أصيب بالدهشة المعلمون والطلاب والعمال وأولياء أمور الطلاب وهم يشاهدون سيارة الوزير وهي تقف أمام المدرسة الثانوية الحكومية الشهيرة، لا ليتفقدها ولكن لتدريس طلابه مادة الرياضيات التي أحبها وحبب طلابه فيها فأصبحت من غير المهنة التزاما أخلاقيا.
إنه الأستاذ الوزير والرياضي والقيادي ورجل المجتمع وأبو القوانين محمد الشيخ مدني. وقد استحق الرجل الوظيفة اللاحقة لأنه احتفظ بالوظيفة السامقة السابقة التي أفضت به إلى هذا المقام الرفيع.
وقد جاء في الأثر أن الخليفة الثاني وصاحب رسول الله أبوبكر الصديق قد اعتاد أن يحلب أغنام جارة عجوز (يوماتي) رغم ثقل المسؤولية وتحديات الدعوة.
وفي أول يوم تولى فيه الخلافة بعد نهار السقيفة المقلق الطويل، وعناء المبايعة وإلقاء خطاب العهد وبرنامج التكليف المضني ذهب منهكاً، وقبل دخول داره اتجه مباشرةً إلى بيت العجوز وطرق الباب فتح له حفيدها وقد صاحت فيه من الطارق.. فأجاب بكل براءة الأطفال إنه حلاب الغنم يا جدتي. إنه الطفل الذي صار من بعد صبياً فتياً مزق بسيفه امبراطورية الشرك في فارس والروم وأهدى لهم رسالة الرحمة وأخرجهم من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
قام الخليفة الحلاب صاحب اقوى وأشرف امبراطورية عرفها التاريخ بتعهده القديم والتزامه الانساني المهيب.
إنها يا سادتي إشراقات أصدق ما فيها الذكرى التي توثقُ ما بين السلف والخلف وتحتفي ببياض الطبشورة وبياض الحليب. ترى هل تعد الحكاية مدخل عابر لقراءة جديدة في التاريخ ما بين الأصل والعصر؟ ويظلُ الخيرُ أبداً في هذه الأمة عبر الحقبِ والأجيال
عزيزي أبو القوانين سلامات…