تعد البعثة الاممية او المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدولة من الدول إحدى وسائل الامم المتحدة لمساعدة الدول من واقع عضويتها في المنظمة الدولية حيث تشكل البعثة او المبعوث آلية دفع إيجابي في إيجاد صيغة تستطيع من خلالها الدولة التغلب على بعض المعضلات السياسية او الاقتصادية او الانسانية وبالتالي ضرورة الموازنة بين الاسهام بالرأي والمساعدة من ناحية واحترام مبدأ السيادة من ناحية أخرى.وفي السودان وخلال فترة الثلاث عقود الأخيرة شهد السودان عدة بعثات بصلاحيات واختصاصات مختلفة و محددة منها المبعوث الخاص للأمين العام يان برونك والذي تم طرده بواسطة الحكومة السودانية في العام ٢٠٠٦م بعد عدة إنذارات عبر وزارة الخارجية نسبة لتدخله في شئون داخلية لا تعد من اختصاصاته .وفي دارفور تم نشر قوات مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي ٠٠لحفظ السلام وهي معتمدة رسميا من قبل قرار مجلس الأمن بالرقم 1769 في 31 يوليو 2007، لتحقيق الاستقرار في منطقة دارفور ( يوناميد) ومؤخرا تم تحويلها إلى البعثة الاممية لدعم الانتقال السياسي في السودان يونيتامس بعد ثورة ديسمبر ٢٠١٨م بعد طلب تقدمت به الحكومة البريطانية والالمانية مسنودا بخطاب من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك حيث اعتمد مجلس الأمن الدولي في يونيو 2020 قراره رقم 2524 بتشكيل بعثة أممية لدعم الانتقال في السودان تحت البند السادس، وحدد مجلس الأمن مهام بعثة “يونيتامس” بالمساعدة على انتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي، ودعم حماية وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام وتم إسناد رئاسة البعثة للسيد فولكر بيتريس والذي كان مصيره مصير المبعوث السابق برونك على الرغم من مرافعاته المستمرة وتوضيحاته بالتزامه بمهامه وفي 29 يونيو/2022 استدعت وزارة الخارجية فولكر بيرتس وأبلغته احتجاج الحكومة على تصريحاته التي حذر فيها من قمع المتظاهرين في مليونية 30 يونيو، قائلا إن استخدام العنف ضد المتظاهرين في هذا اليوم لن يتم التسامح معه الا ان مجلس السيادة وبا أن البعثة بجانب أنها لم تقم بمهامها المنصوص عليها فى قرار الإنشاء صارت تقوم بدور سالب ومنحاز لقوى سياسية محددة وقاد الى عملية سياسة معزولة واقصائية مما جعلها محل سخط غالب أهل السودان، نقطة أخرى قبل طلب طرد المبعوث دعا السودان بخطاب من رئيس مجلس السيادة بتغيير فولكر وبعد تمسك الأمين العام به وإصراره على القيام بمهامه من نيروبي قرر السودان طرده وقد تم تعيين رمطان لعمامرة خلفا له مؤخرا بصلاحيات محدودة كمبعوث للأمين العام ورحبت به الخارجية السودانية ، وتطورت الازمة بين المنظمة الدولية والسودان والتي أصرت فيها الاولى على استمرار البعثة وانتهت بتصويت مجلس الأمن الدولي بعدم الموافقة على التمديد لها بالقرار رقم(2715) في الاول من ديسمبر2023م.ومن هنا فإن الخلاصة تعود بنا إلى ارساء مبدأ مهم لهذه البعثات التي في كثير من الاحيان تكون غير مؤهلة اخلاقيا للقيام بادوار متعاظمة تجاه استحقاق الدول الأعضاء في الامم المتحدة وهو التأكيد على مساعدة الدول الأعضاء في التغلب على كثير من المشكلات الخاصة بها بجانب التأكيد بذات القدر على استقلالية الدولة وسيادتها على اراضيها ولقد نجحت الدبلوماسية السودانية في صيانة سيادة السودان واعمالا لمبادئ القانون الدولي فإن الحكومة السودانية اضطرت لاستخدام الحق الطبيعي في استبعاد الموظفين الامميين حال الجنوح عن الصلاحيات الأمر الذي يعد ليس تنبيها فحسب وإنما احراجا للمنظمة الدولية بعدم كفاءة مبعوثيها للقيام بادوار دبلوماسية في غاية الدقة والتعقيد حيث كانت النتيجه ما حدث بالأمس والذي يعد نجاح للدبلوماسية السودانية وخيبة امل واحباط لتجمع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي المستمد قوته وشرعيته من البعثة بشكل اكبر خلال فترة ما بعد الثورة وحتى إشعال الحرب اللعينة فلم يودع فولكر السودان راضيا او بتمام المهمة بل غادره مضطرا مغاضبا وفي نفسه شيء من حتى ومن المؤكد سيجتر ذكرياته في بلد عظيم أراد اذلاله فتجرع الذل هو واعوانه على الرغم مما الم بالوطن من جراح .