فنارات ومدارات توفيق جمعه جادين


الحشود الكذوبة
في نهايات حكم الانقاذ إستطاع الحزب الحاكم في ولايات شمال كردفان وكسلا والخرطوم ان يجمع الالاف من الجماهير الغفيرة تائيدا للرئيس وقراراته ومسيرته فمشي الالاف من الحشود للساحات معبرين عن حالتهم وتناولت وسائل الإعلام التعليق عليها بانها لقاءات غير مسبوقة أكدت تلاحم القاعدة مع القيادة فيما تمضي فيه من اصلاح شامل للدولة ومؤسسات الحكم وتحسين وإدارة إقتصاد البلاد وبعد أقل من أسبوع تجمع الآلاف في الحركات الإحتجاجية رافضين وجود نفس الرئيس فاذا استطعت أن تميز مابين من خرج مؤيداً وخرج رافضاً ستجد أن الحشود لم تكن إلا مجموعات شاركت في الحشود دون أن تدرك من ناداها ولماذ يناديها طالما أنها جماهير تحب الخروج والسلام فلايمكن التعويل على مثل هذه الحشود في مقياس علمي لقياس الراي العام وإدراك توجهاته طالما نفس هذه الجماهير خرجت لاهداف أخرى وستخرج ثالثا ورابعا متى ما انتفت الموضوعية وغاب أي برنامج للتسلية ولكن يظل التساؤل من هم الذين يخرجون في كل مرة ولاي حدث .
الذين يعتمد عليهم عادة في الحشود والبرامج الجماهيرية هم مجموعات لاتصلح إلا لهذا الغرض خرجوا مع البشير وضده وضد إبنعوف وضد برهان ومع حميدتي وضده ومع حمدوك وضده وإن كانوا في بورتسودان لخرجوا مع أيلا وضده ففي الأمر حيرة لماذا يخرجون ولمتباينات في المواقف فالعاقل في العمل الجماهيري يجب عليه ان لا يعتمد على جماهير تخرج دون أن تفهم لماذا تخرج فالمنطق يستدعي قضايا محددة تستوجب الخروج في المواكب المحشودة الا ان الحشود التي قوامها كيانات إجتماعية وطوائف ومجموعات دينية يبدو انها تقتات من احداث الفارغ في كل مرة فتحشد منسوبيها لصناعة حدث بالمشاركة الفاعلة إزاء جعل معين تناله مقابل المشاركات لذلك تجدها خفيفة عند الفزع سريعة الاستجابة وتستطيع انجاح اي فعالية متى ما استدعت الضرورة ودفع المقابل لذا فمن الاوفق لاي مستفيد من خدمات هذه الجهات ان يبعد عن الحشود المصنوعة طالما يريد ان يقيس راي الناس ومدى مشاركتهم في فعاليته ويختبر مقدرته في النجاح او الفشل في تعبئة الجماهير ومناداتها من واقع برامجه المطروحة لا امواله المدفوعة وحتى يقنع ويقتنع بما يقدم وينجز
حسنا فعل حمدوك فلم يختبر او يستفتي جماهيريته في اي لقاء جماهيري حاشد وجنبنا متاعب المقارنة وقياس صدق وكذب المشاركين فالرجل لم يلتقي بالجماهير حتى اوان مغادرته كرسيه الوثير
هنالك اذكياء يعرفون كيف يقولون كلمتهم في هذا الشأن فبرغم تحفظاتي على الطريقة اعجبني لقاء ايلا بسنكات اذ قدم خطابه للجماهير بلغته الام فالرسالة الواعية وعلى قلة الشعور القومي فيها كانت نافذة فالرجل يريد ان يقول أن كل من يتحدثون هذه اللغة هم عصبتي وعزوتي واهلي وانصاري فلم يستطع ان يقول غير ذلك احد حتى من هم ضده قالوها سرا( نحن انصار ايلا ) فهذا النوع من الحشود تؤدي اغراضها فهنالك شعور جمعي بالمناسبة يحركهم تجاه الاحتشاد والتجمع طالما لهم قضية وبرنامج سينجزونه بمشاركتهم في الحشد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *