منذ توقف المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة السودانية ووفد مليشيا الدعم السريع التي تستضيفها مدينة جدة الساحلية برعاية امريكية سعودية.. منذ مايقارب الشهر، بسبب تعنت المليشيا وعدم تنفيذها لبنود التفاوض وتمترسها داخل منازل المواطنين والمؤسسات الصحية.. أعلن الوفد الحكومي تعليق المفاوضات منذ آخر هدنة، بعد أن اتضح جلياً أن مليشيا الدعم السريع ظلت تستغل الهدن في إعادة الإنتشار والتمركز والتشوين وإدخال السلاح والمسيرات عبر منظمة الصليب الأحمر المشبوهة وعبر العملاء الذين باعوا أوطانهم وضمائرهم مقابل حفنة من الجنيهات وظلوا يتعاونون مع المليشيا في تهريب السلاح وبيع الوقود، وهؤلاء لا مكان لهم بين أهل السودان بعد اليوم..
من خلال وجودي في مدينة جدة وبحثي المستمر عن كواليس المفاوضات غير المباشرة علمت أن وفد مليشيا الدعم السريع ظل منذ مايقارب الشهر يسعى لإستئناف المفاوضات بكافة السبل وظل يوسف عزت ورفاقه في حالة طلب دائم للهدنة ووقف إطلاق النار عبر الوسيط السعودي الأمريكي الذي بدوره نقل ذلك لوفد القوات المسلحة والحكومة السودانية أكثر من مرة غير أن الوفد الحكومي رهن وقف إطلاق النار والهدنة بالإنسحاب الكامل وغير المشروط لجنود المليشيا من منازل المواطنين والمؤسسات الصحية والحكومية..
وهنا يبرز السؤال المهم هل تمتلك المليشيا (الكنترول) على جميع جنودها؟ وهل تمتلك قناة للتواصل مع جميع الجنود على الأرض؟ وهل سيستجيبون لتعليماتها وينسحبون من منازل المواطنين؟!.. هذا حال وافق الجيش على الهدنة!!.
مصدر مأذون ومقرب من المفاوضات أكد ان وفد المليشا وافق في وقت متأخر من ليلة أمس الأول على الإنسحاب والتجمع في مواقع حددها ب(المدينة الرياضية) الخرطوم و(معسكر المظلات) بحري و(معسكر الصالحة) أمدرمان.. شريطة إنتشار قوات دولية تضمن للمليشيا التجمع والإنسحاب الأمر الذي قوبل بالرفض جملةً وتفصيلا من قبل الوفد الحكومي الذي سيقع في خطأ قاتل إن وافق على نزول (بوت) أو (بوريه) أجنبي واحد لأرض الخرطوم، لأن راعي الضأن في بادية كردفان يعلم نفاق وعدم حيادية المجتمع الدولي الذي إن لم يكن منحازاً للمليشيا فلم يكن حريصاً على إستقرار السودان، سوى بعض الدول التي ترى في إستقرار السودان مصلحة لها وتامين لحدودها وحماية لأمنها!!..
الأنباء الواردة من الخرطوم صباح اليوم تؤكد إنسحاب بعض قوات المليشا من شرق وجنوب الخرطوم والتجمع في المدينة الرياضية وهذا يقرأ في سياقين: الأول ربما أتتهم تعليمات بالإنسحاب لإبداء حسن النية، والثاني التمركز واعادة التموضع إستعداداً للهجوم على القيادة العامة أو سلاح المدرعات وبالتالي تحسين موقفها التفاوضي، وفي كل الأحوال على الجيش اتخاذ الحيطة والحذر اللازمين..أمر آخر هو طلب الوسيط من القوات المسلحة إدخال وفد من المدنيين والسياسيين للمفاوضات، والوفد المقصود هنا بالتأكيد هو شرذمة وأراذل الحرية والتغيير الذين حملوا حميدتي وشقيقه حملاً على الحرب وهددوا بها نهاراً جهاراً (الإطاري أو الحرب) وحينما إشتعلت الحرب هرولوا واحتموا برؤساء الدول العميلة والمرتزقة بحثاً عن تفاوض يعيدهم لسدة الحكم!!..وهنا على البرهان وقادة القوات المسلحة أن يعلموا أن القبول بالحوار مع عملاء السفارات ومرتزقة المنظمات الذين اجتمعوا مع البرهان قبل المعركة بساعات قليلة و(خدروه) بأن حميدتي لا يريد الحرب!!.. في الوقت الذي غادروا فيه منزل حميدتي بعد دقائق خشية إنكشاف أمرهم بعد أن وجدوا (لغماً) في داره!!..
الجلوس مع هؤلاء الأوباش سيفقد الجيش الإلتفاف الشعبي غير المسبوق كما سيفقده عدد من المتطوعين المقاتلين في صفوفه وسيجعل ظهره مكشوفاً بل سيجعل قيادة الجيش الحالية في مهب الريح.على الجيش أن يفاوض من منطلق قوة وان يملي شروطه فهو يمتلك زمام المبادرة ويسيطر على الأرض.