نقاط متقاربة د . الصادق البشير أحمد

نقاط متقاربة
د . الصادق البشير أحمد

الدعوة لحلف الفضول واجبة

نقطة اولى

المشهد السياسي في السودان يترنح بين قبول الثورة الجديدة وشبابها ومشاعلها ومضمونها وأنها جاءت بعد نهاية حكم طويل وبين تفاعلات متنوعة منها ما ينبئ بذوبان الدولة وكينونتها ومنها ما يبشر بوعد قادم يؤسس للدولة الحديثة على أثر صعود ثورة الشباب بخصوصية داخلية وروح متطورة وفي الحالتين الإنغلاق الثوري الخائف من الثورات المضادة والإنفتاح الثوري غير الناضج بما يقدم يُضيع الهوية ويُحدث الذوبان في ثقافة الغير خاصة عندما تتلبس أمة بأخلاق غيرها فلا لأصلها تنتمي ولا لفكرة تقدمية تصل فتكن في خانة الجذر المعزولة بين الأمم وهذا بفعل بنيها، لاشئ في تقديري يجبر على هذا التعصب الفكري والتشظي في الرأي والتكوينات فقد توسعت دائرة القتال بين الإثنيات ومكون الوطن الأساس ، تعددت الجبهات أمام قوة الأجهزة الأمنية التحالف المتحالف يونا مع القوة الأمنية ثلاثين حزباً وجماعة والمعارضين بزيادة وضعف لماذا ولأي شئ هذا؟، والمصالح المشتركة بين عامة الناس شاخصة والمشتركات بينها أمام البصائر في الدين والحضارة والإنسانية فلما التفرّق الذي يجعل من امتنا السودانية والمنطقة بفوهة الغزو لإجتياح القوي للضعيف واجبارها على العيش في منطقة ضعيفة فكراً ورأي ومعاش وتعاملات وعلاقات وسيادة مسلوبة تستجدي الآخرين حتى للأكل والشرب. الإتفاق في كيفية الحكم وإدارة الشأن العام للناس بدون استخدام القوة يجعل هذه الرقعة موقع الحديث في مرايا الإستقرار بعيدة عن التأزم وحاضرة في الزمان و المكان كدولة ذات كينونة واستقلال ، متصلة بالعصر والأصل متفقة في كلياتها ومتوافقة في اطروحاتها للنهضة رافضة للظلم مؤيدة للحق وناصرة له فينا نسب الى عهد النبي رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال حدث حلف قبل الرسالة حل معضلة كبيرة بين القبائل حلف الفضول لو دعيت به في الإسلام لأجبت فقد كان الحلف قائماً على نصرة المظلوم وردع الظالم.

نقطة ثانية

شهدته دار عبدالله بن جدعان بين عامي 590-595 ميلادية لأصح الروايات بمدينة مكة المكرمة، مهما تجسد في تكوين حلف الفضول وحمل وهدف الاّ أنه يٌعد معاهدة لنبذ العنف والظلموتحقيق المساواة التي تعد من أسس الدولة المدنية الحديثة فقد كان نقطة توافق بين الإسلام والجاهلية. عقد الحلف قبل البعثة النبوية بسنوات وشهده محمد صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وكان الزبير بن عبد المطلب أول من دعا إليه وشارك فيه بنو هاشم وبنو المطلب بن عبد مناف وبنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم تعاهدالمشاركون فيه على نصرة المظلوم في مكة سواء كان من أهلها أو من الوافدين عليها، وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكّراً به وهو في المدينة لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمر النعم ، ولو دُعيت به في الإسلام لأجبت
أن الذي بين النبي واؤلئك القوم هو إقامة العدل بصورته الاجتماعية والنبي صلى الله عليه وسلم هو محور العدالة الكونية
قصة الحلف أن رجلاً من زبيد وهي بلد باليمن قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل ومنعه حقه، فاستعدى عليه أشراف قريش فلم يعينوه لمكانة العاص فيهم وقف الرجل عند الكعبة واستغاث بآل فهر وأهل المروءة فقام الزبير بن عبد المطلب فقال ما لهذا مترك فاجتمعت بنو هاشم و زهرة وبنو تيم في دار عبد الله بن جدعان فصنع لهم طعاماً وتحالفوا في شهر حرام وهو ذو القعدة فتعاقدوا وتحالفوا بالله ليكونُن يداً واحدةً مع المظلوم على الظالم حتى يُرد إليه حقه ، وذهب أشراف قريش إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه ، وأبرموا هذا الحلف. سبب تسميته أن من قاموا به كان في أسمائهم الفضل كالفضل بن الحارث والفضل بن وداعة والفضل بن فضالة، وكم من فضل وفاضل في امتنا وبلادنا ليجتمعوا ضد الظلم ضد القتل ضد الإقتتال ويبرموا عهداً فاضلاً بيننا ، قال الزبير بن عبد المطلب .إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا ألا يقيم ببطن مكة ظالم ولا يبقى فيها مظلوم. هذه المواقف ليست مبنية على توافق عقدي بين المتقاتلين ، وإنما هي ذات مرجعية إنسانية قائمة على قوة الحس المشترك بين البشر ، من باب الشعور بالآخر ومدى تأثير الظلم عليه بالقياس إلى نفسية كل واحد منا و تصور انتقاله إلى نفوس الآخرين.

نقطة ثالثة

حلف تنتظره ساحة العمل السياسي والاجتماعي والوطني يجمع بين القوة والحق والولاء للوطن ، حلف فضول مثله مثل الذي قال فيه المحدث .إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا أن لا يقيم ببطن مكة ظالم ولا مظلوم أمر مهم عليه تعاهدوا وتواثقوا فالجار والمعتز فيهم سالم ندعوه في الخرطوم مقر الحكم حلف يجمع الأحرار واصحاب الضمير الحر من شركاء الإنسانية يقوم على إستقامة ميزان العدل ووحدة معيار الإخاء الوطني لإقرار السلم في السودان ، لتنتقل به الأمة من الصحوة الى اليقظة ثم البحث عن النهضة التي تأتي وفقاً للسنن الألهية التي تقوم على العقيدة المتوافقة على الفطرة ، والعبادة الدافعة للعمارة ، والعقل المهتدي بالوحي المرتبط بالإيمان المقترن بالدعوة ، ثم جسد امتنا الممدود بالروح والأخلاق المترقية بالإنسان ، والعدل المؤيد بالإحسان ، والتشريع المحقق للمصلحة ، والأسرة التي تصون الفرد ، والفن الملتزم بالقيم ، والخير المتوشح بالجمال. وهذا ما يحققه الحلف .

جملة النقاط

دعوة الفضول ظاهرها كباطنها للتوازن للتعامل للتعاون لنحفظ هويتنا وحقوقنا ، لا ينال أحد من قدسية بلادنا كائناً من كان من غزو مصادرها وتركيع رموزها كبيرها وصغيرها نحفظ حقوق الراعي والرعية والمظلومين جميعهم وذاك مافعله حلف الفضول. فمتى عفت الزيبان عن لحم صيدها وقد امكنتها من مقاتلها البهم الا أن كل أمة ضائع حقها سدىً اذا لم يؤيد حقها المدفع الضخم..

ونلتقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *