحق وجودي أصيل لا معنى للوطن من دونه؛ فهذه من نوع الحقوق التي يجب أن يتساوى فيها معتنقي الأديان عموماً، وبالقانون.
& أما أولئك، فقد نسي قياداتهم أن ضياع الحقوق المدنية والتنموية يولد إصراراً عند أصحابها سقفه الانتصار لانتزاعها بالمدافع والسيوف.
& لأجل هذه الحقوق وتلك يستمر هذا التجاذب السياسي البائس. البؤس ليس سببه تلك الحقوق المشروعة، حاشا لله. هو بائس لأن قياداته يتحكم فيها لجام الأيديولوجيا الصراعي، العدمي. هذه القيادات تفتقد فقه إدارة الاختلاف وترشيده.
& النتيجة معالم فشل عريض، عنوانه الاحتراب والموت والنزوح وغياب الأمن، في أطراف الوطن (المكلوم) وفي عاصمته (الوسخانة) … وكما تكونوا يولى عليكم.
& محدثكم يؤمن بحق الجميع في اعتناق ما يشاء، لكنه يرفض (بكل وسيلة مشروعة) أن يكره على فعل أو قول أو اقرار. ولذلك يضطر أحياناً أن يعود للكتابة، وينافح.
& ثم أما بعد:
لماذا لا نتعاون على ترجمة تلك العبارة (الجميلة) التي يرددها بعض الساسة -والله أعلم بالنوايا: الحرية لنا ولغيرنا؛ فالحرية هي الداء وهي الدواء، كفلها الله للإنسان (الذي كرمه على خلقه بنعمة العقل والتمييز) كما كفلها لإبليس (المغرور) عليه اللعنة. ولتكن تلك العبارة بوصلة حوارنا الوطني، لا التسوية أو التطبيع مع الفشل. ولله الأمر من قبل ومن بعد.