قال لي صديقي سعادة اللواء: إنه كان يزور النميري، رحمه الله، بعد أن عاد للخرطوم بتشجيع وترتيب من عمر البشير.
قال اللواء: إنه سأل النميري عن صحة المتداول من أنه كان يضرب الفاسدين؟ قال: إن النميري أجابه بقوله:
«والله، ما دايماً».
فالنميري لوطنيته ولطهارة يده ما كان يحتمل الفساد والفاسدين، ينفعل فيضرب بيده؛ لأنه يراهم مخربين للوطن.
وحين امْتَنّ عليه القذافي بقرض كان أقرضه السودان طلب النميري من كل السودانيين سداد القرض «بقرش الكرامة».
ولما تجاوزت المبعوثة الإنجليزية روزالند مارسدن حدود اللياقة والأدب الدبلوماسي، لم يتوانَ البشير في أن «يصرف لها بركاوي»، ومذكراً إياها بتاريخ الهيمنة والسيطرة ونهب ثروات الشعوب الذي كانت تمارسه بريطانيا.
ويقيني أن ذلك سَرّ عبد الله ود جاد الله «كسّار قلم ماكميك»، وكأني به جلس في قبره وهو يقول: «هلّلا، هلّلا، عافي منك يا ولدي».. ويحمل عصاه يُبَشّر بها.
أما مثال الرزانة والحنكة المشير سوار الذهب، فلم يكن يرضى خنوعاً ولا خضوعاً لضغوط الغربيين ولا اليساريين الذين سمَّوا أنفسهم قوى ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، وكان من بين مطالبهم إلغاء قوانين الشريعة التي سموها قوانين سبتمبر!! ولأنهم مراوغون يفتقرون للشجاعة ما أمكنهم أن يسموها قوانين الشريعة، هذا مثل تسميتهم اليوم للدولة العلمانية بالدولة المدنية!!
📍ونظراً للحال المايل، الذي يمر به السودان والحاجة الماسة لرئيس يقوده، انعقدت لجنة عطاءات لفرز مقدمي طلبات لمنصب رئيس / قائد للجيش.
وقصدت اللجنة أن يهتدي مقدمو عطاءات توريد رئيس للسودان/ قائداً للجيش بنماذج الأمثلة أعلاه.
مما يجدر ذكره أن لجنة فرز العطاءات مكونة من شخصيات محترمة فيها علماء ومختصون في شتى ضروب المعرفة وشيوخ وزعماء قبائل وشباب مستنير.
في أول اجتماعاتها خاطبها رئيسها بحضور صحفيين سودانيين وأجانب باللغتين العربية والإنجليزية، وقال: إنهم يسعون لرئيس تتوافر فيه الشروط الآتية:
- ما نحتاجه هو قائد يستخدم عقله لخيرنا لا طبنجته المعمَّرة لتهديدنا.
- تسترشد اللجنة في عملها بالسوابق التاريخية، التي أكدت على رفض التدخلات الخارجية، وتقبل صرف «البركاوي» للأجانب المتدخلين.
- ولأن اللجنة اطلعت على ما نشرته صحيفة (الميدان) في 2013 أن الحزب الشيوعي هو الذي كوَّن لجان المقاومة، فلن تقبل اللجنة أساليب الثعالب في استخدام واجهات هي في الأصل الحزب نفسه مغلفاً بغلاف جديد.. وينطبق هذا على ما يُسمى الاتحادي الموحد، الذي هو أيضاً واجهة مزورة.
- لن تقبل اللجنة طلبات من كاذب وخاصة ممن كذب على رؤوس الاشهاد بوجود 64 مليار دولار في ماليزيا، مثل المدعو محمد عصمت، وثبت أنها فرية شنيعة، جعلت الحكومة الماليزية تسخر من السودان.. وينطبق هذا الشرط على الكذابين أمثال أعضاء لجنة الأطباء المركزية الشيوعية، والمرتشين/ الكذابين مثل بعض أعضاء تسييرية المحامين.
- ترجو اللجنة من رئيس وأعضاء لجنة التمكين عدم تقديم طلبات إلّا بعد رد مليارات الجنيهات، التي سرقوها، وانقضاء فترة محكوميتهم.
- أمّا السيد الفريق البرهان فتطلب منه اللجنة الامتناع حتى عن المرور قرب مقرها وذلك للأسباب الآتية:
- أنه يشكل خطراً على الأمن القومي بكسره للقاعدة المعروفة، التي تُعرّف الدولة بأنها: «الكيان الوحيد الذي يحتكر القوة».. « The Only Entity Which Monopolizes Power» .
- فهم الناس كيف أنه يتآمر مع حميدتي الذي يتمدد ويُخرّج الآلاف من الجنود المدربين، ويتركه يتزود بالسلاح من الإمارات غصباً عن الجيش، ويتركه يفسد الحياة السياسية بشرائه الذمم، للحد الذي يذهب فيه مناديبه لطيبة الحسناب طالباً من المواطنين هناك التصويت لحميدتي كرئيس مُقبل مقابل مركز صحي يبنيه لهم، ويفعل نفس هذا الفساد مع شيوخ الطرق الصوفية وزعماء القبائل، ويجهز نفسه كحفتر للسودان.. والبرهان ساكت.
- ترك حميدتي يسيطر بماله الحرام على بعض منسوبي الأجهزة الأمنية، ويحتل بجيشه الضِرار ممتلكات مولانا الميرغني.
- أن البرهان يوالي أحزاباً مجموع ما حازته في كل الانتخابات السابقة ثلاثة مقاعد، وبعضها لم يحرز مقعداً واحداً، ويتجاهل عمداً الأكثرية، فخلق انقساماً مجتمعياً يشكل خطراً على استقرار البلد.
- أنه جعل البلد نهباً للسفراء وأجهزة المخابرات، حتى أصبح السفير الأمريكي يهدد ناظر البني عامر، وحتى نائب الحزب الاتحادي الأصل، ويجتمع بلجنة الأمن في القضارف، وينفق مع سفراء آخرين المال السياسي لشراء ذمم ناشطين وسياسيين وعلى منظمات تعمل على تغيير القيم وتغريب «Westernizing» المجتمع، بل وبعضها يعمل لنشر الرذيلة وعمل قوم لوط.
- يفتقر السيد البرهان لأي رؤية لنماء الوطن.. و«حيث تنعدم الرؤية ينعدم الأمل»، كما قال رئيس اللجنة بالإنجليزية:
.«Where there is no vision, there is no hope».
ومردفاً: أن «القيادة هي ترجمة الرؤية لحقيقة»
» Leadership is the capacity to translate vision into reality.«
وثبت هذا على البرهان وهو على رأس الدولة لمدة قاربت أربع سنين، لكنه متشبث بالرئاسة رغم فقره هذا. - وفي عهده حطم، أو ترك القحاتة يحطمون الاقتصاد وكل مرافق الدولة.. وحطم أجهزة العدالة عبر لجنة التمكين، فصودرت حقوق المواطنين دون أحكام قضائية، فلم يعد في البلد قانون سائد. وقال رئيس اللجنة بالإنجليزية، التي يتقنها، مقتبساً أرسطو:
»At his best, man is the noblest of all animals; separated from law and justice he is the worst .«
«إن الإنسان هو أنبل الحيوانات، لكنه يغدو أسوأها على الإطلاق إذا فُصلَ عن القانون والعدالة».
وتساءل: كيف يترك هذا الرجل بلداً بلا محكمة دستورية لسنوات إن كانت نواياه حميدة؟! - البرهان لا يعرف أن الحاكم أنما هو خادم شعبه.. بالطبع نحتاج لحاكم قوي، لكن البرهان فظ «rude»، وحاكم عطوف، وثمة فرق بين العطف والضعف.. ونحتاج حاكماً جريئاً لكنه ليس متنمراً بطبنجته، ومتواضعاً لكنه غير متردد كصاحبنا، وأن يكون معتزاً بنفسه من غير غطرسة.
- ليس للبرهان معرفة بالحضارات والثقافات.. ورغم ذلك ورّط نفسه والوطن فقبِل أن يغيِّر الغربيون وأذنابهم هويتنا وثقافتنا عبر تغيير القوانين وتسخير المنظمات والإعلام.. يفعل هذا بالتناقض مع ما تريده الأغلبية الساحقة..
يقيني أن ادعاءه أنه مضغوط – رغم أنها ليست مبرراً – إنما هي كذبة..
فالرجل أصيل ومشارك في المؤامرة. - قام البرهان بتشليع وإضعاف الجيش.. فلم يكد يترك كفاءة في ضباطه.. بل إن القادم أسوأ، فهو يعد الآن كشوفات سيحيل بها المئات منهم للمعاش، بتشجيع حميدتي.. وكفاه عيباً أن ينقل الضباط الذين لا يحبهم السفير الأمريكي وقحت، وما الحوري إلّا مثال واحد.
- يفتقد الرجل القدرة على التمييز، هذا إن أحسنت به الظن.. فقد جمع حوله أهل الجهالة والدناءة، الذين يعتاشون على أموال السفارات، وجمع أهل اللؤم والقتلة، ودونكم عرمان.
- لا تشترط اللجنة أن يكون مقدم الطلب خريج جامعة.. وليس شرطاً أن يكون «لِبّيس ومن هيئة التدريس»، لكنها تشترط أن يكون أكمل الابتدائية (أبعد بعيد يا حميدتي).
- في آخر الاجتماع خلص رئيس اللجنة إلى أن البرهان غير أهلٍ للتقديم «Disqualified».
- خلصت اللجنة إلى أن تحطيم أمة لا يحتاج لاستخدام قنبلة ذرية، فقط يكفيها أن تصاب ببرهان يقدم ذاته ونفسه على مصالحها.
وترتيباً على ما جاء أعلاه يرجى ممن يأنس في نفسه الكفاءة التقديم لمنصب الرئيس/ قائد الجيش.♦دكتور ياسر أبّشر ————————————- 17 نوفمبر 2022