وكالات : كواليس
أكد أساتذة لغة ومترجمون أن التطور في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والعلوم الحاسوبية، لا يمكن أن يغني عن المترجم البشري رغم اعتماد أكثر من 80% من المترجمين حول العالم على هذا النوع من التقنية.
وأضافوا -خلال ملتقى الترجمة الثاني الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة في 3-4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بوزارة التعليم بالسعودية- أن الترجمة الحاسوبية التي تعتمد على برمجيات الذكاء الاصطناعي قد تساعد -دون شك- في إنجاز أعمال المترجمين البشريين، ولكنها تظل عاجزة أمام بعض النصوص مثل الكتابات الأدبية والشعرية وأنها لا يمكن أن تحل محل العنصر البشري في هذا المجال.
وناقش الملتقى، الذي عقد بمدينة الرياض تحت عنوان “ترجمة المستقبل.. الترجمة والتقنية”، جوانب من توجهات الترجمة الحديثة، ودور الذكاء الاصطناعي والتقنية في صناعة الترجمة ومستقبل المترجم البشري في عصر الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الترجمة الأدبية في عصر التقنية، وترجمة الأفلام وألعاب الفيديو.
وفي هذا الصدد، أكد أستاذ اللغويات الدكتور محمد الزهراني -بإحدى جلسات الملتقى- أنه رغم التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي، فإنه يجب الانتباه إلى سوق الترجمة، الذي لا تتساوى فيه حصص اللغات في العالم، حيث إن 80% مما يترجم هو من نصيب 4 لغات فقط ليس من ضمنها اللغة العربية، وهذه إشكالية في حد ذاتها.
وأضاف، في الجلسة التي ناقشت “دور الذكاء الاصطناعي والتقنية في صناعة الترجمة”، أن 80% من المترجمين حول العالم يستخدمون ذاكرات الترجمة من خلال برامج الترجمة الإلكترونية، لافتا إلى عدم وجود ذاكرات ترجمة عربية موثوقة، وأنها إنْ وجدت فهي ما زالت في البداية، مما يؤكد الحاجة لوجود ذاكرات عربية مصنفة إلى جانب المكانز اللغوية (مجموعة كبيرة من النصوص المنظمة والمهيكلة).
⭕️الجلسة الرابعة (ترجمة الأفلام و المحتوى المرئي)#ملتقى_الترجمة_2022
١/ ذكر @mustafaibrahems أهمية مراعاة الاختلافات الثقافية عند الترجمة السينمائية
٢/ركز @AbdulrahmanTR على أن ترجمة الأفلام مجال واعد في العالم العربي وبالأخص السعودية وترجمة الأفلام جزء من الترجمة السمعبصرية pic.twitter.com/pUEVCsOfYW
— SHATHA🌐 (@Shatha_life) November 5, 2022
ذاكرات الترجمة
من جهته، عرّف الدكتور عبد الرحمن العصيمي مدير إدارة البيانات اللغوية المكلف، ذاكرات الترجمة بأنها البيانات التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي ليقوم بأداء مهمته، وأنها شكلٌ من أشكال البيانات التي تمثل جُمَلا متقابلة لتسريع عملية البحث.
وأوضح أن هذه الذاكرات تعد أدوات تساعد المترجمين في أداء أعمالهم، ولكن ليس من المفترض أن تكون بديلا عن المترجم البشري نفسه.
وقال الدكتور ظافر طحيطح، الحاصل على درجة الدكتوراه في دراسات الترجمة، حول اللغويات الحاسوبية ودورها في تحليل النصوص وترجمتها في المستقبل القريب -في حديثه للجزيرة نت- إن العلوم الحاسوبية أسهمت في تطور مجال الترجمة في عدد من المسارات، ابتداءً من المعاجم الإلكترونية، والذاكرات الترجمية، وصولًا إلى برمجيات الترجمة الآلية التي تطورت كثيرا في الآونة الأخيرة خصوصًا مع توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف طحيطح أن من أبرز مجالات الترجمة التي تتقاطع مع علوم الحاسوب، هو مجال توطين البرمجيات، وألعاب الفيديو، وتطبيقات الجوال، مشيرا إلى أنه لا يخفى على المهتمين بالترجمة أهمية التقنيات الحديثة في مجالات الترجمة الأخرى مثل الدبلجة والسترجة (ترجمة الشاشة)، أو حتى في الترجمة الشفوية عبر الإنترنت، وهو الأمر الذي كان مهمًا خلال فترة جائحة كورونا.
كما ناقش المشاركون إمكانية الاعتماد على الترجمة الإلكترونية في ترجمة النصوص الأدبية، واعتبروا أن ذلك من الصعوبة بمكان، لأنها نصوص جمالية تتطلب نوعا مميزا من المهارة لنقل المشاعر والعواطف التي تتضمنها هذه النصوص إلى الآخرين، حيث يجب أن تنتج الترجمة نصوصًا جمالية من النص الأصلي، مما يطرح تساؤلا حول إمكانية مساعدة التقنية الحديثة في تذليل صعوبات الترجمة الأدبية.
وفي هذا الإطار، أكدت الدكتورة السعودية ناجية الغامدي، الأستاذ المساعد في قسم اللغة الإنجليزية والترجمة بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود، أن الآلة لا يمكن أن تحل محل المترجم الأدبي البشري في وقتنا الراهن، مشيرةً، في الجلسة التي حملت عنوان “الترجمة الأدبية في عصر التقنية.. سحر البيان أم التبيان؟”، إلى تطويع التقنية لمساعدة المترجم، ولكن ليس في استبدالها به أو حلولها محله، خاصة في مجال الترجمة الأدبية.
ووافقتها الرأي المترجمة المصرية يارا المصري قائلة إن الذكاء الاصطناعي والتقنية ليس بوسعهما أن يترجما نصا أدبيا كما يفعل المترجم الإنسان، لأن ذلك يتطلب خوارزميات تطابق المخ الإنساني ذاته، كما أن اللغة بتغير الدلالات تصبح عبئا إضافيا على الآلة.
وأضافت يارا المصري أنه حتى في الوقت الحالي لا يمكن لمواقع الترجمة المتطورة على الإنترنت أن تترجم نصا مباشرا بشكل صحيح.
وتناولت الكاتبة والمترجمة الكويتية دلال نصر ما يتعلق بترجمة الشعر، واصفة ترجمته -باستخدام التقنيات الإلكترونية- بالـ”مشكلة” نظرا لخصوصية الشعر، وما يتعلق بأوزانه وبلاغته التي لا يمكن نقلها عبر الآلة.
وأوضحت أن الاستعارات على سبيل المثال هي التي تدلنا على مهارة المترجم لأنها تتطلب فهم اللغة المنقول عنها وإليها فهما كاملا، فالاستعارات لا تُفهم إلا بفهم السمات الدلالية، وحتى الآن تظل الآلةُ عاجزةً عن فهم ذلك.