شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات ملفتة في التعامل العسكري الأميركي الروسي، فمن ناحية أجرى وزيرا دفاع الدولتين ورئيسا أركانهما محادثات هي الأولى منذ 6 أشهر.
وتحدث لويد أوستن مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وبعدها بأيام تحدث الجنرال مارك كيلي مع رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف، وهدفت الاتصالات العسكرية الرفيعة إلى الحفاظ على خطوط الاتصال الحساسة بين البلدين في الظروف الحالية.
من جانب آخر، تم نشر الفرقة 101 المحمولة جوا التابعة للجيش الأميركي في أوروبا لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، واقتربت كثيرا من الحدود الأوكرانية مع رومانيا.
ويقع المقر الرئيسي للفرقة في فورت كامبل بولاية كنتاكي، وتم نشر حوالي 4700 جندي من جنودها لتعزيز دفاعات دول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).
وتشارك هذه الفرقة، التي تعد ضمن قوات النخبة العسكرية الأميركية، في مناورات في مواقع حدودية متقدمة بالقرب من الحدود الأوكرانية تهدف إلى بعث رسالة مزدوجة لروسيا ولحلفاء واشنطن من دول حلف الناتو، مفادها أن الجيش الأميركي موجود هنا.
وقال العميد جون لوباس نائب قائد الفرقة لشبكة “سي بي إيه” (CBA) الإخبارية “نحن مستعدون للدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو، ولدينا قوات تتمتع بقدرة فريدة من نوعها”.
وتحدث ديفيد دي روش، المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن، للجزيرة نت عن اقتراب جنود الفرقة 101 المحمولة جوا من الحدود الأوكرانية، وقال إن القوات ليست كبيرة العدد بما يمكن معه توقع تغير كبير في الوضع الإستراتيجي للمعارك في أوكرانيا.
ويعتقد دي روش أن “هناك فقط لواء واحدا، وليس كل الفرقة، أغلب أعضاء الفرقة لا يزالون في قاعدتهم بولاية كنتاكي. هذه ليست القوة التي سترسلها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا إذا أرادت إرسال قوات هناك”.
وخفف دي روش من أهمية إرسال هذه القوات للمشاركة في المناورات بالقرب من الحدود الرومانية الأوكرانية، وقال “إنها مشاة خفيفة وعرضة للهجوم من المدفعية التي تستخدمها روسيا الآن داخل أوكرانيا”.
وأكد دي روش أنه من “الأسهل الانتقال إلى أوروبا لإجراء سلسلة من المناورات العسكرية لطمأنة رومانيا وتذكير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن حلف الناتو سيدافع عن دوله الأعضاء”.
من جانبه يرى ستيف بايفر، خبير الشؤون الأوروبية ونزع السلاح بمعهد بروكينغز، أن وصول العناصر الأولى من الفرقة 101 المحمولة جوا إلى أوروبا جاء في أواخر يونيو/حزيران الماضي، وكانت تلك القوات تحل محل الفرقة 82 المحمولة جوا، والتي تم نشرها في أوروبا في وقت سابق من العام.
طمأنة الحلفاء
وذكر بايفر أنه “لا يقرأ أي شيء استثنائي في مشاركة هذه القوات في مناورات بالقرب من الحدود الأوكرانية، سوى أن الجيش الأميركي يحافظ على الوجود الأكبر له هذا العام في أوروبا الوسطى لطمأنة الحلفاء بالنظر إلى حرب روسيا على أوكرانيا”.
ويكرر الرئيس الأميركي جو بايدن تأكيد دفاع بلاده عن دول حلف الناتو، وقال بايدن في سبتمبر/أيلول الماضي موجها كلامه للرئيس الروسي “نحن مستعدون تماما للدفاع، يجب أن أكرر هذا، أميركا مستعدة تماما، جنبا إلى جنب مع حلفائنا في الناتو، للدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو، كل شبر. السيد بوتين، لا تفهمني خطأ، كل شبر”.
من جانبه ختم دي روش حديثه للجزيرة بالقول إنه “قبل غزو أوكرانيا، ربما لا يعتبر مثل هذا الانتشار استفزازيا. ولكن الآن، فإن هذه الخطوة مهمة لطمأنة الحلفاء”.