مثلت معركة ٨/ ٨ علامة فارقة في معارك أمدرمان فقد تحولنا من محطة الدفاع إلى الهجوم.
الهجوم على عدو متمركز جيداً ومتمترس داخل العمارات والمباني لم يكن أمر هين لكن أبطال وأسود متحرك أسود العرين عزم على دك أوكار المليشيا ومهاجمتهم في عمقهم بالسوق الشعبي أمدرمان.
صدرت التعليمات للكتيبة الـ٣ بالتقدم بإسناد سرية + من الكتيبة الأولى على أن تكون الكتيبة ٤ إحتياطي أول.
في الليل تقدمت قواتنا نحو العدو… عانقنا بعضنا وتوادعنا فربما لا نلتقي مع كثيرين بعد هذه المعركة وقد كان ذلك.
أدى فرساننا صلاة الصبح وهجموا على العدو وأحدثوا فيه خسائر كبيرة لكن كانت القناصة في الموعد أصيب بسببها عدد كبير من الأخوان واستشهد بعضهم.
الثبات كان سيد الموقف رغم الإلتفاف الذي قام به العدو وحضور فزع كبير من بحري عبر كبري شمبات ومن صالحة وسوق ليبيا.
أشرقت علينا شمس ٨/ ٨ وجميعنا في حالة من الذهول فعدد الجرحى حتى الـ٨ ص تجاوز الـ١٠٠ جريح والشهداء يؤتى بهم من أرض المعركة في كل حين وأذكر وقتها إحضار عدد منهم أبرزهم الشهيد سامي الحاج المدير الإداري لمستشفى مكة للعيون… ذلك الشيخ الصادق الصالح وأذكر حينها الشهيد أبو العز إبن منطقة غرسلي الذي أصيب في فمه بطلقة قناص إستقرت في حلقه ، لن أنسى ثباته ونحن ننزله من عربة الإخلاء ودمه ينزل بكثرة من فمه وهو يرفع أصبع التكبير يكبر الله حتى استشهد.
عندما رأيت عدد الجرحى المتزايد وعربات الإخلاء التي لم تتوقف من إحضار الشهداء والجرحى عندما رأيت ذلك قلت للأخ فتح العليم الشوبلي الشغلة دي فيها مؤشرات ماااا كويسة عندها حضر الأخ الشهيد أشرف كسرى فأخذته على جنب وسألته يا أشرف الموقف كيف قال لي والله الحمد لله أخوانا ثابتين لكن القناصين تعبونا قلت ليه يا أخوي الموقف تمام كيف وعدد الجرحى كبير كده ، فقد إمتلأت الطبية بالجرحى والدم نجره بالسياكات لكثر.
قررت التوجه لأرض المعركة ذهبت مع ٢ من الأخوان الأخ العقيد عبد العزيز قبوجة والأخ المقدم حبيب بشير.
عند اقترابنا من منطقة الإشتباك ثبتنا عناصر من الجيش في إرتكاز متقدم قالوا لينا المعركة شغالة وساقط الذخيرة قريب جنبوا عربيتكم وما تمشوا قدام قلنا ليهم الحافظ الله فلم نكترث لحديثهم وتحركنا نحو الموقع.
أوقفنا العربة بجامعة التقانة وجدنا أمامنا الأخ العقيد أبو بكر عباس كان دامع العينين سلمت عليه فعانقنا وبكى قلت له سينصرنا الله يا سيادتك.
وجدت دفعتي فياض عبد الرحمن فعانقني وبكى وقال لي زهير استشهد قلت ليه عرفت كيف قال لي رد علي دعامي قال لي زولك دا إنجغم.
تحركت نحو منطقة الإشتباك حتى وصلت تقاطع الزينة فوجدت الأخ العقيد جلال قائد الكتيبة الرابعة والأخ الشهيد يوسف وعدد من ضباط الكتيبة الرابعة ومجموعة من أفراد الكتيبة مشتبكين مع العدو.
أعدنا توزيع قواتنا ومواجهاتنا وتحركت جنوباً نحو الشعبي مع ١٠ أفرد برفقة الأخ النقيب أحمد الفاتح عز الدين والأخ النقيب مجاهد والأخ النقيب محمد علي، وجدنا قتلى العدو و٢ من شهدائنا فبدئنا بإخلاء شهدائنا.
دخلنا لعمق العدو ونحن كل مرة نجد شهيد أو إثنين نخليهم ثم نتقدم ومع هذا كنا نواجه نيران العدو وقناصته لكن قررنا أن نخلي شهدائنا أو نموت معهم.
ونحن نخلي في الشهداء فإذا بي أجد أخي ودفعتي الرائد زهير عبد الرحمن… وجدته مستلقيا على ظهره ونظره إلى السماء كأنه يقول ها نحن قد متنا ميتة عز وكبرياء وكرامة دفاعاً عن شعبنا وأرضنا.
تقطعت من الألم حينها لكن لا وقت للعواطف فلا بد لي كقائد أن أصبر وأواصل في إخلاء بقية الشهداء وأوجه النيران على فلول المرتزقة