راسلني كثير من الناس معلقين ومشيدين بالمقال السابق عن مستشفى الولادة أمدرمان ورفدني البعض بمعلومات وتجارب مختلفة سأستفيد منها بعد التحقق منها لعل إبرازها يخدم منهج وطرق علاج الملاحظات وأعتقد أن من يريد أن يري المخفي داخل المستشفيات الحكومية خيره وشره عليه بزيارتها من حين لآخر فهناك صرخات مكتومة وحزن مخبئ داخل هذه اللافتات الكبيرة هذا الحزن ليس محصورا على المرضى وطالبي الخدمة وحدهم وإنما من يديرون هذه المشافي والعاملين بها يصرخون قبل مرضاهم لأنهم يعملون تحت ضغوط قاسية ومطلوب منهم يخدمون ويقدمون في ظل كل الظروف وفي الطوارئ أدوارهم تتعاظم وبلادنا كلها تعيش وضع طوارئ وحال انتقالي … الأيام الماضية كنت زبونا بمستشفى الولادة أمدرمان لمدة ثلاثة أيام بلياليها عشت خلالها قسوة لسعات الباعوض وتوترات انتظار الجميع وهول طبيعة الحالات الإنسانية والمرضية التي تمر بين الفينة والأخرى مثل حالة المرأة التي جاءت منتصف ليل الأربعاء المنصرم وهي تعاني آلام مخاض الولادة العسير… جاءت محمولة على سيارة فاعل خير يعمل بصندوق دعم الطلاب ويسكن بجوارهم في منطقة نائية على أطراف أمدرمان تسمي (نيفاشا) فتم دخولها غرفة الولادة مباشرة فوضعت وكانت ( الأم ) مصابة بمرض اليرقان فقرر الأطباء حقن الطفل بمصل الغلوبولين المناعي من خلال الوريد وبدأت رحلة معاناة الأسرة ورحلة البحث عن هذا المصل و (المساساقاة) بين صيدليات أمدرمان والخرطوم من أجل الحصول على هذه الحقنة وكان الحزن يبدو عميقا على عيون الجميع ( الأم والمرافقين وفاعل الخير) والحزن الأكبر غياب رب الأسرة عن هذه اللحظات المؤثرة وخشية الأطباء من حدوث مضاعفات جديدة للام أو طفلها… وفي زاوية اخرئ طلب مني استجلاب جرعة لبن صناعي لمولودتي ودخلت جناح حضانة الأطفال حديثي الولادة حقيقة زهلت من دقة المراقبة والعلاج الضوئي والوعي الارشادي العالي فهذه طفرة كبيرة بمستشفى الدايات واعتقد انها بدأت في اوقات ادارية متراكمة حتي صارت رائدة مستشفيات الولادة في افريقيا وبذلك حصلت على اعلى وسام قبل سنوات في عهد الدكتورة تابيتا بطرس وتابيتا في الاساس حاصلة على دكتوراة في التمريض العالي وقتها كانت وزيرة الصحة وكان لديها إنحياز حضاري لمهنتها واولت الدايات اهتمام خاص وقد تابع الكثير وقتها هذا الملف واختارت كثيرا من الاسر بأن تلد نسائهم بها واذكر ان اسرة سعادة اللواء النعيم مرسال زوج زميلتنا الاعلامية هالة محمد عثمان وقتها قد خصوا الدايات بمولدهم الثاني (عمرو) رغم الوضع المتميز لهم في الجناح الخاص بالسلاح الطبي وبعدها وضعت (مني) شقيقة الزميلة هالة ولدها محمد عثمان بمستشفي الدايات ايضا… هذا جزء من التاريخ قصدت ان يحفظ وتذكرته من باب حفظ الحقوق الادبية لانجازات الاخرين… ثم حافظ كادر المستشفي بقيادة المدير العام الحالي بمستشفي الولادة البروفيسور عماد عبدالله الصديق ابن أمدرمان (حي ودنوباوي) علي مسيرة هذه الطفرة النوعية بكل خبراته التراكمية كإستشاري النساء والتوليد بالدايات وخبراته الطويلة منذ تخرجه من كلية الطب جامعة الخرطوم ودراساته بسوريا وعمله داخل السودان بالجنوب قبل الانفصال وبورتسودان والقضارف والسلاح الطبي ومستشفي أمدرمان ومسيرة طويلة من العطاء وظفها بل فرغها في تنظيم وترتيب وتطوير النظم الادارية بهذه المستشفي التي تتحمل اكثر من 60 % من اعباء الولادة بالسودان وبكفاءة عالية رغم المعاناة والقصور العام بالقطاع الصحي بالبلاد… هذه المستشفي غير مجهود الاخصائيين الكبار والكوادر الفنية المساعدة هناك أدوار خفية يؤديها جنود مجهولين أمثال الدكتورة ابتسام يسين ادم الدين ومن نشاطها واخلاصها وتفانيها في العمل سألت عنها فعرفت اسرتها كيف لا وهي ابنة المربي الكبير والاستاذ الجليل (ادم الدين) المعلم المعروف لاهل مدينة الأبيض بشمال كردفان… ثم لاحظت ان مستشفي الدايات تعاني مشكلة رئيسية وهي شبكة الصرف الصحي حيث تعمل اكثر من ثلاثة تناكر للشفط لحظة بلحظة وهذا جهد مطاف غير الجزولين وصيانات السيارات واستحقاقات العاملين به يخلف تلوث بيئ في منطقة تتطلب احترازات صحية عالية الدقة والحذر ويقيني ان هذا المشروع اذا افترضنا ان الحكومة قد عجزت عنه فاعتقد ان شركة واحدة من شركات الاتصالات (زين او سوداني او اريبا) يمكن ان تنفذه كمشروع ضمن التزاماتها تجاه المجتمع الذي تعتمد عليه بشكل كليا في مبيعاتها وخدماتها ولا يكلفها شيئا يذكر والامر يحتاج فقط الي ان يصمم المشروع من قبل إدارة المستشفي اذا لديها وحدة هندسية مؤهلة تقوم بتصميم هذا العمل ويتقدم ويسوق كمشروع جاهز لاي من هذه الشركات وانني اقول ذلك وقد لاحظت وجود مشروعات خيرية كبيرة داخل المستشفي نفذها محسنين وخيرين أمثال الشيخ حسن سكوتة وآخرين وقد عالجت هذه العنابر والوحدات المتخصصة مشاكل كثيرة كان يعاني منها المرضي وذويهم وكانت تشكل عقبات وتحديات أمام المستشفي وادارتها …
نواصل إن شاء الله… حقائق سريعة عن المستشفيات الحكومية…