تظل قضايا المياه من القضايا المهمة ذات الأثر الكبير في زيادة فرص الاستقرار وبسط الأمن.. كما تظل بلادنا في احتياج متجدد لمشروعات التنمية المرتبطة باستقرار الإنسان والحد من الهجرات.. حيث ظلت مشروعات المياه تجد إهتمام الحكومات الوطنية المتعاقبة بجانب اهتمام المنظمة الدولية والاشقاء والاصدقاء ذلك حرصا علي استقرار المجموعات السكانية في كل ربوع البلاد بجانب محاربة الجوع والفقر والبطالة واستتباب الأمن والسلام.. طالعتنا الاخبار ان الاتحاد الأوروبي حسب منصة المندرة نيوز( أعلن عن دعمه لبناء وإصلاح أربعة سدود ،في محليات مليط وأومبارو وكورنوي في شمال دارفور.. واكد الاتحاد الأوروبي دعمه للمجتمعات المحلية بالتعاون مع شركائه من منظمة ( COOPI) لتحسين البيئة التحتية للمياه وأنظمة الحكم المحلي لتمكن المواطنيين من الحصول علي مياه نظيفة ، بجانب الحفاظ علي كسب العيش ).. (وقد استفادت المجتمعات المحلية في محليات مليط وأومبارو وكورنوي في شمال دارفور من بناء وإصلاح أربعة سدود.. هذه السدود هي مصدر المياه الرئيسي للماشية، والزراعة الشتوية لمختلف المحاصيل والخضروات. بالإضافة إلى ذلك، تمكن سكان هذه المحليات من الحصول على مياه صالحة للشرب بفضل وحدات معالجة المياه) .. هذا الخبر المميز جعلني ارجع بالذاكرة للوراء.. في خريف العام 2009 استشعر السودان أهمية الاستفادة من مياه الأمطار حيث أسندت رئاسة الجمهورية لوحدة تنفيذ السدود تنفيذ التابعة لوزارة الري السودانية مشروعات حصاد المياه بكافة الولايات السودانية.. علي ان تعطي الاولوية بحسب معدل تساقطع الأمطار.. اعقب ذلك العديد من البرامج التنموية بما في ذلك مشروعات حصاد المياه فيما عرف بإستراتيجية سلام دارفور و مناطق التماس و مشروعات الرحل العائدين من جمهورية جنوب السودان..بعد تكليفها بتنفيذ مشروعات حصاد المياه، اطلعت وحدة تنفيذ السدود علي التجارب السابقة المنفذة بالسودان، كما وقفت على تجارب بعض الدول العربية (تونس والمغرب) مما جعلها تتجه لعمل منهج واضح لتنفيذ هذه المشروعات ذات الأثر علي السكان.
بدأت الوحدة العمل بلجنة فنية بمشاركة الجهات المختصة شملت الإرصاد الجوي و الري وإدارة المياه الجوفية ومحطة البحوث الهيدروليكية وإدارة المحطات الهيدرولوجية) جامعة الخرطوم (شعبة الهندسة المدنية) الهيئة الاستشارية لجامعة الخرطوم.. كرسي اليونسكو للمياه وذلك لإنشاء قاعدة بيانات تشمل الدراسات والتقارير والمعلومات والبيانات المتعلقة بحصاد المياه والتّقانات المستخدمة في الحصاد.. وإعداد قائمة بالأودية والمجاري المائية بالسودان والبيانات الهيدروميترولوجية بها وحصر وتقييم منشآت حصاد المياه القائمة والمقترحة على الأودية والخيران بالسودان وإعداد المعلومات الأولية اللازمة لدراسة مشاريع حصاد المياه بالسودان في شكل خرط وبيانات رقمية.بعد هذه المرحلة تم ترفيع اللجنة لإدارة مختصة للتنسيق مع الولايات واستلام المواقع المقترحة للتنفيذ ولمتابعة تنفيذ المشروعات، حيث أسست بالتعاون مع الولايات مكاتب متخصصة لحصاد المياه بكل ولاية بها مهندس و إداري و تم تزويدهم بجميع معينات العمل ووفرت الوحدة التمويل وتعاقدت مع استشاريين ومقاولين لدراسة وتنفيذ المشروعات.
انطلقت هذه الترتيبات العاجلة وفقا لرؤية استراتيجية تبني علي أهمية المحافظة على الموارد المائية تطويرها.. يتعامل بها برنامج الحصاد مع مشكلة المياه العذبة وحل المعادلة بين وفرة المياه في فصل الخريف حد الغرق والكوارث وندرتها صيفا حد العدم بمشروعات حصاد المياه والتي هي وحدها القادرة علي تحقيق الحل خاصة وان السودان يملك معدلات عالية للهطول الامطار تعادل اضعاف ايراد النيل وروافده ،وعملت هذه المشروعات علي توفير مياه عذبه واسدال الستار علي العطش وندرة المياه لتظهر مقاصدها ونتبين أغراضها.. استمر هذا العمل وفقا لأهداف وغايات محددة متعلقة بحصاد المياه في جميع الجوانب والمحددات.. حيث ظل يعنى برنامج حصاد المياه بعملية تخزين مياه الجريان السطحي الناتج عن هطول الأمطار للاستفادة منها كما يراعى في قيام منشآت حصاد المياه البساطة و قلة التكلفة و سهولة التشغيل و الصيانة.. تنوعت اهداف مشروعات حصاد المياه لتتمحور حول الإستراتيجية الأساسية لحفظ المياه من الهدر بجانب حسن إدارتها حيث عملت علي.. توفير مياه الشرب للإنسان والحيوان.. بجانب دعم الأمن القومي و الإستقرار من خلال تنمية المناطق الحدودية بتوفير المياه لتخفيف الصراع على المياه داخل حدود السودان و مع الدول المجاورة بالإضافة الي تأمين استغلال مصادر المياه الموسمية للأحواض المشتركة والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال الاكتفاء الذاتي هذا بجانب.. المساهمة في تنمية المراعي الطبيعية والغابات وتدعيم الأمن المائي بالبلادوتشجيع جهات التمويل المختلفة لدعم برامج السودان التنموية في الحاضر والمستقبل.. كذلك تنمية الريف اجتماعيا واقتصاديا وصيانه التربه وتغذيه الخزان الجوفي.
كان من المأمول ان تحقق كل هذه الخطوات مجتمعة.. تلبية الحاجة العاجلة و زيادة حصة الفرد بالريف من المياه لتتناسب مع إستراتيجية البلاد المائية و تحقيق أهداف استراتيجية سلام دارفور و أهداف الألفية من حيث الكمية و الجودة ومن ثم توطين الرحل و الرعاة لوقف النزاع حول المياه مع المزارعين و تحفيز النازحين للعودة لمناطقهم.. كما كانت هناك أيضا توقعات ان تشمل هذه الترتيبات البيئية.. الحماية من السيول والفيضانات و تقليل الأمراض والأوبئة وتحسين الظروف الصحية.. هذا كله كان مرتبط بأهداف اقتصادية حيث تكثيف وتنويع الزراعة يؤدي إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية في مناطق الزراعة التقليدية بالإضافة الي تنمية الثروة الحيوانية والغابية مما يعزز الاستغلال الأمثل والمرشد للموارد الطبيعية.. كذلك يساهم في زيادة الاقتصاد الكلي علي المستوي القومي.. ويساهم في تطوير المناطق الريفية وخلق فرص عمل إضافية لمواطني الريف للاستقرار بمناطقهم.. ومحاربة الفقر والجوع والبطالة الي جانب زيادة الدخل ورفع مستوي المعيشة و تشجيع الاستثمارات في تقانة حصاد المياه و الحد من النزوح للمدن والمراكز الحضرية كذلك يخلق فرص لهذه المجمعات للجذب السياحي وحمايه البيئه.. كل هذه التدبير تظل مهمة اذا مامضت فيها الحكومة للأمام لأجل إنسان الريف كذلك يظل استمرارها و استقطاب الدعم لها و التوسع فيها لازلة هواجس المواطنين في الحصول علي المياه النظيفة.
دمتم بخير…،
Shglawi55@gmail.com