البشرية على امتداد تاريخها تضم نوعين من الناس ، نوعا يكتب التاريخ وآخر يقرأه من على البعد ويظل رجال القوات المسلحة كاتبون لسطور المجد على أوراق التضحية بعد أن نضجت بين الدماء والجراح،، والسفر الباذخ يحتشد بهذه النماذج من الفراس ، تجعلنا نستدعي معها مقولة الفيتوري( لن تبصرنا بمآق غير مآقينا ولن تعرفنا ما لم نجذبك فتعرفنا وتكاشفنا )..
خنادقنا مقابرنا هذا الاصطلاح الضاج بالتندر من الموت والاقبال عليه بلا إدبار ظهر في زمانين ومكانين مختلفين .. الأولى يرددها القادة الذين رفعوا السلاح ضد الحكم آنذاك من القصة الأولى ما زال القادة في الحركة الشعبية بدولة جنوب السودان يذكرونها على تواتر ،، خاصة من كان منهم مقاتلا في مدينة الناصر بولاية أعالي النيل ( جنوب السودان ) * في أواسط العام 1987 والحرب مستعرة تقضم الأخضر واليابس والحكام في غيهم ساهون يصطرعون على مباهج الحكم ومغانم السياسة ،، دبجت بعبارة تجسد حالة اللامبالاة المستفحلة عند الساسة فقال أحدهم وهو وزيرا حينها ( فلتسقط فلقد سقطت برلين ) .. تعليقا على سقوط مدينة الكرمك حينها .
على ضفة مقابلة كان العقيد محجوب محمد موسى يراسل القيادة طالبا الدعم سدا للفجوة ومدا ليد العون والرسائل تترى ردا على إلحاحه أن امضي أنت وربك فقاتلا .. بادر بعدها فارس معركة الناصر بإرسال إشارة إلى قيادته من كلمتين إثنين .. خنادقنا مقابرنا ..
اليوم تكتب ذات القصة وتسطر ذات الأسطورة ،، اللواء ياسر فضل الله أسد حامية نيالا العسكرية الذي اذاق قاذورات التمرد وأعوانهم حمم من لظى ولهب ، منثورون على الأرض هلكى وصرعى ينقر الطير في أجسادهم الجيفة اضطرارا ليقتات، فحكم نقرة الطير المضطر هذه كاضطرار الإنسان أكل الخنزير ساعة حاجة منجية .
أربعة اشهر متواليات صمود وتحدي وبسالة واستبسال طالبون للموت لا رف لهم جفن ولا سكنت قلوبهم مكاره التردد … فكان ود فضل الله شامخا كالطود راسخا في الأرض كالاوتاد يتغنى ويلهج بالنشيد حافرا قبره متبسما ساخرا من هيبة الموت.. وكأنه يرسل الرسائل للاوباش بمقولة .. الله أقوى من هدير سلاحكم أنعم برب العالمين وكيلا سيعلم الباغي مغبة مكره ولسوف يعلم من أضل سبيلا ..
في امان الله وجواره وسقيا حوض رسوله الاكرم محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والتسليم..
الاثنين 21 اغسطس 2023 م