وكالات : كواليس
يسعى لبنان إلى إعادة كسب ودّ الجزائر من أجل حلّ أزمة الوقود المستمرة التي يعاني منها، والتي أدخلت البلاد في ظلام شامل أكثر من مرة.
وفي هذا الإطار، وصل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى الجزائر لتمثيل لبنان في القمة العربية، في دورتها الـ31 التي ستُعقد يومي الثلاثاء والأربعاء 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني.
حرص رئيس الحكومة اللبنانية على اصطحاب عدد من المسؤولين معه، وفي مقدّمتهم وزير الطاقة وليد فياض، الذي من المتوقع أن يعقد جلسة مباحثات مع نظيره الجزائري محمد عرقاب على هامش الزيارة.
وأشار بيان لرئيس الحكومة اللبنانية -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض سيُجري محادثات مع المسؤولين الجزائريين تتناول التعاون النفطي بين البلدين.
ويعمل لبنان على توسيع دائرة المصادر لتأمين الوقود اللازم لمعامل الكهرباء، في إطار جهوده لزيادة ساعات توافر التيار الكهربائي، وتخفيف الضغط على شبكة الكهرباء اللبنانية.
أزمة الطاقة في لبنان
قبل نحو شهرين، كشف وليد فياض أن وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب أبدى استعداد بلاده للمساعدة بحلّ أزمة الطاقة في لبنان.
أكد فياض، وقتها، أنه أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الجزائري الذي عبر عن رغبة بلاده مساندة لبنان في موضوع الوقود.
ويحتاج لبنان إلى نحو 3 آلاف ميغاواط من الكهرباء تقريبًا، وانحصر إنتاجه مؤخرًا بالمحطات الكهرومائية، التي تصل قدرتها الإنتاجية إلى نحو 100 ميغاواط، مع تراجع المحطات العاملة بالوقود التي تقتصر إمداداتها على الوقود الذي يزوّدها به الاتفاق مع الحكومة العراقية.
شحنة الوقود المغشوش
أعادت مساعي لبنان في استيراد الوقود من الجزائر لمواجهة أزمة الكهرباء في البلاد، إلى الأذهان، أزمة شحنة الوقود الفاسدة، والتي بموجبها أنهت سوناطراك الجزائرية تصدير النفط إلى لبنان.
ويعمل لبنان لحلّ الإشكالات مع سوناطراك، بعد أن أدى الخلاف السابق لوقف صادرات الوقود الجزائري المشغّل لمحطات الكهرباء في لبنان.
وأوقفت الجزائر تزويد لبنان بالوقود في نهاية عام 2020، على خلفية تَفجُّر قضية “استيراد الوقود المغشوش”، بعدما أدان القضاء اللبناني 12 شخصًا في 13 مايو/أيار 2020، ووجّه لهم تهمًا تتعلق بـ”جرم التقصير الوظيفي وتقاضي رشاوى وتغيير تقارير”.
ورأت الجزائر أنها “غير متورطة بأيّ شكل من الأشكال في هذه القضية”، وهددت باللجوء إلى التحكيم الدولي ضد وزارة الطاقة اللبنانية، بسبب عدم تسديد ثمن شحنات وُرِّدَت خلال المدة الماضية.
وكانت سوناطراك قد أخطرت -عبر فرعها في لبنان- وزير الطاقة اللبناني السابق ريمون غجر، في الرابع من يونيو/حزيران 2020، عدم رغبتها في تجديد عقد توريد الوقود لـ”مؤسسة كهرباء لبنان” الذي ينتهي في فبراير/شباط 2021.
تأجيل الزيارة
كان من المقرر أن تكون زيارة وزير الطاقة اللبناني إلى الجزائر في الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر أكتوبر/تشرين الأول، إلّا أنها لم تُعلَن وسط تأكيدات بتأجيل الزيارة من الجانب الجزائري.
وقال فياض في تصريحات خلال سبتمبر/أيلول الماضي: “دعاني الوزير عرقاب إلى زيارة الجزائر لمناقشة الملف، وهذا ما سأفعله في الأسبوع الثاني أو الثالث من الشهر المقبل- يقصد أكتوبر/تشرين الأول-“.
وفي منتصف الشهر الجاري، تلقّى فياض رسالة من نظيره الجزائري، يخبره فيها بتأجيل زيارته التي كانت مقرّرة إلى الجزائر في 18 و19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، واعدًا بلقاء خلال نوفمبر/تشرين الأول المقبل.
ويرفض الجانب الجزائري استقبال الوزير اللبناني، في ظل عدم تنازل مؤسسة كهرباء لبنان حتى اليوم عن الدعوى التي رفعتها ضد شركة “سوناطراك” الجزائرية، على خلفية قضية “الوقود المغشوش” التي اشتعلت في أبريل/ نيسان 2020، بعد اتهام الحكومة اللبنانية للشركة الجزائرية ببيعها وقودًا مغشوشًا نُقل عبر باخرة نقل خاصة بالشركة الجزائرية، وفق ما ذكرته صحف محلية لبنانية.
لا يمكن لكهرباء لبنان التنازل عن الدعوى، وإلّا فهي تُبرّر بذلك موضوع الدعوى، وهو “وجود سمسرات ورشاوى” في العقد الموقَّع مع “سوناطراك” التي عادت واشترطت في يناير/كانون الثاني عام 2021 سحب الدعوى، وإذا لم يحصل ذلك، فستلجأ إلى التحكيم؛ لكون الاتهامات يجب توجيهها إلى مكانٍ آخر، لا صوبها”.
برّر وزير الطاقة الجزائري في خطابه إلى فياض ارتباطه بالتزامات عاجلة طرأت على برنامج عمله خلال هذه المدة، ولا يمكن تأجيلها.
أزمة التمويل
يواجه لبنان- بالإضافة إلى أزمة شحنة الوقود المغشوش وأزمة التقاضي التي لا تزال متداولة مع لبنان- تحديات في إيجاد التمويل اللازم لشحنات الوقود الجزائري.
ووقفت أزمة التمويل حاجزًا أمام لبنان لإتمام صفقة الغاز المصري، واستيراد الكهرباء من الأردن، بعد أن اشترط البنك الدولي إجراء إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة.
ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي، دفع إلى زيادة عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في البلاد لأكثر من 22 ساعة، لعدم توفر الوقود اللازم لمحطات الكهرباء.
ويعتمد لبنان بشكل رئيس على صفقة النفط العراقي، والتي وُقِّعَت قبل نحو أكثر من عام، وجُدِّدَت لمدة عام مؤخرًا، وبموجبها تسدّد بيروت ثمن الصفقة بالخدمات.
وتسعى وزارة الطاقة اللبنانية إلى تشكيل هيئة منظمة لقطاع الكهرباء في لبنان، إضافة إلى رفع تعرفة مؤسسة كهرباء لبنان تنفيذًا لمطالب البنك الدولي، من أجل تأمين التمويل اللازم للقطاع.