شهد مركز الحاكم نيوز بالأمس تدشين قوات جديدة موازية للحركات المسلحة أطلق عليها (قوات دعم الوطن).. وظهر فيها ضباط جيش متقاعدون؛ منهم العميد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي الأسبق للجيش واللواء محمد رحمة الله .. المؤتمر الصحفي المثير حمل عدة رسائل في جملة من الاتجاهات.
الصوارمي أكد وهو القائد العام لهذه القوات؛ أنهم لا ينتمون لأي ولاية أو حزب سياسي وليسوا ضد القوات المسلحة لكنهم كونوا هذه القوات لعمل توازن عسكري للولايات التي كونت لها قوات مقاتلة تمكنت عبرها من استلام مناصب عليا بالدولة.. وقال ندعم القوات المسلحة إلى جانب الاجهزة الامنية الاخرى تحقيقاً لشعار جيش واحد شعب واحد.. وقال نحن (تجمع سياسي عسكري ثقافي قومي).
وساقت المجموعة التي كونت هذا الكيان آراء (موضوعية ومنطقية)؛ بسبب ما آلت اليه الأمور في السودان؛ بعد ثورة ديسمبر؛ اكتشف هؤلاء أن اتفاق جوبا للسلام ما جاء الا للمحاصصات و(عطاء من لا يملك لمن لا يستحق).. لذلك جاءت أول مطالباتهم (إلغاء) اتفاق جوبا للسلام.. وهو ليس الرأي الأول ولا الاخير حوله؛ فقد نادت وثيقة المحامين الدستورية بمراجعة اتفاق جوبا.
مثل هذه الجيوش والكيانات؛ ما تكونت الا بسبب (اختلال) العدالة في السودان؛ وتراجعها لصالح جهات لا تمثل السودان (القومي) بتماسكه المتعارف عليه.. وما قامت مثل هذه الدعوات الا لأن القوات المسلحة نفسها.. برمزيتها (القومية) التي لا يختلف عليها؛ اصبحت هي موضع المطالبة بـ(التفكيك)؛ بل إن البعض رفع عقيرته بأن تكون قوات أخرى؛ هي أساس القوات المسلحة المستقبلية.
اكتشفت هذه المجموعة أن (المطالب والحقوق) باتت تنتزع عن طريق السلاح؛ أو على اقل تقدير؛ هذا ما شرعنت له اتفاقية جوبا للسلام.. خروج هذه القوات بتوصيف أنها (قوات قومية) لها في كل ولاية قوة وعدد ومساندون.. أنها أرادت أن ترفع شأن (القومية) وراية الوطن.. ولكن -في اعتقادي- ان ذلك تم في الوقت الخطأ.. أو على أقل تقدير بعد أن (وقعت الفأس على الرأس).
المخطط الأجنبي لتقسيم السودان يمضي بسرعة شديدة وصرنا قريبين جداً من نهاياته.. طالما اصبحت هذه هي طريقة تفكيرنا و(عقليتنا) التي نقيس بها الأمور.. في السابق كانت مثل هذه الآراء أو الدعوات من (المحرمات).. مجرد أن تدعو لتكوين (قوة عسكرية) خلاف الجيش النظامي تواجه ما تواجه من اتهامات وربما اعتقال ومحاكمة؛ ولا تستطيع أن تفعل ذلك الا خارج حدود الوطن-تماماً مثلما نشأت كل حركات التمرد-؛ ومجرد التفكير في مثل هذه الأمور يكون الشخص قد دخل مناطق (محظورة ومحرمة).. ويعاقب عليها القانون.
اليوم زال مثل هذا (التجريم) ولم تعد مثل هذه المناطق محظورة.. بسبب ما طال السودان من تغييرات بعد ثورة ديسمبر.. فقد أصبح من حق أي أحد أن يشكل القوة التي يريدها؛ وان يطالب بحقوقه وعشيرته والأقربين.. تماماً مثلما فعل المجلس الاعلى لنظارات البجا بالأمس مطالباً بحق تقرير المصير.. ولا ندري لمن الدور غداً.. فأيام السودان صرن حبالى يلدن (كل عجيب)