فيما أرى عادل الباز العدالة لوجدي


1
الأفضل من الشماتة فى ما حدث لوجدي صالح هو الاعتبار….فهل من معتبر؟. أطلبوا لوجدي العدالة (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُواْ ۚ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ.) .صدق الله العظيم
2
تقطعت نياط قلبي وأنا أستمع لأسرة وجدي صالح وهى تبث شكواها للعالمين.. رأى الصغار أباهم يُنتزع من مخدعه فى أنصاص الليالى …وقالت زوجته جيهان إن إعلانه كمتهم هارب إشانة سمعة للأسرة وأكدت أنه معتقل في ظروف غير صحية وقالت جيهان أن الفلول يهدفون للانتقام منه بسبب عمله في لجنة التفكيك.
3
وددت لو أن السيدة المحترمة جيهان ذكرت لنا ماذا كان يعمل السيد وجدي فى لجنة التفكيك وكيف تعمل تلك اللجنة وماذا فعلت تحديداً؟ .لم تفعل السيدة جيهان لعلها وهى وسط محنة اعتقال زوجها الكريم قد نسيت… ولذا قررت أن أخصص هذا المقال لإنعاش ذاكرتها لترى عمايل زوجها في اللجنة سيئة الذكر تلك.
4
لا شك أن السيدة جيهان كانت متابعة جيدة لبرنامج (أراضي وأراضي) فى التلفزيون السودانى، فهو برنامج ممتع كان يتابعه كل السودانيين بشغف، وهو أفضل برنامج كوميديا سوداء عرض فى القنوات الفضائية العربية على الإطلاق، كان مضحكاً ومبكياً فى آن. كان أبرز وأشهر الممثلين فى سلاسل ذلك البرنامج هو زوج الفضلى جيهان، وجدي صالح. بل كان نجمه بلا منازع برفقته ممثلون صغار تدربوا جيداً للعب الأدوار الثانوية القذرة.
كان وجدي حين يصعد مسرح العبث ذلك فى كامل أناقته (لاحظت الشتارة فقط فى ألوان الكرفتات التي كان يرتديها) لا أعرف لماذا، ما عدا ذلك كان أنيقاً….كان ممثلاً بارعاً يضبط إيقاع لغة جسده مع ايقاع الكلمات الفخيمة التي يدلقها في آذان السامعين في طيات لغة عربية تتسم بركاكة عجيبة. أهم ما يشغله وهو على المسرح، نظارته تراها صاعدة هابطة بين يديه تعبر عن توتر داخلي مريب في أدائه التمثيلي الهزلي يقدح فى صدقية ما يهرف به.
5
قد لا تتذكر جيهان جيداً ماذا كان يفعل بعلها، قد يكون ذلك بفعل النشوة التي كانت تنتاب الأسرة وهم يتحلقون حول التلفاز ليروا رب العائلة وقد أصبح بطلاً ثورياً مشهوراً يفعل ما يريد، كيف لا وهو الذي يوجه الاتهام وهو المتحري والنيابة والقضاء الذي يصدر الأحكام العاجلة .. سلطة لم تتوافر لأي ديكتاتور صغير فى التاريخ الحديث.
فى ذات الوقت كان أبناء وبنات المتهمين يتحلقون حول ذات التلفزيون ليستمعوا لاتهامات آبائهم بأنهم حرامية وأنهم مختلسين أكلوا أموال الشعب وسرقوا أراضيه ونهبوا ثرواته..هكذا على الهواء مباشرة دون تحقيق أو صحيفة اتهام تقدم لنيابة وقضاء، فيعرف الصغار أن آباءهم إنما كانوا يطعمونهم حراماً بحسب ممثل الثورة المحامي وجدي….فتفيض عيونهم بالدموع، بعضهم لم يستطع الذهاب لمدرسته بسبب تلك الاتهامات. عن أي تشويه سمعة تتحدث السيدة جيهان؟ آلاف الأسر تشوهت سمعتها وتشردت. كم من متهم هارب أعلنته لجنة وجدى بالصورة والصوت وفي الصحف وضجت الأسافير بحكايات هروبهم؟. تعرف السيدة جيهان ذلك وأكثر لكن لم تواتيها الشجاعة لمناشدة زوجها بالكف عن تشويه سمعة الناس، لاذت بالصمت… والآن تشكو من ذات الداء.!!.
6
تقول جيهان إن زوجها معتقل في ظروف غير صحية. أهذا عدل، لماذا لا تتوفر لوجدي ظروف صحية جيدة طالما هو متهم حتى الآن لم تتم إدانته بارتكاب جريمة؟. أضم صوتي لجيهان لكي تتوفر لزوجها أفضل ظروف صحية فهذا من حقه.
يا ترى هل تناهى لسماع السيدة جيهان كيف كان حال المتهمين الذين سجنوا أو أولئك الذين قضوا نحبهم فى سجون التفكيك جراء قرارات زوجها ورهط الديكتاتوريين الصغار. كانت الكرونا يا سيدة جيهان تحصد فى أرواح البشر بلا هوادة، وقتها كانت لجنة وجدى تدفع بالعشرات إلى أقبية السجون دون أى تقدير لخطورة المرض، أكثر من مائة فى سجن المقرن وفاضت كوبر بالسجناء ولشهور بل ولسنوات دون أي اتهام !!. قضى السيد الشريف ود بدر نحبه وهو يبحث عن علاج فى الشارع على ظهر إسعاف….حصدت الكرونا روح الشهيد المهندس الطيب بعد يوم واحد من خروجه من زنازين التفكيك مصاباً بالكارونا. ظل الطيب حتى مماته يتساءل عن تهمته وهو الذي لا يعرف الفرق بين الوطنى والشعبى إذ لا علاقة له بالسياسة…هل تعلم السيدة جيهان أن الشهيد الزبير أحمد الحسن، الأمين العام للحركة الإسلامية مات بالإهمال الطبي؟.
7
السيدة جيهان ليست وحدها فكثير من الذين تتعالى أصواتهم اليوم مطالبين بالعدالة لوجدي – وهو يستحقها – لاذوا بالصمت حين كانت العدالة تنتهك أمام أعينهم ويمزق القانون وتنتهك بحرمة النيابات. الآن وجدي مرتاح فى سجنه توفرت له كل مطالبه وينتظر تحقيقات النيابة لتقدمه للقضاء. وقد يخرج بالضمان، وهذا هو القانون وتلك هى العدالة لو استمرت فى طريقها دون تدخلات …. عكس ما كانت تفعله لجنة التفكيك. والذاكرة حية.
بقدر ما سررت، حزنت وأنا أرى جموعاً من المحامين يتدافعون للدفاع عن وجدى…. ياترى أين كانوا فى تلك الأيام السوداء أيام لجنة التفكيك.؟ كانوا صماً وعمياناً ولم يروا العدالة تنتهك حتى فى حق زملائهم وأساتذتهم (الأستاذ عبد الرحمن ابراهيم نقيبهم الأسبق)، والآن هاهم قد ارتد لهم بصرهم وتيقظت ضمائرهم فجأة فهبوا للدفاع عن صاحبهم بعد أن تذكروا أن هناك مطلباً إنسانياً يسمى العدالة وهو ينبغي أن يتاح للجميع، ولكنهم من فرط انحيازاتهم بعضوها ، جزء يستحق العدالة وآخرون (أولاد كلب) لايستحقونها. إن الكذابين تفضحهم المواقف ولو اختبأوا خلف الشعارات طويلاً.
8
الآن السيد النائب العام يرى بأم عينه العشرات يقبعون في السجون ويتهمون فى النيابات بلا أي حيثيات ويغمض عينيه، والمطالب أمامه تتصاعد بأن يذهب بالمتهمين والمظلومين إلى سوح المحاكم ولكنه لا يفعل، لا يسمع، ولا يرى ولا يعتبر مما آل إليه حال من سبقوه من الظالمين…..سيدي النائب العام يوماً ما ستترك هذا المقعد وقد يكون قريباً، وقتها ستحل عليك اللعنات ولن يذكرك التاريخ بخير كونك خذلت العدالة وخفت وارتجفت من الذين هم فوقك يأمرونك حرصاً على صيت زائل وكرسي دوّار لن يغني عنك في الدنيا ولا في الآخرة من الله شيئاً…..؟ هل من معتبر.؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *