الديمقراطية لا تستقر في حِجر المليشيات ومن يريد المدنية لا يقر تعدد الجيوش لعشر سنوات
القضية المفصلية في السودان اليوم، ليست اتفاق إطاري أو نهائي، فكل النصوص يجوز فيها الأخذ والرد والتعديل، عدا كتاب الله، القضية هي ألا يتكرر في السودان ما جرى في العراق ، سوريا ، ليبيا واليمن من تعدد الجيوش وانهيار الدولة وشتات الشعب.
معركة كل سوداني وطني غيور ينبغي أن تكون نصرة جيشنا الواحد بقائد واحد يصعد للقيادة على سلم تراتبية المؤسسة العسكرية، وليس من بيت أو أسرة أو قبيلة.
معركة كل سوداني وطني غيور لا يريد في بلده عراقاً آخر ، و لا ليبيا ثانية، هي سنده ودعمه لخطة اندماج كل الجيوش والمليشيات في بوتقة القوات المسلحة السودانية، قبل نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين آخرين، مضت قبلهما أربع سنوات سِقام.
أما المجلس المركزي لما تبقى من الحرية والتغيير فمعركةُ أعضائه العودة لكراسي الوزارات التي تركوها خراباً في عامين، وكأنها عقدين، ولا مانع لهم أن يبقى الدعم السريع جيشاً موازياً لعشر سنوات أخرى ، ما داموا حاكمين في فترة انتقامية ثانية تمتد امتداد عمر الجيش الموازي الحامي للاتفاق الإطاري !!
لكن في القوات المسلحة رجالاً بعشرات الآلاف، دون البرهان وكباشي والعطا، رأوا بأمهات عيونهم ما حاق بجيش العراق، ولن يقبلوا بأشباه الحشد الشعبي، وحزب الله في لبنان ومليشيا الحوثي في اليمن.
السودان مختلف، وجيشنا أوله في وادي حلفا وآخره في الكرمك وقيسان، وشجرته مسقية بدماء آلاف الشهداء من “كرن” في الحرب العالمية الثانية إلى “الميل أربعين” في جنوبنا الحبيب ، والرؤية في أكاديميات الجيش عميقة، والتجربة تراكمية طويلة، 100 عام في مدرسة الجندية الشريفة التي ما خذل فرسانها شعبهم يوماً ولا خانوا في حربٍ أو سلام.
مَنْ يريد المدنية الحقة لا يمكنه أن يقر تعدد الجيوش لعشر سنوات.
ومَنْ يريد الديمقراطية فإن الديمقراطية لا تستقر في حِجر المليشيات.
سقطت حقبة حكم السفارات، وتهاوت شعارات الاستهبال بالثورة، وملّ الشعب مسلسل التهديد بالمواكب المئوية.
لن يحيا ليومٍ واحد اتفاقٌ لا يحميه جيشٌ واحد، تسود فيه الأقلية على الأغلبية وتعلو فيه فكرة الانتقام على المصالحة.
لابد من دمج جميع الجيوش والمليشيات خلال عامين هي عمر الفترة الانتقالية، ليذهب الشعب بعدها إلى صناديق الانتخابات متحرراً من قيد الجيوش، بعيداً عن بنادقها وتاتشراتها وتأثير أموالها.
طريق الانتخابات هو طريق المدنية والديمقراطية، أما طريق السفارات فيقود إلى سوريا والعراق وليبيا.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر لا يعلمون).