الحركة الإسلامية السودانية ليست كياناً منبتاً فهي تأريخ ممتد بدأ منذ نشأتها في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي على أيدي مجموعات طلابية في حنتوب الثانوية و كلية الخرطوم الجامعية و بعض الطلاب العائدين من مصر الذين عايشوا تجربة حركة الإخوان المسلمين التي أسسها الإمام الشهيد حسن البنا ، فنتج عن تلاقيهم تأسيس الحركة و وضع لبنتها الأولى .
الحركة الإسلامية و عبر مسيرتها التي بلغت حتى الآن 77 عاماً مرت بتطورات و تحولات فكرية و سياسية عديدة أنضجت تجربتها و جعلتها تبز جميع مثيلاتها في المنطقة .
و من أبرز تجلياتها في العمل السياسي أنها إبتدعت العمل الجبهوي العريض الذي يجمع الإسلاميين المنتمين إليها مع غيرهم على قاعدة الحد الأدنى فكانت :
جبهة الميثاق ، ثم الجبهة الإسلامية القومية ، ثم المؤتمر الوطني الذي اتسع ليجمع حتى غير المسلمين في كيان سياسي واحد مع الإسلاميين .
التأريخ السياسي في السودان يسجل للحركة الإسلامية أنها حركة سودانية أصيلة و لم نكن تابعاً لأي حركة أخرى في مواقفها و آرائها ، تأثرت بظرفها الزماني و المكاني و تأثرت بقيم و موروثات و أعراف الشعب السوداني و أثرت فيه ، لذلك فهي موجودة في كل مدينة و في كل قرية و في كل فريق و في كل حي و في كل بيت .
كذلك يسجل لها التأريخ أنها كانت باستمرار مع قضايا الوطن و كانت دائماً إلى جانب شعبها في مختلف الظروف و المواقف التي تواجهه ، و هي كذلك ظلت تمثل سندأ قوياً للقوات المسلحة تدعمها بالرجال و الفكر و المال متى ما تطلب الأمر ذلك دون من أو أذى ، و قد قدمت الآلاف من أبنائها و العشرات من قادتها شهداء في معارك الذود عن الوطن في حرب الجنوب و في الحرب الحالية في مواجهة المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها البلاد من قبل قوى الشر المحلية و الإقليمية و الدولية .
الحركة الإسلامية السودانية لم تجد طريقها مفروشاً بالورود و الرياحين بل واجهت تحديات و صعاب جمة طوال مسيرتها و تعرضت لتآمر و كيد محلي و إقليمي و دولي مستمر ، و مكث قادتها سنوات طوال في السجون و المعتقلات و تعرضوا للمخاطر حتى كاد الرئيس النميري في آخر أيامه أن يقدمهم للمقاصل بدفع من الولايات المتحدة .
إنها حركة مجاهدة لا يهاب أفرادها الموت و شعارهم دائماً هو : الله غايتنا ، الرسول قدوتنا ، القرءان دستورنا ، الجهاد سبيلنا ، الموت في سبيل الله اسمى امانينا .
حركة بهذا التأريخ و العمق و الخبرة و التجربة لن تنال منها المؤامرات مهما تكاثفت و لن تزيدها التحديات إلا صلابةً و لن تستطيع قوة في الأرض بإذن الله و حوله و قوته أن تقصيها أو تستأصلها كما يتوهم الواهمون و يحلم الحالمون من قوى الشر في الداخل و الخارج .