لم تكن معركة الكرامة التي تدور بين الجيش ومليشيات الدعم السريع الإرهابية المتمردة منذ منتصف أبريل من الماضي معركة بالسلاح فقط، فقد كانت معركة إعلامية وسياسية ودبلوماسية قبل أن تكون معركة سلاح.
لا ينكر أحد أن المليشيا الإرهابية المتمردة أعدت العدة مبكراً لهذه المعركة بالعتاد العسكري وخطوط الإمداد اللوجستي والتحالف السياسي مع قحت التي شكلت ظهيراً وسنداً سياسياً للمليشيا وتدثر قادتها تحت غطاء (لا للحرب) لكنهم ظلوا يدعمون المليشيا وانضم بعض قادة قحت أمثال خالد عجوبة إلى جانب المليشيا وحملوا السلاح ضد الشعب الذي كانوا يتظاهرون بإسمه ويهتفون زوراً (الجنجويد ينحل)!!
مع انهم رفعوا شعار (لا للحرب) إلا أن قادة قحت ركزوا في تصريحاتهم على إدانة القوات المسلحة والطعن في الجيش وتبخيس إنتصاراته في الوقت الذي تجاوزوا فيه انتهاكات المليشيا التي وصلت لبيوتهم وأعراضهم وغرف نومهم، ولكن لأنهم بلا شرف فقد غضوا الطرف عنها!!..
شكل قادة قحت وربيبتها تقدم خلية دبلوماسية عبر (الطرطور) حمدوك وجوغة العملاء وجابوا العواصم الإفريقية لدعم المليشيا والتحريض على جيش الوطن في أكبر عمالة في التاريخ الحديث ،وسرعان ما انكشف قناعهم حينما جلسوا كالطلاب أمام سيدهم حميدتي يهتفون بحياته ويصفقون لترهاته.. وليس ذلك بمستغرب عليهم فهو ولي نعمتهم الذي أشرف على عملية إجلائهم من الخرطوم وظل يسدد فواتير عمالتهم من إقامة في الفنادق وحتى مصاريف أسرهم لذا ظلوا يدعمونه ويصفقون له كالبلهاء فمن يدفع قيمة الأوركسترا يختار اللحن والكورس!!.
إعلامياً إستطاعت مليشيا الدعم السريع المتمردة من تكوين إمبراطورية إعلامية خلال الأربعة سنوات الماضية تمكنت خلالها من شراء عدد من العملاء وبعض (الطفابيع) الذين ولجوا لمجال الإعلام والصحافة في غفلة من الزمان، تمكنت إمبراطورية إعلام المليشيا من شراء أقلامهم ومواقعهم برواتب شهرية وعطايا مستمرة ورغم ذلك فشلوا في تلميع حميدتي وتقديمه للناس، بعد وقوع الحرب منهم من ظل يدافع عن المليشيا بالباطل ومنهم من آثر الصمت وطأطأ رأسه لأنه ليس من المعقول أن (تتحدث وانت تأكل) فقد اخرسهم مال السحت من قول الحق!!
للأسف مع مرور الأيام وتقدم القوات المسلحة بدل بعض هؤلاء جلودهم ويمموا وجوههم صوب بورتسودان ومدني ونهر النيل وأصبحوا يتملقون الجيش ومجلس السيادة والوزراء وحكام الولايات دون خشية أو خجل!!.
امثال هؤلاء كثر تعلمهم الأجهزة الأمنية وترصدهم وتحتفظ بإرشيفهم، لكن لا ندري لماذا تغض الطرف عنهم فهؤلاء المرتزقة الذين باعوا شرف المهنة يمكن أن يعملوا كعملاء ومخبرين للمليشيا.. هؤلاء أخطر على البلاد من مرتزقة مليشيا الدعم السريع لأنهم يُشترون بالمال ومن يبيع ضميره وشرفه يظل على الدوام يبحث عن مشري جديد.
بعد الحرب يجب أن يختلف الأمر تماماً ولن تجدي المبررات من شاكلة أن حميدتي كان الرجل الثاني في الدولة وأن الدعم السريع أحد مؤسساتها، فقد كان حميدتي يشتم الجيش وقيادته وظلوا يفردون له المساحات ويكتبون حوله المعلقات ويصفقون له كما قادة تقدم اليوم، هؤلاء يجب أن يحاكموا تحت طائلة الخيانة العظمى!!..
يحتاج الوسط الإعلامي لفلترة من العملاء والأقلام المأجورة وبعض (الطفابيع) والطفيليات التي علقت به فما بعد الحرب يختلف عما قبلها..