كان السيد جون بولتون ، احد اقطاب التيار اليمينى المحافظ ، سفيرا للولايات المتحدة ومندوبا دائما لها بالأمم المتحدة خلال الفترة التى عملت فيها سفيرا ومندوبا دائما للسودان بنيويورك قبل ان تخلفه على الموقع السيدة سوزان رايس….كان السيد بولتون لايحبنا ولا اقول لايطيقنا وكنا لانحبه ولا اقول لانطيقه غير ان صداقة واحترام ما ساد بيننا ولا ادرى كيف يتم تعريف تلك الصداقة والاحترام ..هل هى ” صداقة حافة الهاوية ” ام ” احترام الضرورات تبيح المحظورات “…غير أن ما لفت نظرى هو صدق الرجل مع نفسه اذ ظل يصدع دوما بما يؤمن به ، وهو امر قد سبب له عديد المشكلات بمافى ذلك مع إدارة ألرئيس السابق ترمب….كان السفير جون بولتون من كارهى الامم المتحدة وشانئييها ..ظل يؤمن بأنها الابتر والأقل قيمة وفاعلية…قال ساخرا ” ان ازحنا من طوابق بنايتها التمانية وثلاثين نصفها فلن يحدث ذلك أثرا دفتريا او فكريا ومهنيا…لن يتغير اى شئ بداخلها او فى العالم او فى النهر الذى تشاطئه… سنسعد ان ارتأى هؤلاء القوم إيقاف معرض ربطات العنق هذا ومغادرة مانهاتن والساحل الشرقى نهائيا ..وسوف نصطف لنقول لهم وداعا ” …. على أن الابتسامات الصفراء لسفراء رباعيتنا وآليتنا الثلاثية وغيرهم من المعتاشين على مشاكلنا وخيباتنا الوطنية لم تكن بذات الصدق وهم يتوقفون فى لحظة الحقيقة عن الحديث حول حرصهم علي سلامتنا وارتباط أمن بلادهم بنا ويهرعون لإجلاء رعاياهم بحرا وبرا وجوا وترك شعبنا ليعايش وحده مباراة التقاء الجمعان….ان لم نستوعب دروس الماضى فقد قدم لنا هؤلاء اكبر واقسى درس هذه المرة وهو تأكيد انه ماحك جلدك الوطنى غير ظفرك….غادرونا برعاياهم وفى ذاكرتهم تفريطنا المحزن وتوددنا الساذج اليهم ..وبينما سنعانى لزمان طويل قادم تبعات هذه التجربة المفجعة وهتك عذرية الوطن باحتراب النيل والضفاف فان سفراء الابتسامات الصفراء سوف ينسون كل ذلك ، وربما لاتحظى تجربة السودان بسطر فى كراسة الذكريات الدبلوماسية لغير النجباء منهم ، بينما تستمر وسائط اعلامهم فى ايغار الصدور حتى بعد أن غادرونا .. كنت أتابع عبر الفضائيات عمليات خروج هؤلاء وبجانبى ابنتى التى بدت قلقة و مذعورة من أصوات الدانات وزخات الرصاص فى (محيط ) مكان سكننا….كانت ابنتى فى السابق تحرص على هواية جمع وترتيب وتصنيف رواجع تذاكر اسفارى ومامورياتى الخارجية وبطاقات الصعود للطائرات….فهل ياترى ستفعلها مرة أخرى ؟…