بعد اجتماع طارئ دعا له حزب الأمة أمس بداره، خرجت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ببيان لوحت فيه باللجوء إلى ما أسمتها “خيارات بديلة” حال تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي.. فما هي الخيارات المتاحة ؟
الخيار الأول: في السابق كان الشارع، تنظيم المواكب و ربما إغلاق الطرق في ما يعرف بعمليات “التتريس”، ولكن هذا الخيار أضحى بعيد المنال لأن لجان المقاومة الناشطة في الشارع ظلت تشهر اعتراضها على العملية السياسية قبل أن تبدأ بحجة غياب الثقة في المكون العسكري، ومن الصعوبة افتراض أن القوى المؤثرة للشارع توافق أن تصبح قوى ضغط لصالح توقيع الاتفاق النهائي لعملية سياسية ترفضها جملة وتفصيلاً ..
الخيار الثاني : الاستعانة بالضغوط الدولية، فالعملية السياسية ليست معزولة محلياً، فهي تمضي بتيسير من الآلية الثلاثية التي تمثل قوى إقليمية متضامنة مع منظمة الأمم المتحدة، و لعبت الرباعية الدولية “السعودية – الإمارات- أمريكا –بريطانيا” دوراً مهماً في الوصول بالعملية السياسية إلى مراحلها النهائية.. لكن هذا الخيار محدود و لا يمكن التعويل عليه الى آخر الشوط لأن القوى الدولية لها حسابات أخرى غير التي تراها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، فالقوى الدولية ترى أن سلامة معالجة الحالة السودانية رهن الموازنة الحذرة بين مطلوبات القوى السياسية و هواجس الأمن والاستقرار، وهي معادلة تستلزم عدم انتقاص دور المنظومة العسكرية في المشهد الراهن. بعبارة أخرى لن تستطيع القوى الدولية ممارسة ضغط حقيقي على المكون العسكري أكثر من البيانات التي تحمل “ايموجي” الوجه الغاضب.
الخيار الثالث: المضي قدماً في العملية العسكرية بأحد مسارين: المسار الأول التوقيع على الاتفاق النهائي بالمكونات التي شاركت في الاتفاق الإطاري مع توقيع واحد من المكون العسكري هو قوات الدعم السريع. وهذا خيار موغل في الخطل وله تداعيات كارثية تتجاوز قوى الحرية والتغيير. والمسار الثاني : توقيع الاتفاق السياسي النهائي بالقوى المدنية الموقعة على الإطاري وحدها والتخلي عن توقيعات الجانب العسكري كاملاً.
الخيار الرابع: أن تتوسع دائرة المشاركة في الاتفاق السياسي النهائي ليضم أطرافاً أخرى من الكتلة الديموقراطية وخارجها ليكون المشهد السياسي أقرب للاجماع ( لا ينقصه سوى الحزب الشيوعي وحزب البعث).. وهو الخيار الأكثر وعياً و حنكة لأنه بالضرورة سيحظى بدعم داخلي و دولي كبير وربما يستميل المكون العسكري بجناحيه.
وللأسف الكبير، دائماً تتجاهل قوى الحرية والتغيير النصائح وتعول على حساباتها الداخلية فتفقد الفرص تباعاً وتضيق الملعب والمساحات المتاحة للفعل. ومع ذلك لا تزال هناك فرصة للخروج من هذا المأزق، إذا استطاعت الاستفادة من أخطائها وتصحيحها.