خاص كواليس
كشفت مصادر رفيعة المستوى لكواليس مضمون التقرير الخاص للمبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو والذي لخص فيه إنطباعاته عن الجولة الإفريقية التي قام بها وإجتماعاته بالسياسيين السودانيين ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الإقليميين ، وأكد المصدر ل(كواليس) إن التقرير حوى جملة من النقاط التى شخصت الواقع السياسي والعسكري فى السودان وعملت على رسم ملامح السياسة الأمريكية مستقبلاً تجاه الملف السوداني ..
أهم ما أورده التقرير :
- وجود تباعد كبير بين التقارير التي تصل إلي واشنطن من مصادر مختلفة عن واقع الحال فيما يتعلق بموقف الشعب السوداني تجاه الجيش ، إذ كانت تشير مجمل التقارير أن السواد الأعظم من الشعب يقف ضد توجهات الجيش أو يقف بجانب الحياد ، وهو ما وجدته غير صحيح البته إذ أن الشعب برمته إن لم يكن غالبيته يقف علي خط مساندة الجيش في الحرب الدائرة بين طرفي الصراع ، خاصة بعد أحداث 15 أبريل ..
- الأحزاب السياسية المدنية التي إلتقيتها و التى تحدثت إليها عبر الهاتف تتفق مع توجهات السياسة الأمريكية ومصالحها ، ولكن تنقصهم الخبرة الكافية للعب أدوار فاعلة في الوضع الراهن ، أو حتى مستقبلاً فضلاً عن تراجع شعبيتهم أو إنعدامها ، و التي بلغت ذروتها إبان سقوط نظام التيار الإسلامي، نتيجة لمواقفهم الداعمة والمؤيدة لقوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني ، والتى أعتقد فى تقديري أنها لم تُرسم بعناية وحكمة يجنبها التصنيف لصالح قوات الدعم السريع ..
- إعادة طرح القيادات المدنية وتقديمها للعب أدوار مستقبلية في ظل الوضع الحالي يحتاج إلي وقت طويل وعمل شاق وذلك لبعد المسافة بينهم وتوجهات الشعب التي أسهمت الحرب في تشكيلها، وهو ما يجب وضعه في الإعتبار ومن ثم البحث عن قنوات إتصال أكثر فاعلية وأجدى فى التنفيذ مع آخرين ، (سيتم رفع مقترح أكثر تفصيلاً يتضمن المكونات المحلية التى يمكن التعاون معها مستقبلاً) ..
- النظام الإسلامي هو المستفيد الأول من الحرب ، إذ أن موقفهم الداعم والمؤيد للجيش تماهى مع مطالب الشعب ووجد إستحسان السودانيين خاصة رموز المجتمع والمؤثرين ، والذي بدوره حقق نقلة كبيرة بالنسبة لهم ودفع بهم من خانة الإقصاء في المشهد السياسي الي لاعبيين أساسيين.. وهنا تجدر الإشارة إلى نقطتين وهي ..
-الأولي : أن قيادة التيار الإسلامي تتمتع بذكاء يفوق خصمائهم بكثير (تنسيقية القوى المدنية – تقدم) وقد تجلى ذلك واضحاً من خلال اللقاءات التي عقدتها مع كليهما أو المقربين منهم و كذلك المراقبين ، علاوة على قراءة ردود الأفعال على المشهد برمته.. وهذا يتطلب من إدارة واشنطن وضعه عين الإعتبار ..
-الثانية : التقارب بين قيادة الجيش والإسلاميين أصبح أقوى من ما كان عليه قبل الحرب ، إذ أن قادة التيار الإسلامي وظفت علاقاتها مع عدد من الدول في المنطقة والإقليم لتحسين موقف الجيش بإمداده بالمال والسلاح..وهو ما كان له الأثر الواضح في تماسك الجيش وصموده طيلة هذه المدة ، فضلاً عن مشاركة كثير من عناصر التيار الإسلامي فى المعارك لصالح الجيش.. وهذا بالتأكيد سيكون له تبعات إيجابية لصالحهم اذا ما أستطاع الجيش تحقيق تقدم أكثر في الميدان.. - الدعم السريع كطرف محارب فقد وجوده الشعبي وسنده السياسي ورصيده الذي حققه خلال السنوات السابقة عقب الإطاحة بنظام البشير . وأعزى ذلك لغياب الخبرة والتخطيط العسكري ولعدم القدرة علي ضبط العناصر المقاتلة و التي أسهمت بشكل مباشر في تفويت فرصة تأريخية لإعادة ترتيب المشهد لصالحهم..
- عظم الإنتهاكات التي مورست من قبل قوات الدعم السريع من قتل علي أساس عرقي وإغتصاب للنساء وتجنيد للأطفال والتعدي على المدنيين العزل ، تقل بكثير من تلك التي قام بها الجيش السوداني ، وكل ذلك يحتم علينا ضرورة توظيفه للتدخل بشكل أكبر من خلال الضغط علي طرفي الصراع بشكل مباشر ، وللعب أدوار أكبر في المنطقة تتسق والمصالح والقيم الأمريكية في حماية المدنيين والنساء والأطفال ، فضلاً عن العمل علي إستخدام تلك المعلومات المؤثقة للضغط علي الطرفين لإيجاد صيغة تعيد المدنيين (تنسيقية تقدم) إلي المشهد السياسي مرة أخرى.. وتعمل علي إيجاد آلية تضمن إبعاد الإسلاميين من التأثير على قيادة الجيش..
- إصطفاف حركات دارفور والنيل الأزرق مع الجيش السوداني في خندق واحد ، عقّد من موقف الدعم السريع الميداني في ولايات دارفور تماماً.. وهنا يستوجب لعب أدوار لإعادة ترتيب المواقف لخلق حد أدنى من التوافق بين قيادة الدعم السريع وقيادات الحركات المسلحة..
- الأطراف الإقليمية التي إلتقيتها في الدول الأفريقية باتت علي قناعة كبيرة بضرورة البحث عن بديل لقيادة الدعم السريع والمضي قدماً في إختيار خلف للجنرالين (حميدتي وشقيقه) حتى يتسنى إكمال وضعية القوات وتهيئتها للعب أدوار مستقبلية لصالح أمريكا والمنطقة ككل، بل إقترح عدد منهم ضرورة تغيير إسم القوات بمسمى آخر لتخفيف وطأة العداء ، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة وضع المقترحين فى خانة الأولوية وعين الإعتبار
- لقائي بقادة دولة الإمارات إلتمست منهم حالة من اليأس في تحقيق نصر علي الجيش السوداني وأنهم يرغبون في عودة الأوضاع إلي ماقبل 14 إبريل بأي وسيلة مع العمل علي الحفاظ علي مناطق سيطرة الدعم السريع من أجل تعزيز الموقف التفاوضي..
- منظمة الإتحاد الإفريقي و الآلية الإفريقية لإيقاف الحرب في السودان لا تحظى بكثير إحترام من الجانب السوداني وهذا يقلل من أدوارهم في التأثير على مجريات الواقع في السودان..
- ضرورة إلحاق الجانب المصري بملف التفاوض وذلك بحكم العلاقة الجيدة بين الرئيس المصري و قادة الجيش السوداني وقدرتهم على التأثير على قراراتهم ، بغية الإسهام في الضغط علي قادة الجيش بالجلوس مع الدعم السريع والقبول بشروط التفاوض ..
- الحديث عن إنتخابات في الوقت الراهن من شأنه إعادة النظام الإسلامي للسلطة وإبعاد خصومهم من المدنيين عن المشهد وهو ما نخشاه إذ يعيدنا الي نقطة الصفر .
- أعتقد أن الحرب وصلت منعطف يصب في خانة الجيش ، فتحقيق نصر آخر علي الميدان من شأنة أن يضعف الدعم السريع تماماً ويعجل بنهاية الحرب وهو ما أرآه قريباً ، مما يستوجب ضرورة إعادة التفاوض بإسرع ما يمكن وخلق توازن يضمن الضغط على الطرفين..
- الحل الأمثل هو صياغة رؤية تعمل علي تقريب وجهات النظر تضمن فترة إنتقالية يشارك فيها الجميع باستثناء الإسلاميين وتعزز موقف المدنيين وتعمل علي منح الدعم السريع سلطات مرضية (إلي حد ما) ، مع الاحتفاظ بقيادة الجيش في الوقت الراهن وفتح قنوات إتصال محدوة إلى حين ، وهذه الصيغة تتطلب ممارسة ضغوطات علي طرفي الصراع وإتاحة مساحة لتحقيق تقدم ميداني لقوات الدعم السريع يجبر قيادة الجيش للرضوخ للتفاوض ..