البعد الاخر :مصعب بريــر يكتب…محاذير يجب مراعاتها قبل إستخدام الرش بالطائرات لمكافحة حمى الضنك (2) ..!

تشرفت بتعليق كبير المستشارين بمؤسسة زايد الدولية للبيئة بدبي، بروف عيسى محمد عبد اللطيف، الرئيس الاسبق للجمعية السودانية لحماية البيئة على مقالى حول الرش بالطائرات، وارفاقة لمقال قيم ارسله للاستاذ عثمان ميرغنى فى 25 نوفمبر 2008م حينما طالب الاخير السلطات بالتدخل بالرش الجوى لتقليل كثافات البعوض والذباب التى غزت الخرطوم انذاك بعنوان :

(الرش بالطائرات لا وألف لا يا باشمهندس ..!)

لاهمية المقال رأيت الاكتفاء بنقله كاملا فى هذه الحلقة ..

الأخ الباشمهندس عثمان ميرغني التحايا والود من بلاد الغربة والشتات نحييكم ونزف لكم الشكر الجزيل على عمودكم الأغر الذي نتابع من خلاله مستجدات الوطن خاصة هموم أهلنا اليومية وما يتم إنجازه لهم أو عليهم ، فنحن نقرأ العمود يومياً تقريباً من خلال الشبكة العنكبوتية صاحبة الفضل الأكبر في وصلنا بالأهل والأحبة في هذا الزمان ..

بالأمس (25 /11/2008) قرأت في عمودكم ما أقلقني في شأن الملاريا والبعوض .. ولا لوم على شخصكم في هذا .. ولكن لكل منا تخصصه .. والتخصص أمانة .. نسأل الله أن يعيننا على أدائها .. إذ لا خير في علم لا ينفع …

أخي القصة طويلة ولكن بإختصار في أوائل تسعينات القرن الماضي .. كنت رئيسا للجمعية السودانية لحماية البيئة ويا لها من مسؤولية في سوداننا المترامي الأطراف .. وكان الوضع الصحي في عاصمة السودان كما وصفته أنت في عمودك .. يعني “البعوضة هارية الناس” ، فقرر وزير الشئون الهندسية حينها ، بالتنسيق مع وزير الصحة الولائي ، الرش الجوي للقضاء على البعوض .. فبعثت الجمعية السودانية لحماية البيئة برسالة إلى وزير الشئون الهندسية مفادها أن الرش بالطائرات حسب المراجع العلمية يضر أكثر مما ينفع وأن الدراسات أثبتت أن ما يصل من المبيدات إلى الهدف المنشود (البعوضة) لا يتعدى الـ 15% والباقي لا يذهب هدراً فحسب بل يسبب أضراراً بالغة للإنسان والحيوان (خاصة أصحاب الحساسيات والأزمة) وللنظام البيئي عامة عبر تلوث الهواء والماء والتربة .. وأن الرش الجوي لا يؤدي الغرض المنشود بمكافحة الآفات بصورة إقتصادية إلا في حالة المساحات الزراعية الشاسعة وفقط عندما يكون الهواء ساكنا بعض الشئ وليست هناك رياح تحمله بعيداً ..

كان رد السيد الوزير منطقيا وهو أن القرار قد صدر ولا يستطيع إيقافه .. ولكنه يمكن أن يطبق نصيحة الجمعية في المرات القادمة بشرط أن تقوم الجمعية بدراسة ميدانية قبل وبعد الرش لتثبت ما تقول .. وقد قبلت الجمعية التحدي وقامت بتوفير ميزانية للدراسة وشكلت فريق قام بأخذ عينات من البعوض الطائر ويرقات البعوض في المياه الراكدة .. و وزع استمارات على المواطنين في مواقع مختارة وتم رصد البهائم والدواجن وحالتها الصحية .. بعد ذلك قام الفريق بمتابعة طائرة الرش وجمع المعلومات على فترات لمعرفة ما تم من تغييرات بالنسبة للبعوض وصحة البشر والحيوانات والدواجن وتلوث الماء والتربة بعد الرش ..

وبناء عليه أعدت الجمعية تقريرا علمياً من حوالي (45) صفحة يؤكد ما ذكرته الجمعية من قبل أن الضرر أضعاف النفع ، بل يكاد يكون كله أضرار صحية وبيئية وإقتصادية ، إذ كان الأثر السلبي على أصحاب الحساسيات والدواجن وبعض البهائم كبيرا دون تغيير يذكر في أعداد البعوض .. وقد تم تغليف التقرير وتسليم نسخ منه للسيد الوزير .. وحمدنا الله أن وفقنا إلى إقناع السلطات “بيان بالعمل” ..

إلا أننا فوجئنا السنة التي تليها بالسلطات الصحية تقرر الرش بالطائرات .. وكأنا يا بدر لا رحنا ولا جئنا .. وكان تبرير وزير الشئون الهندسية أن وزارة الصحة الولائية هي التي قررت الرش وليس هو .. وكأنما كل وزارة من كوكب آخر ..

وقد تسألني ما الحل إذن ؟ أقول لك الحل في الإعتناء بصحة البيئة على المستوى المحلي بالنظافة وتجفيف المياه الراكدة .. وإن تعذر التجفيف يجب تغطيتها بالزيوت الراجعة .. وآخر العالج الكي وهو رش المبيدات موضعيا وفي أماكن تواجد يرقات البعوض مباشرة .. و أما البعوض الطائر فهو لا يعيش كثيراً ولو منعناه من التوالد لانتهت المشكلة في وقت وجيز.

أخي عثمان .. لا يستفيد من الرش بالطائرات إلا أصحاب الطائرات التي تؤجر بالشئ الفلاني وصانعوا وبائعوا المبيدات ومن لف لفهم ..! وعليه ها أنا قد نقلت ما لدي من معلومة علمية وما يترتب عليها من مسؤولية إليك وأنت الآن أصبحت مسؤولا أمام الله و أمام الشعب السوداني الكادح ..

أسأل الله العلي القدير أن يوفقك إلى حمل هذه الأمانة والسعي لتوصيلها إلى الجهات المعنية من سلطات وأناس يطالبون بالرش .. كما أرجو أن يسمح وقتكم الغالي بزيارة إلى مقر الجمعية السودانية لحماية البيئة بالعمارات شارع 57 .. منزل الراحل المقيم الشاعرمبارك المغربي، طيب الله ثراه، راجياً أن يكون تواصلك معها مستمراً في كل ما يتعلق بشئون البيئة .. هاتف الجمعية: 3471897 و3475651 أو الإتصال بالأستاذ عادل محمد على 0912642060 للإطلاع على الدراسة ..

أخوكم عيسى محمد عبد اللطيف
كبير المستشارين بمؤسسة زايد الدولية للبيئة بدبي
رئيس سابق للجمعية السودانية لحماية البيئة
من دبي في 26 نوفمبر 2008م

بعد اخير :

صحة البيئة هى الحل ، هكذا قالتها الجمعية السودانية لصحة البيئة منذ العام 2008م ، ولكن نقول لهم ، لكنت اسمعت لو ناديت حيا ..

حسبنا الله ونعم الوكيل

اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين

21 نوفمبر 2022م
musapbrear@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *