ظللت على الدوام اتحاشى الكتابة عن الشهداء.. ببساطة لأنهم أكرم منا جميعاً ولانهم خيارٌ من خيار ولأن حروفنا أقل قامة من أن تسيطر مآثرهم ومآقيهم..
بالأمس في معارك الكرامة بأمدرمان قدمنا ثلة من خيرة أبناء الحركة الاسلامية شهداء في سبيل الدين والوطن بعد ان ابلوا بلاءً حسناً وحرروا وسط امدرمان من دنس المليشيا المتمردة.
الشهيد محمد حسن إبن عوف والشهيد أحمد اسماعيل .. شباب ذللوا سبب المعاني وماعرفوا سوى الإسلام دينا.. إبن عوف شاب نسيج وحده يخجلك بأدبه الجم وتواضعه الرفيع.. رحل كالنسمة لأنه لا يشبه الدنيا وزخرفها، نذر حياته الدين والوطن.. أينما ذهبت لمنشط او محفل تجده أمامك.. يخدم اخوانه بلا كلل أو ملل.. بعد سقوط الانقاذ وحينما توارى الجميع كان إبن عوف كالشامة والعلامة ظاهراً ومشاركاً في كل المناشط ..نذهب لمحاكمات الاخوان إبان عهد قحت البائدة فنجده أمامنا.. نزورهم في السجن فنجده يسهل أمر دخول الزوار من الاخوان ، وأذكر حينما زرنا كمال عبد اللطيف يوم خروجه بريئاً رفقة أخي عبد الماجد عبد الحميد وجدنا إبن عوف في مقدمة المستقبلين ولم يبارحنا حتى لحظة المغادرة..
يشارك الاخوان أفراحهم واتراحهم.. باراً بوالديه وحينما رحلت والدته الكريمة ظل يقيم لها ختمات القرآن باستمرار وظلت داره مفتوحة للجميع..
طبيعي أن ينفر إبن عوف حينما دعا داعي الجهاد أن ياخيل الله اركبي.. فمن غير إبن عوف ليدافع عن الوطن ومن غير إبن عوف ليثور لإغتصاب الحرائر وتدمير مكتسبات البلاد.. تجول الفارس مابين المدرعات ووادي سيدنا وجبل سركاب، خاض عشرات المعارك ممسكا سلاحه بيده ومسبحته بيده الأخرى.
ماكان لابن عوف أن يتخلف عن ركب الشهداء وهو الذي يستفتي حول شرب الماء البارد من ثلاجة استلمها عساكر الجيش من المليشيا الذين سرقوها من أحد المنازل.. ماكان لابن عوف أن يتخلف عن ركب الشهداء وهو يرد على رسائلنا أثناء المعارك ويسألنا الدعاء له بالشهادة..
أما الشهيد أحمدإسماعيل فلذلك رجل أمه.. أصغر الدعاة حياته كلها لله طلب الشهادة وسعى إليها فنالها..
تقبل الله الشهداء جميعاً وجعل ارواحهم الطاهرة فداءً ومهراً لتحرير الوطن.. ويقيننا أن استشهادهم هو بشرى من بشريات النصر.