جمعتهم جغرافيا الصحراء وحياة البدو والترحال وقسوة الطبيعة وجسارة المواقف يمثلون مرجعيات اثنية وقبلية وعرقية مختلفة ولكن تجمعهم خيوط متينه من المصالح والعقيدة الواحدة والأرض اليباب كلاهما من بادية وصحراء الشمال الدارفوري لهما امتدادات داخل العمق التشادي هلال زعيم عرب الرزيقات وعبدالعزيز نور عشر من الزغاوه كوبيكلاهما ينتميان إلى جيل واحد ولكن فرقت بينهم السياسية والثقافة عشر من بيت إسلامي كبير وهلال بلا انتماء سياسيحتى عهدا قريبادفع عشر ثمنا باهظا لما يعتقد أنه الصواب قاتل ونافح داخل الحركة الإسلامية قبل أن يحمل السلاح كان ناقدا لبعض السياسات جاهرا بقناعاته داخل التنظيم الإسلامي مثله سليمان صندل الذي يكتب في ألوان مقالات ناقدة لوزير الداخلية حينها الفريق عبدالرحيم محمد حسين ولايابه كثيرا لموقعه كضابط نظامي بيد أن عبدالعزيز نور عشر المحامي خريج جامعة القاهرة فرع الخرطوم لم تشلمه اختيارات الوزراء والمحافظين بينما عين أخيه خليل وزيرا في جنوب السودان وأخيه الآخر جبريل إبراهيم مديرا لشركة عزه للنقل الجوي التابعة للقوات المسلحة ولكن موسى هلال بعد رحيل الشيخ هلال حكيم البادية اختارته قبيلته شيخا للمحاميد وهو فتى غريرا معتدا بنفسه حد الغرور مسنودا بعصبة من فتيان عشيرته المقاتلين وحينما وقعت واقعت الحرب وحمل مني مناوي وعبدالله أبكر وتور الخلا وعثمان البشري السلاح في وجه الدولة ماكان عشر حينها الا قيادي في التنظيم الحاكم لكنه ناغما بشدة على الأوضاع متمردا على توجيهات التنظيم متكيئا على ظهر وعصاة الزغاوة يهش بها عسف السلطة وجورها وغشامتها كمحامي كان خيار الفريق إبراهيم سليمان والي شمال دار اتخاذ تدابير لكبح جماح النهب المسلح والصراع القبلي باعتقال الشيخ موسى هلال والزج به في سجون البحر الأحمر بعيدا عن دارفور وسجن دبك ربما خوفا من هروبه أو محاولة عشيرته إخراجه قسرا وإبراهيم سليمان تقاطعات رؤيته وسياساته مع الرؤيا المركزية التي ركنت للحل العسكري بينما الفريق الجنرال مع التسوية السياسية للبنة تمرد تتخلق في رحم قبلي وامشاج مناطقية مابين كارنوي وخزان جديد وفواروية في دار زغاوة وسورنق وروكرو في جبل مرة وبينما موسى هلال يعاني وحشة السجن في بورتسودان وتقعده الرطوبة المالحة عن النشاط ويضعه مدير السجن في زنازين المجرمين وعتاة النهابين ولكن فجأة يهبط من طائرة عسكرية ضباط كبار في القيادة العامة العميد عوض ابن عوف نائب مدير الاستخبارات والمقدم ركن عبدالفتاح البرهان ومن المطار إلى السجن دون المرور بالوالي اللواء حاتم الوسيلة السماني وبين حوائط السجن التي لاتسمع جرت مفاوضات بين ضباط في الجيش وسجين أفضت لإطلاق يد موسى هلال لمساعدة الجيش للقضاء على التمرد والاستفادة من التناقضات العرقية والتباينات القبلية وتوظيف موسى كبندقية تقاتل نيابة عن الخرطوم مدفوعا بمصالح بين يديه ومن خلفه قبيلته وعشيرته الاقربين وخرج هلال من السجن حبيسا إلى دارفور رئيسا وجنرالا تهابه القيادة الغربيةوفي الطرف الآخر عبدالعزيز نور عشر قد حسم أمره واتجه مع نخبة من الإسلاميين الناغمين على مسلك قيادة التنظيم الذي رأى فيها خليل إبراهيم انحرافا عن جادة الطريق فقرر تكوين حركة حدد اسمها أهدافها ومبتغي تطلعها (العدل والمساواة)ولما خرج هلال من السجن خرج إبراهيم سليمان من قصر سلطان سلطنة الفور وجاءت تقديرات القيادة بالاستاذ عثمان يوسف كبر وكلاهما اي كبر والجنرال إبراهيم من قبيلة البرتي الأكثر استقرارا من بدو الشمال وبالتالي الأكثر حظا في ارتياد آفاق التعليم والمعرفة لم يهزم هلال الحركات المتمردة بقدرما هزمت الدولة نفسها وهي تعتمد على حشد القبائل لتقاتل بعضها وحينما لم تجد قبيلة الرزيقات ماتخوض به معاركها خاضتها مع نفسها واحترب موسى هلال قائد الجنجويد مع ضابطا يتبع له اسمه محمد حمدان دقلو جاء به موسى هلال من فصيل يدعي (امباغه) يقاتل من آجل مصالحه الخاصة ويباهي عناصره بأنهم بلا هوية تحدد ووطنهم ويقولون عن أنفسهم ويقول عنهم آخرين (ام باغه لا جنسيه ولا شهاده) الميت مفقود والحي مستفيد ووجد الرئيس البشير في الضابط محمد حمدان دقلو مالم يجده في الشيخ موسى هلال فقرر البشير التخلص من القديم واستبداله بالوافد الجديد وربما لم يسمع البشير بقصة وزير خارجية الاتحاد السوفيتي عندما حدثه وزير الخارجية البريطاني بعض أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتجديد للدبلوماسي النمساوي كورت فالدهايم لدورة جديدة كامين عام للأمم المتحدة فقال الوزير السوفيتي ربما الحزاء القديم أكثر راحة للقدم من الجديد لو عمل البشير بتلك المقولة الحكيمة لابقي على هلال قائدا لكنه استبداله بحميدتي بل اصغي البشير لوشايات المجالس في الأفراح والاتراح واسند لحميدتي الذي صار يلقبه البشير تدليلا وحبا (بحمايتي) واصبح حميدتي مدللا عند البشير مثله فاطمة عبدالرحمن المهدي بت ملوك النيل التي كان الإمام عبدالرحمن يضعها في حجره ويقول( الأنصار انا بريدكم مثل فطين بتي دي) واثبتت الايام ان المرأة أكثر وفاءا من الرجل وغدر حميدتي بشيخه هلال وتحالف مع عمه حسبو محمد عبدالرحمن واعتقل من وسط عشيرته ومقر مشيخته وحمل إلى الخرطوم عبر مروحية عسكرية مكبل الأيادي رث الثياب لكنه كان صامدا في وجه سجانيه ولم يخرج إلا بعد أن أيقن حميدتي أن معركته وسقفها ارتفع من مستريحه ودار فور إلى حكم السودان وبتلاع سلطته بقوة السلاح لا بالحق ليعود موسى هلال إلى الفضاء السياسي مرة أخرى ومن المفارقات أن أصبح أقرب البشير السجين من حميدتي الطليقاما عشر فقد امتشق السلاح وخاض غمار المعركة السياسية موظفا كل قدراته لخدمة حركة العدل والمساواة التي خرجت من عباءة التيار الإسلامي وقد حاولت أجهزة المخابرات السودانيه دمغها بالردكالية الاسلاميه والزعم بانها الزراع العسكري لحزب المؤتمر الشعبي بقيادة د حسن الترابي ولم تفلح محاولات النفي المتكرر في إقناع الرأي العام بأنها لاعلاقة لها بحزب الشعبي حتى كانت عملية الزراع الطويل حيث توغلت قوات حركة العدل والمساواة من اقاصي دارفور إلى قلب أم درمان وقبض على عشر وذهب إلى السجن وحكم عليه بالإعدام شنقا حتى الموتلم ييأس الرجل من الحياة وكان قلبه متيقنا من الخروج آجلا ام عاجلا ومن داخل السجن حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد عن العلاقات الاقتصادية بين السودان والصين وفي ذلك شهادة لصالح السجين والسجان معا وبقي عشر يغالب الأم السجن حتى هبت عاصفة التغيير فحملته جموع الجماهير من السجن إلى فضاء الحرية ليعود عشر للساحة كما عاد مصطفي سعيد في رواية موسم الهجرة للشمال ومثل عودة موسى هلال مرة أخرى للحياة ولكن متى يكتب هؤلاء القادة قصصهم وحكاياتهم عن السجن والحرية والخبز وسودان مابعد حرب وخراب الخرطوم الحالية على زكر خراب سوباماذا قال عشر لهلال في حديثهم الهامس قبل اندلاع الحرب بيومين فقط؟؟