شق علينا نعي الاخ الاصغر والصديق العزيز والخل الوفي ماجد يوسف. فقد التقيناه عندما كنا طلابا بكلية القانون. كان هو حينها في السنة الاولى (البرلم) ونحن في العام قبل الاخير. فكان شابا حيا يطوي المسافات ويألف ويؤلف ويدخل الى قلبك دون استئذان. سريع البديهة، حاضر الطرفة، لماح ذكي.
ثم آخيناه في الحركة الاسلامية اخاءً لم تقطعه الحادثات وما زادته الملمات الا قوة.
ثم عرفناه حين طرق الصحافة حينا من الدهر. فكان صحفيا استقصائيًا نادر المثال. وكان كاتب رأي ذي قلم سيال.
ثم زاملناه في الخارجية فوجدنا فيه الدبلوماسي الحصيف والقانوني الضليع والاستراتيجي الفطن والوطني الغيور.
كان ماجد بسيطا غير متكلف في اي شيءٍ من امره. فماجد الطالب هو نفسه ماجد السفير. وماجد برئاسة الوزارة هو ذاته ماجد في بعثاتها.
وكان ماجد موسوعيا يتجدد ولا ينضب. فما سألته عن جديد الا ووجدت عنده الخبر، وما استشرته في امر الا وكان له فيه نظر.
على المستوى الرسمي اولته الدولة السفارة لدى ارتريا في وقت عصيب. فدخل الى قلب رئيسها في سابقة نادرة رغم التوتر بين البلدين ورغم ما عرف به ذلك الزعيم من شدة الخصومة. فأقام معه ماجد علاقة شخصية نادرة جنبت البلدين الشقيقين والشعبين الجارين الكثير من الويلات. كم تمنينا لو ان العمر امهل ماجد حتى يكتب عن تلك العلاقة ويكشف لنا بعض اسرارها.
اما على المستوى الاسري فقد آوى ماجد اليه اسرة اخينا الشهيد احمد قاسم فكان نعم الاب لبناته. فخفف عنهن مرارة اليتم ما يمكن للمرء ان يخفف عن احد فقد والده. فوطأ لهن الكنف واحسن تربيتهن وتعليمهن. فكان لهن نعم العوض عن الوالد حتى زفهن عروسات الى بيوت ازواجهن.
الا رحم الله ماجدا رحمة واسعة والزم زوجته الفاضلة الاخت سهام وبناتها وبنيها الصبر الجميل. ونسأل الله لإخوته واخواته وسائر زملائه في الخارجية وغيرها من دروب الحياة التي طرقها ماجد الصبر وحسن العزاء. وانا لله وانا اليه راجعون.
الدرديري محمد احمد
بانكوك في ٤ مارس ٢٠٢٣