بينها “الفسبكة” و”الاستعباط”.. كلمات عامية وأجنبية أجازها مجمع اللغة العربية بمصر أثارت الجدل

وكالات : كواليس

القاهرة – أعلن مجمع اللغة العربية في مصر إجازة استعمال كلمات “استعبط” و”يستعبط” و”استعباط” العامية المتداولة بين المصريين لوجود أصل عربي صحيح لها، ليعيد الجدل القديم الجديد بشأن إجازة المجمع استعمال كلمات عامية أو أجنبية مختلف عليها.

وقال المجمع في منشور على صفحته في فيسبوك إن لجنة الألفاظ والأساليب أجازت استعمال لفظ “استعبط” كما في عبارة “استعبط فلانٌ فلانًا” بمعنى “تصوّره أو ظنَّه عبيطًا”، و”استعبط فلانٌ” أي ادَّعى العباطة.

وأشار المجمع إلى أن هذا الفعل لم يرد في مبناه ومعناه في أي من المعاجم، لكن لجنة الألفاظ والأساليب رأت إجازته استنادا إلى ما جاء في المعجم الوسيط: “رجل عبيط” أي أبله غير ناضج، وأن كلمة “عبيط” محدثة، فكأن الفعل “استعبط” بمعناه المذكور على وزن “استفعل” قد أُخذ من الصفة “عبيط”، مما يجيز استخدامه وفقا لقرارات مجمع اللغة المصري، بجانب مضارعه “يستعبط” ومصدره “استعباط”.

وأثار منشور المجمع جدلا واسعا بين المهتمين باللغة العربية، رغم أن إجازة كلمة “استعبط” تعود إلى أكثر من 30 عاما، إذ أجازها مؤتمر مجمع اللغة العربية بمصر في دورته الـ57 التي أقيمت بالقاهرة عام 1991.

وجاء في الجزء الثالث من كتاب الألفاظ والأساليب الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 2000، إجازة استعبط ويستعبط واستعباط، وأشار المجمع إلى أن المعجم الوسيط أجاز كلمة “عَبَاطة” بفتح العين وعدّها محدثة.

وردت كلمة الاستعباط في معجم اللغة العربية المعاصرة للغوي المصري الراحل أحمد مختار عمر، تحت مادة (ع ب ط): استعبطَ يستعبط، استعباطًا، فهو مُستعبِط، والمفعول مُستعبَط (للمتعدِّي)، وأوضح أن “استعبط الولدُ” تعني: ادَّعى العباطةَ، و”استعبط البائعُ الولدَ” تعني “ظنَّه أو جعله عبيطًا”.

تفصيح العامية

منذ سنوات يتبنى مجمع اللغة العربية بالقاهرة مشروع “تفصيح العامية”، وهو محاولة لتقريب المسافات بين اللغة العربية الفصحى وبين اللهجات العامية العربية التي تنتمي للغة العربية بأصولها المعجمية، وفقا لعضو مجمع اللغة العربية محمد العبد.

وأشار العبد، في تصريحات لفضائية “سي بي سي” المصرية يوم الأحد الماضي، إلى أن المجمع ممثلا في لجنة الألفاظ والأساليب أجاز كثيرا من المفردات التي يتداولها الناس في الحياة اليومية، مثل “التحويجة والتحويشة والتعسيلة والخربشة والدربكة والشبرقة وبرطمة ويتحاذق”.

من جانبه، قال المتحدث باسم مجمع اللغة العربية المصري مصطفى يوسف، في تصريحات لصحف محلية، إن المجمع يقوم بشكل دوري بإجازة الكثير من الألفاظ والأساليب الشائعة على ألسنة العامة، بشرط وجود مسوغ لغوي، وذلك بهدف تقليل الفجوة بين العامية والفصحى.

وذكر يوسف أبرز الألفاظ التي أجازها المجمع مثل: “التهريج والكوز والتسيُّبُ وعَمْرةٌ وخربشَ وأَتَعَشَّم واخْتَشَى وتَلَطَّمَ وتَمَشْيَخَ وتهويش وجَرْجَرَ وخَمَّه والخِناقة وداخ ودَبَّسَ فلانًا ودَكَّن الشيءَ”.

كما أجاز المجمع ألفاظا أخرى مثل: “دَلَقَ/ انْدَلَقَ، والدَّوْخَة ورجل لَبْخَهَ، ورَحْرَحَ، والخَوْتَة، وزوَّغ، وسَتَّفَ، والشَّاطر والشَّطارة، وشَطَحَ وشَطْحَة، وصَفْصَفَ المكانُ، وغَشيم، وفَتْفَت، والفُرجة، وفَضْفَضَة، وقَبَّ على السطح، وكَبَّ الماءَ”، وغيرها مئات الكلمات والألفاظ.

وأوضح المتحدث أن إجازة أي لفظ أو أسلوب تمر بمراحل عدة من النقاش والتعديل، بداية من اقتراحه على لجنة الألفاظ والأساليب، ومرورا بالعرض على مجلس المجمع، وانتهاء بالعرض على المؤتمر السنوي للمجمع ليحصل على المشروعية اللغوية إذا حاز على الموافقة في المراحل الثلاث السابقة بالترتيب.

جدل مستمر

يختص المجمع بحكم تعريفه بتوضيح ما يجوز استعماله لغويا، وما يجب تجنبه من الألفاظ والتراكيب في التعبير، وتقديم توصيات للجهات المختصة باتخاذ ما يكفل الانتفاع بما ينتهي إليه المجمع لخدمة سلامة اللغة.

لكن منذ سنوات طويلة تثير الكلمات العامية أو المعربة التي يجيز المجمع استعمالها جدلا كبيرا، ففي ثمانينيات القرن الماضي أشيع أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة أجاز استعمال ألفاظ عامية مثل “رزع” أي الضرب باليد على الوجه و”الهفيّة” بمعنى من لا رأي ولا قيمة له، و”الهفتان” بمعنى من به ضعف، و”يحرجم” بمعنى يتردد على شخص أو قوم ويدور حولهم طمعا في شيء يبادر بطلبه، و”يبرطم” أي يقول كلاما مضطربا غير واضح، و”مبلِّم” أي ساكت مع ضيق وانشغال، وغيرها من الكلمات العامية.

وأثارت مزاعم إجازة المجمع هذه الكلمات انتقادات واسعة، واعتبرها لغويون وقتها تجاوزا وتخريبا للغة العربية من داخل العربية، لكن المجمع نفى إجازة هذه الكلمات لأنها “عامية مبتذلة وهابطة”، بحسب وصف الأديب الراحل شوقي ضيف الأمين العام للمجمع في ذلك الوقت.

الفسبكة

ولا يتوقف الأمر عند الألفاظ العامية التي يجيزها المجمع، بل يمتد الجدل إلى تعريب الكلمات الأجنبية وخاصة المرتبطة بالاختراعات الحديثة والتكنولوجيا، ولعل المثال الأبرز على ذلك هو محاولات مجمع اللغة العربية تعريب اسم موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عام 2014.

في ذلك الوقت، أجاز مؤتمر المجمع المنعقد في مارس/آذار 2014 طائفة من الألفاظ المشتقة من فيسبوك، حيث قرر المجمع تعريب اسم الموقع ليكون “فُسْبُك” (على وزن فُعْلُل)، ودعا لاستخدام الفعل “فَسبكَ” للتعبير عن نشر نص أو صورة على فيسبوك.

مجمع اللغة العربية يقوم بإجازة الكثير من الألفاظ الشائعة بين العامة لتقليل الفجوة بين العامية والفصحى المصدر: مجمع اللغة العربية بالقاهرة
منذ سنوات طويلة تثير الكلمات العامية أو المعربة التي يجيز المجمع استعمالها جدلا كبيرا (مجمع اللغة العربية)

وأقر المجمع ألفاظا أخرى مثل “الفُسبُكيّ” للدلالة على الشخص المنسوب إلى الموقع، وجمعها “فسابكة”، و”فَسْبكة” اسم يخص عملية التواصل من خلال الموقع أو استخدامه، و”المُفسْبَك”: هو النص أو المنشور الذي يتمّ تداوله عن طريق الموقع.

لكن غرابة الكلمات وإقرارها بعد سنوات طويلة من إنشاء الموقع وشيوع الكلمة الأجنبية، منعت تداول هذه الألفاظ بين العامة أو الكتاب والإعلاميين على السواء.

والأمر نفسه تكرر مع كلمات أخرى أقرها المجمع لكنها اندثرت ولم تستخدم، مثل “المِرْناة” بدلا من التلفاز أو التلفزيون، و”الناسوخ” للدلالة على جهاز الفاكس (Fax)، و”المِسَرّة” أو الهاتف للتعبير عن جهاز التليفون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *