تصريحات تأخر فيها كثيراً وخطوة كان يجب أن يبدأ بها مشواره زعيماً لكل السودانيين…
تصريحات مفادها أنه: علي مسافة واحدة من الجميع دون استثناء أو عزل أو اقصاء لبناء سودان ما بعد الحرب…
ما من شك في أن غالبية أهل السودان دعموا وما زالوا يدعمون
وسوف يدعمون قواتنا المسلحة صمام أمان السودان قيادة وقوات من إدراك عميق للمؤامرة الكبرى التى دبرت في وضح النهار للقضاء على استقرار الوطن وضرب نسيجه الإجتماعى وتدمير بنيته التحتية وزرع الفتنة بين مكوناته ما يجعل توحدهم غاية صعبة المنال إن لم تكن الاستحالة بعينها وبالتالي تقسيمه دويلات ضعيفة بالية…
ولأجل ذلك غض الجميع الطرف عن أخطاء كارثية وقع فيها البرهان استبطأت حسم المعركة ودفعت المواطنين الأبرياء فاتورة باهظة التكاليف وما زالوا يدفعون في صبر وصلابة وجلد من أجل هدف غالٍ هو طرد الغزاة الطامعين من عربان الشتات هوانات أراذل افريقيا الذين حشدتهم الإمارات العربية المتحدة تحت راية مليشيا الجنجويد المتمردة لتهجير السودانيين وصناعة تغيير ((ديمغرافى)) يمكنها من السيطرة على السودان وهي تدرك تركيبة الشعب السوداني الاجتماعية الحالية ترفض الإذلال والاستعمار والخسف والمساس بالاسلام شريعة وتقاليد…
أكبر الأخطاء الكارثية التي وقع فيها البرهان هو التماهى مع مطالب الإمارات العربية المتحدة من فرض قحط حليفاً سياسياً له رغم أن أهبل إنسان في السودان يعرف أن قحط تكره البرهان كراهية الموت فإن رضيت به حاكماً رئيساً للمجلس السيادى قائداً أعلى للقوات المسلحة فإنما هو ((زواج مصلحة)) تعبر به جسر الفترة ((الانتقامية)) ثم ما تلبث أن تجهز عليه عند أول سانحة تحين لها لإحداث انقلاب عسكري يخدم مصالحها الخاصة..
الخطأ الكبير الذي لايغفر له أن تماهى مع الإمارات وصدق لسانها الكذوب وانطلت عليه أحابيلها حتى تفاجأ ذات صباح أن مليشيا حميدتي تحاصره من كل ناحية واتجاه ولولا ((القدر)) ولطف الله في الشعب السوداني أن أصيب الهالك حميدتي في تلك اللحظة لكان حال البرهان إما في الزنزانة العسكرية أو قتيلاً قد سالت دماؤه..
تلك هي اللحظة الأولى التي استشعر فيها ولأول مرة الخطر الحقيقي والابتزاز السياسي الرخيص الذي يستهدفه شخصياً من دويلة الإمارات ورغم هذا الشعور للأسف لم يحرك ساكناً في مواجهتها تقديراً خاطئاً منه أن الإمارات يمكن أن ترضى عنه أو تقبل به حليفاً سياسياً بديلاً عن مليشيا الجنجويد خادمتها المطيعة فإذا به يكتشف أيضاً أنها ظلت تزيد من معدل عداوتها الإجرامية ضده وضد قواته المسلحة وضد الشعب السوداني من خلال دعمها غير المحدود للمليشيا المتمردة مالاً واعلاماً وسلاحاً وذخيرة…
هاهو الآن يصل إلى القناعة التامة الراسخة بأنها تمثل العدو اللدود له شخصياً وأن قحط لم ولن تكون ظهيراً سياساً أو حليفاً استراتيجياً له في أي يوم من الأيام فولى وجهته عنهما بتصريحاته الصادقة البارحة وهو يرسل من قاعدة وادي سيدنا العسكرية رسائل مباشرة وهو يخاطب قواته المرابطين في ثغورها مفادها أنه انعتق تماماً منحازاً لخيار الشعب مستيقناً بنصر الله وقوته مستمسكاً بوعده المفعول ميمماً وجهته نحو جماهير الأمة السودانية يستمد منها الإشارة والعزيمة والإصرار والبشارة بسحق مليشيا الجنجويد المتمردة مهما استقوت بالدعم الإماراتى الخبيث واثقاً في إمكانيات وقدرات وخيرات بلده السودان…
خطاب البرهان اليوم خطاب جديد تجاوز فيه خطاب الإقصاء والكراهية غير المبررة للإسلاميين.. خطاب ما أورث الوطن غير الاحقاد والتنمر والجفاء والتشرذم..
لغة جديدة مفادها أنه الآن زعيماً لكل الأمة السودانية يقف على مسافة واحدة من الجميع..
الضعيف قوي حتي يأخذ الحق له والقوي ضعيف حتي يأخذ الحق منه
معياره الموضوعى لتولى الوظيفة العامة وشغل المناصب العليا معيار القوي الأمين حيث لا حسب ولا نسب ولا انتماء ولا لون سياسي…
إن أقوى حكومة عملت مع الرئيس جعفر محمد نميري كان بها (١٣) وزير اتحادي من قبيلة الرباطاب تلك القبيلة التي لا تحفل كثيراً ولا تبحث عن مناصب أو تضرب أكباد الإبل للظفر بها ومع ذلك اختار منها النميري هذا العدد الوافر من وزرائها وفق منهج موضوعي هو الكفاءة والاستقامة..
رسالة البرهان أنه مضى زمان الإملاء عليه فهو الآن قد تحلل من كل إلتزام خارجى أو توجيه من أجنبى فقد فتح عقله وقلبه ووجدانه للشعب السوداني يستشيرهم ويأخذ عنهم الرأى والحكمة والرشاد ،،أمة خير لا تجتمع علي باطل..
صحيح أنه تأخر كثيراً في هذه الخطوة لمبررات قد تبدو منطقية أهمها مسايرته للغة التصريخ والتصييح والتنمر التى كانت سائدة في الفترة الانتقامية والتى أقعدت به وبالوطن ما جنى منها سوى البوار…
وصحيح أنه ما من حاكم جلس على الكرسي إلا أعلن سياسة عامة أبرز سماتها أنه مع الجميع وللجميع وبالجميع إلا البرهان الذي سيق خمسة أعوام باستعداء وعزل واقصاء مكون هام وتيار حى قوامه التيار الإسلامي العريض اجتهد البرهان شخصياً في تنفيذه إرضاء أو طمعاً في كسب ود الامارات فعمد إلي عزلهم لكنه اكتشف أنه حين تلفت في محنته ومعركته الوطنية لم يجد سواهم معه في الخنادق والبيادق يدفعون معه عدواً طالما أراد أن يجهز عليه شخصياً قبل الآخرين…
من الآخر هذا هو أقصر الطرق لأن يبلغ البرهان غايته وهدفه ومراده إعلانه الانعتاق من (الأجنبى) والانحياز (للوطنى) طريق إن سار فيه دون خوف أوتردد أو وجل حتماً سيصل..
توجه الآن بدأ يتشكل عند معظم الأفارقة مثل ارتيريا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وجنوب افريقيا وفي الطريق دول افريقيا أخري جنوحاً لنزعة التحرر من ربقة الاستعمار اللعين…
عمر كابو