ما من باب في الداخل أو الخارج إلا وقد طرقته قحط من أجل أن تجلس مرة ثانية علي كرسي السلطة..ومن عجب كل الأبواب كانت تنتهي بها إلي ((حظيرة)) الفشل لتعيد الكرة مرة ثانية بذات الغباء بذات النهج القديم لتنتهي إلي ما انتهت إليه سابقاً من نتيجة مفادها ملحوظة صادمة: ((أعد الدرس ياغبي))٠٠٠ فالنتيجة دوماً صفرا كبير علي الشمال في كل مسافات تقطعها أو تمشيها…معارضة فطيرة صنفتهم ضمن أسوأ معارضة علي مستوي العالم من حيث العمالة والخيانة والتفاهة والابتذال وبيع الوطن بثمن بخس وتبخيس إنجازات الآخرين وعدم الاعتراف بالأخطاء الساذجة البليدة…
وتجربة حكم للبلاد لم تكن بأفضل حال من معارضتهم… ذات البؤس والتعاسة والفساد والمحسوبية واستغلال النفوذ وإهدار الموارد وظلم الآخرين والتنكر لقيم الشفافية والنزاهة والافصاح…
فأربعة سنوات من حكمهم لم يفلحوا في تحقيق إنجاز واحد..ولم يسمحوا للمراجع العام بإصدار تقريره السنوي وأمام ممارسته الضغط عليهم قاموا بإقالته في مخالفة واضحة لصحيح القانون خشية أن يعلن تجاوزتهم وفسادهم المثير…أما الخدمات فحدث عنها ولاحرج،،ما من مرفق عام إلا وقد شلت حركته وتعطلت خدماته فضاق الشعب بهم ذرعاً سيما وأن الجامعات أغلقت أبوابها في وجه الطلاب طوال فترة حكمهم بينما فقدت الخرطوم نعمة الأمن والأمان مع إنتشار ظاهرة: ((تسعة طويلة))…
هنا ما كان أمام الشعب غير الاعتصام أمام القصر مطالبين بإقالتهم فقد عد الإعتصام الأكبر في تاريخ السودان تزامن ذلك مع إعتصامات البجة في شرق السودان والجعليين في نهر النيل وشباب القضارف في الفاو والمسيرية في مناطق البترول وأهالي الشمالية الذين أغلقوا شريان الشماليةفتوقفت الحياة ولم يكن أمام البرهان إلا أن قام بحل هذه الحكومة الفاشلة قرار وجد ترحيباً واسعاً من كل الشعب السوداني فقد تنفس الصعداء بعد أن عادت الحياة إلي طبيعتها..
ولأنهم خونة مأجورين فاسدين تافهين لا تعوزهم الأفكار الشيطانية وسيلة للوصول لكراسي السلطة فقد أقنعوا الهالك حميدتي بأنه صاحب سطوة وقوة ومال وعتاد وأنهم سيوفرون له الغطاء السياسي والدعم والمساندة الشعبية وما عليه سوي القيام باجتياح الخرطوم والانقلاب علي البرهان..
فكرة وجدت عنده قبولاً سيما بعد أن أقنعوا دويلة الأمارات العربية المتحدة بيسر وسهولة العبور واستلام السلطة في ربع ساعة ليشعلوا بذلك الحريق حرباً ماكرة قضت علي الأخضر واليابس في الخرطوم،،بيد أنها لم تحقق مبتاغهم إثر الهزيمة الكبيرة التي تلقاها جناحهم العسكري مرتزقة الجنجويد علي يد أبطال قواتنا المسلحة…
هنا وبدلاً من أن يستسلموا قرروا أن يرفعوا شعار ((لا للحرب)) لينقذوا من تبقي من فلول المرتزقة الذين من جبنهم لاذوا بالاحتماء والإختباء في أصلاب الحوامل والأطفال حديثي الولادة بمستشفيات الدايات والولادة،، خوفاً من الهلاك بقاذفات البريقدار والسخوي والانتنوف التي لا ترحم …
لكن وعي الشعب وإرادته النافذة اجتمعت مع إرادة قواتنا المسلحة بأنه: لا هدنة ولا تفاوض ولا إتفاق مع مرتزقة أجانب اغتصبت حرائر السودان ونهبت أموال المواطنين وطردت وشردت الأسر من المنازل.فإما أن تستسلم المرتزقة وتضع السلاح أو سيواصل الجيش مسنوداً من الشعب معركته ضد المليشيا المتمردة.. ولأن قحط دوماً لا تضع للشعب اعتباراً ذهب هواناتها يبحثون عن الحلول المستوردة..
بدأوا بكينيا فاشتعل الحريق بها،، وغادروها لأثيوبيا فانفجرت حرباً أهلية كادت أن تطيح بقيادتها..
هنا لم يكن أمامهم سوى الازعان والرضوخ لمصر التي ازدروها وأسأوا إلي قيادتها وأتهموها بعدم الحياد والانحياز ضدهم..ولكنها مصر صاحبة القلب الكبير تجاوزت عن الصغائر وقبلت اعتذارهم وفتحت صدرها إليهم بصبر شديد ورجاحة عقل وتؤودة واتزان وذكاء وقاد ومعلومات واضحة عن السودان بتفاصيله الدقيقة…مصر تعلم قوة الجيش السوداني وصعوبة حكم السودان بمعزل عنه…
وتعلم أن المؤتمر الوطني حزب محترم كبير صاحب أثر باق وقيادة ملهمة وقواعد مؤهلة وتنظيم دقيق شكل رقماً صحيحاً وكبيراً في الخارطة السياسية السودانية علي الأقل يصعب في الراهن أي محاولة لإقصائه أو تجاوزه… ومصر تعلم أن الإسلاميين بقيادة البشير ليسوا كإسلاميين الدول الآخري فهم في السودان تيار وسطي بلا أفكار جامدة معلبة أو رؤي عنيفة صادمة..
تيار قدم تجربة باهرة في السودان خاصة بعد عشرة السنوات الأولي من الإنقاذ استطاع المزاوجة بين أصالة الإسلام وثوابته،، وبين فقه الحاضر وتشعباته،، مستلهماً من التراث العربي والفقهي ما يجعله حزباً مواكباً لأطروحات العصر غير منفصل عما يحدث من مستجدات في العالم…
ومصر تدرك أن أعظم فترة في عمر البلدين الشقيقين مصر والسودان كانت في فترة البشير والسيسي حيث بلغت المحبة بينهما ما جعل البشير يحتفي به ويقدره تقديراً كبيراً ويخلص له في مودته…أمام ذلك فإن الحكمة المصرية وقدرتها علي استنطاق كنه الاشياء تأبي مسايرة هؤلاء الحمقي في أي خطوة تقصي الإسلاميين أو تبعدهم عن دائرة الفعل فقط لأنها تريد أن تنجح في مهمتها بطي صفحة الحرب وإعادة الاستقرار للسودان وبالضرورة فإن الإسلاميين لهم إسهامهم الفاعل كأحد أهم عوامل الإستقرار.. ومصر تعلم أن الشعب السوداني كله الآن ساخط غاضب يكره قحط ويزدريها ويرفض أي مبادرة تعيدها للسلطة مرة ثانية…
ومصر تستطيع في لمحة بصر أن تتابع ردة فعل الرأي العام السوداني عن هؤلاء الهوانات الكلاب الذين كانوا سبباً مباشراً في إغراء المجرم الهالك حميدتي بإشعال حرب قضت عليه وأدخلته الحرب ..من الآخر الشعب السوداني يؤكد ثقته في قدرة مصر في مساعدة السودان في طي صفحة الحرب وتخليصه من المرتزقة واعتماد جيش واحد في البلاد ودعمه ومساندته..ويثق أن مصر لن تسمح بأن يجثم هؤلاء القحاطة الهوانات الكلاب المناكيد علي صدره مرة أخرى لينفذوا توجيهات دويلة تطمع في السودان وتريد تحويله لضيعة من ضيعاتها من حيث لاقدرة ولا فكرة…فإن فرضهم علي الشعب السوداني يعني مزيد احتقان سياسي ليس معه استقرار …
نجدد تقديرنا ومودتنا واحترامنا للشعب المصري وحكومته التي أثبتت صدق مشاعرها وعواطفها ((الجياشة)) نحو شعبنا ووطننا السودان وهي تقاسمنا في مودة وصبر وجلد الهم والمأوي والدموع…عمر كابو