وكالات : كواليس
عادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للتلويح مجددًا بقانون نوبك أو ما يُعرف بـ”لا لأوبك”، في محاولة للضغط على منظمة الدول المصدّرة للنفط بقيادة السعودية، عقب قرار خفض إنتاج النفط الأخير.
إلّا أن أوبك وحلفاءها داخل تحالف أوبك+ يواصلون السير في خططهم الإنتاجية بناءً على دراسة حالة السوق، دون النظر إلى ضغوط مشروع القانون الأميركي.
فقد قرر التحالف -في اجتماعه الوزاري الأخير- خفض أهداف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، بدءًا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل حتى ديسمبر/كانون الأول 2023.
ما هو قانون نوبك؟
أظهرت سجلات الكونغرس أن اللجنة القضائية قدّمت -في 18 أكتوبر/تشرين الأول- مشروع نوبك لمقاضاة دول المجموعة بسبب ما وصفته بـ”الاحتكار والتلاعب بالسوق”، إلى مجلس الشيوخ الأميركي، وفق ما نقلته منصة “أويل برايس” (Oil Price).
ما يعني أن ما يُسمى بقانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط (نوبك)، والذي يقترح تعديل قانون شيرمان لجعل التكتلات المنتجة والمصدّرة للنفط غير قانونية، وُضع على التقويم التشريعي لمجلس الشيوخ.
من المحتمل عدم مناقشة مشروع القانون إلّا بعد انتخابات التجديد النصفي في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لكن ذلك سيعتمد على ما إذا كان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قد نقل مشروع القانون للمناقشة.
بالنظر إلى الجدول التشريعي المزدحم قبل الانتخابات النصفية، يمكن أن يكون مشروع قانون لا لأوبك مطروحًا للمناقشة بشكل واقعي فقط بعد الانتخابات، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
قانون نوبك.. مشروع منذ أكثر من عقدين
تناوب المشرّعون والإدارات الأميركية المتعاقبة على مشروع قانون نوبك لأكثر من عقدين من الزمن، لكنه لم يتحرك أبدًا في المناقشات السابقة باللجان في الكونغرس.
ونوقشت تشريعات مكافحة الاحتكار التي تستهدف أوبك بأوقات مختلفة في عهد الرئيسين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، لكن كليهما هدّد باستعمال حق النقض ضد مثل هذا التشريع، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقد أقرّت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ قانون نوبك في مايو/أيار من العام الجاري (2022)، لكن الدعوات لإقرار مثل هذا التشريع تكثّفت منذ أن قرر تحالف أوبك+ في أوائل أكتوبر/تشرين الأول خفض سقف إنتاج النفط.
بعد قرار أوبك+، دعا السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي -وهو مؤلف قانون نوبك- إلى اتخاذ إجراء “لمحاسبة منتجي النفط الأجانب على التواطؤ لتثبيت أسعار النفط العالمية”.
قال غراسلي -مطلع الشهر الجاري-: “إذا أصرّت هذه الإدارة على جعلنا أكثر اعتمادًا على منتجي النفط الأجانب الأقلّ ودًّا والأقلّ وعيًا بالبيئة، فيجب أن نكون قادرين على تحميل الأقلّ المسؤولية عن تحديد الأسعار غير العادل، إن قانون نوبك من الحزبين سيقمع هذه التكتيكات من قبل كارتل النفط الأجنبي”.
كما تعهّد البيت الأبيض بالردّ على قرار تحالف أوبك+، الذي وصفه بأنه “قصير النظر” و”مضلل”.
مشروع قانون يحتاج إلى أغلبية
من جانبه، أكد مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن أميركا قد تستخدم قانون نوبك مرة أخرى، ردًا على قرار سقف خفض الإنتاج.
وأضاف الحجي -في حلقة من برنامج “أنسيّات الطاقة” في موقع تويتر، قدّمها بعنوان “محاكمة دول أوبك وأزمات الطاقة في أميركا وأوروبا”- أنه من الواضح الآن وجود دفع كبير في مجلس الشيوخ الأميركي باتجاه قانون قديم، وهو قانون نوبك أو لا لأوبك.
وقد سبق تمريره مرتين في الماضي داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ، كما أحياه الأميركيون خلال اليومين الماضيين، وقد يُمرَّر في أيّ لحظة، فهو لا يحتاج إلّا التصويت عليه وتوقيع الرئيس.
وأضاف الحجي: “لكن هناك تفاصيل أكثر في الموضوع، فالجميع يعلمون أن الانتخابات الأميركية على الأبواب، والواضح أن هناك أمورًا تتعلق بهذه الانتخابات، والواضح أكثر أن هناك أمورًا أعمق لا يعرف عنها أحد أيّ شيء”.
وأوضح أن مشروعات القوانين في الولايات المتحدة تتحول إلى قوانين فعلية، إذا صوّت عليها الكونغرس بالأغلبية، ثم يصوّت عليها مجلس الشيوخ بأغلبية، ثم يوقّعها الرئيس.
إلّا أنه قال: “الإشكال هنا في هذا القانون، أنه ينصّ على أن تمريره بأغلبية الثلثين في الكونغرس ومجلس الشيوخ، يحرم الرئيس من استعمال حق الفيتو، ومن ثم فإنه يصبح قانونًا حتى إذا لم يوافق عليه الرئيس الأميركي”.
ورقة لمساومة دول الخليج
في سياقٍ متصل، توقّع مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أنه في حالة تمرير قانون لا لأوبك في الكونغرس ومجلس الشيوخ، سيُصَوَّت عليه بأغلبية الثلثين.
وقال: “من ثم فإنه في حالة توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن عليه أم لا، سيكون قانونًا بصفة رسمية”؛ ما سيسمح للرئيس بايدن -وقتها- باستعماله في المساومة مع دول الخليج.
وأوضح أنه على الرغم من إمكان تمرير القانون دون توقيع الرئيس بايدن، فإن الأخير إذا لم يأمر وزارة العدل الأميركية بتطبيقه، فإنه سيموت، وهو ما حدث مع قانون “جاستا” نفسه، الذي كان مصممًا لمحاكمة السعودية بتهمة الوقوف وراء أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
لذا -بحسب الدكتور أنس الحجي- فإنه في حالة تحول مشروع قانون لا لأوبك إلى قانون، فإنه سيكون في يد الرئيس الأميركي جو بايدن لاستعماله بمثابة ورقة في المساومة مع دول الخليج، لأنه يمكنه تعطيله، أو مطالبة وزارة العدل بإجراء تحريات.
وأشار إلى أن طلب الرئيس بايدن من وزارة العدل الأميركية إجراء تحريات، هو أمر قد يستغرق عدّة أشهر، وربما عدّة سنوات، لأن الوزارة ستبدأ جمع تحرّيات وأدلة تتعلق بتورّط دول أوبك ودول الخليج في ارتكاب ممارسات احتكارية، أو التلاعب بالأسعار، والتحكم فيها.