جملة سارت بها الركبان مذ أمد بعيد لها قصة لا يسمح المجال بسردها غير أن ما يهمنا في جملة ((من الحب ما قتل)) أن الشعب السوداني ((الطيب)) خدع كثيراً حتي أدرك أخيراً كم كان في غفلة حين رسم له إعلام المؤامرة صورة ذهنية لهوان اسمه عبدالله حمدوك فتم تقديمه من خلالها على أنه المنقذ الوحيد الذي باستطاعته تحويل السودان إلى جنة الله في الأرض فكانت الصدمة الأولى يوم خرج عليه هذا الدعي في قاعة احتشد فيها آلاف المغتربين في مدينة جدة ليعلن لهم أنه قد مرت ثلاثة أشهر منذ تقلده منصب رئيس الوزراء ولم يفعل شيئاً لأنه ما زال ينتظر (قحط) لتمده بخطة اقتصادية ليقوم بتنفيذها حينها عاش الشعب لأول مرة حجم الفجيعة فاقتنع أصحاب العقول النيرة أنه هوان ((وكيسه فاضي)) هنا خرج إعلام المؤامرة القحطاوي بفرية أن الرجل ديمقراطي لا يريد أن ينفرد بالسلطة فمرت الأحبولة على الشباب واقتنعوا بها..حتي جاءت الكارثة الثانية يوم استيقظ الشعب السوداني كله على وقع النازلة بإعلان الأمم المتحدة تعيين فولكر مبعوثًا خاصًّا للسودان بناء على طلب من رئيس وزراء السودان عبدالله آدم حمدوك ومن باب الإنصاف نثبت للشعب السوداني حقًّا أن معظم المواطنين أبدوا غضبًا شديدًا تجاه الخطوة كلف الإعلام القحطاوي جهداً مضنيًا وكبيرًا في تبرير الخطوة تحت زعم أنها خطوة جادة لرفع العقوبات عن السودان وأن هناك دعوة قد رتبت له لزيارة أمريكا لرفع العقوبات وتحسين العلاقات بين البلدين هذا التبرير للحقيقة طمأن عوام الشعب من الرجرجة والهتيفة والدهماء أما الطبقات المستنيرة بدأت تستوعب خيانة وعمالة في الرجل بادية وظاهرة…سافر الرجل لأمريكا يومها رقصت قحط وانتشت ورقصت حتى انبلاج الصبح مهللة للخطوة ولم تمر ((٤٨)) ساعة على وصوله حتي أعلن الإعلام الرسمي للبيت الأبيض بأن عبدالله آدم حمدوك وافق على سداد مبالغ التعويضات الخاصة بضحايا المدمرة كول بالرغم من أن القضاء الأمريكي كان قد قرر براءة السودان من كل التهم ليكتشف الشعب السوداني أن هذا الحمدوك كان قد جلس إلى مكتب محاماة وسلم هذه المبالغ بوعد منهم أنهم سيقومون بشطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب..المفاجأة الصادمة المدوية هي تلك المبالغ الخرافية التي دفعها دون أن يخطر بها حتى هواناته في مجلس الوزراء ولم يعلم بها المجلس السيادي مجرد علم أو إخطار لقد اتخذ القرار بمفرده،، ليست هذه هي المصيبة الكبرى في الموضوع المصيبة أن الشعب السوداني اكتشف من خلال حوار أجرته معه الصحافة الأمريكية أنه قبض الثمن فيلا في إحدى المدن الأمريكية الكبرى وحين سئل عن ذلك لم ينكر الواقعة لكنه قال أنه أهديت إليه من الإدارة الأمريكية نتيجة جهده في إحلال السلام…هنا بدأت تتكشف للشعب السوداني شخصية الرجل إذ هو خائن عميل مصلحته فوق كل شيء لتتحول شعارات تمجيده لشعارات ساخرة وصار اسمه مقترنًا عند الشعب بكل أشكال المذلة والسخرية والاستخفاف…حتى حلت المصيبة التي شكلت قاصمة الظهر في ذلك الحوار الذي أجراه مع عثمان ميرغني وكانت محصلته أن الشعب السوداني اكتشف الهوان على حقيقته بسيط في تصوراته ساذج في تقديراته ليست له خطة ولا دراية ولا معرفة بأصول الحكم ضعيف لا يتوفر فيه الحد الأدنى من الهيبة والحضور في قائد يمسك بملف الوزير الأول…ومنذ ذلك الوقت زال كل الصبغ والمسوح التي وضعت على شخصية الرجل فقد بدت سوءاته للرأي العام ولذلك استقبلت قطاعات واسعة من الشعب السوداني خبر إقالته بفرح غامر..حتى إذا عاد للمرة الثانية في ذات الموقع لم يحظ بأقل أمارات البشارة والسرور بل بالعكس وجدت عودته معارضة شديدة وصلت حد المطالبات الشعبية القوية باقالته لتتحول هذه المطالبات إلى اعتصامات وإغلاق الطرق الرئيسة في الخرطوم والولايات لتنتهي باعتصام القصر العظيم وقتها لم يجد مفراً غير تقديم استقالته…كنت ولا زلت عندي رأي أن هذا الخائن ينطوي على نفس خبيثة لكن ما كنت أظن أنه ساذج وغبي بهذه الدرجة إلا يوم أمس من خلال خطابه البائس الفقير الذي خاطب به الأمين العام للأمم المتحدة محتجًّا ومعترضًا على حضور الرئيس البرهان فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة دورة ((٧٨)) بل والسماح له بمخاطبتها…مبعث استغرابي أن هذا الهوان نسي أنه كان قد صاغ خطاب استقالته بيده: ((إنني قررت أن أرد اليكم أمانتكم وأعلن استقالتي من منصب رئيس الوزراء…)) فكيف يجاري هوانات قحط في زعمهم الكذوب بانقلاب البرهان على حكومتهم ؟!!هذا إذا صدقنا أن هذا الخائن جلس على الكرسي منتخبًا من الشارع لا بانقلاب عسكري على حكومة البشير التي ذهبت بمؤامرة دولية حتى يتسنى لهم فعل مانعيشه الآن من حرب ودمار وخراب…حمدوك هذا نموذج بين للخيانة العظمى لكن لم اتصور أنه بكل هذا الغباء و البله الذي يجعله (( يباري جداد قحط في الكوشة)) ..التبرير الوحيد الذي يبرر له فعله الساذج هذا هو أنه بارك الخطوة تحت تأثير الإسراف في ((التعاطي))…وإلا فلِمَ كل هذا الغباء.
عمر كابو