وكالات : كواليس
قال اثنان من أعضاء لجنة الخبراء الذين حققوا في الوفاة الغامضة للشاعر التشيلي بابلو نيرودا عام 1973، إنهما لم يستطيعا تحديد ما إذا كانت وفاة الفائز بجائزة نوبل للآداب ناجمة عن تسمم أم لا.
كان الناشط اليساري والأديب الكبير ريكاردو رييس باسولاتو قد نبغ مبكرا في شعره حتى قبل أن يتحذ من بابلو نيرودا اسما كان له وقع السحر على مساره لاحقا، كتب باسولاتو باسم مستعار (نيرودا) واشتهر به، لكنه لم يغادر إحساسه بالبسطاء والكادحين، وذاع صيته بوصفه أحد رموز اليسار على الساحة الأدبية، قبل أن يرحل بعد أيام من انقلاب أوغستو بينوشيه في تشيلي عام 1973.
احتمالات الاغتيال
وأوضح هندريك بوينار وديبي بوينار من جامعة ماكماستر الكندية أن بكتيريا “كلوستريديوم بوتولينوم” (Clostridium botulinum) “كانت موجودة وقت وفاة نيرودا، لكننا ما زلنا لا نعلم سبب الوفاة”.
وكانت لجنة الخبراء متعددي الجنسيات التي حققت في احتمال تسميم الشاعر التشيلي -من بين أعضائها هندريك وديبي بوينار- رفعت تقريرها الأربعاء الماضي إلى القاضية التشيلية المسؤولة عن القضية باولا بلازا.
وقالت القاضية في مؤتمر صحفي إن التقرير سيدرس كي تتمكن المحكمة من اتخاذ القرار المناسب، لكنها لم تحدد موعدا لاتخاذ القرار.
وقال هندريك وديبي بوينار إنهما عملا لمدة 4 سنوات بناء على طلب القضاء التشيلي لتحديد ما إذا كان الشاعر قد توفي متسمما أم لا. ولا تزال نظرية التسمم متداولة منذ أكثر من عقد في تشيلي.
وأوضح الباحثان أنهما تمكنا من استعادة الحمض النووي لنيرودا من أحد أضراسه، ولكن بسبب تدهور حاله تمكنا فقط من إعادة تكوين ثلث جينوم بكتيريا كلوستريديوم البوتولينوم.
وأكدا أنه من الممكن إعادة تكوينه بالكامل من دون استخراج الجثة مجددا. وشرحا لوكالة الصحافة الفرنسية أن “ثمة ما يكفي من المواد لفعل ذلك بما هو متوفر في المختبر، ولكن ثمة حاجة فقط إلى موافقة المحكمة”.
شاعر الحب والثورة
ولد بابلو نيرودا يوم 12 يوليو/تموز 1904 في مدينة صغيرة تدعى بارال وتقع جنوبي تشيلي، فقد أمه بعيد ولادته، ونشأ في كنف والده وزوجته.
كان يساري الهوى ودفعه قلقه على بلاده والحرب الأهلية الإسبانية إلى الانخراط في العمل السياسي، وأصبح مسؤولا في “التحالف التقدمي الوطني” قبل أن ينضم إلى الحزب الشيوعي بتأثير من زوجته دليا ديل كاريل.
وبعد حظر الحزب الشيوعي، عاش نيرودا في الخفاء إلى حين فراره من البلاد إلى الأرجنتين في عام 1948، ومنها إلى فرنسا وإيطاليا قبل أن يعود إلى بلده في العام 1953.
ترشح إلى الرئاسة في تشيلي، لكنه انسحب لصالح الاشتراكي سلفادور أليندي الذي فاز في انتخابات 1970. وعيّن نيرودا سفيرا في باريس، وهناك فاز بجائزة نوبل للآداب في العام 1971.
وصف الروائي الكولومبي الأشهر غابرييل غارسيا ماركيز الشاعر بابلو نيرودا بأنه من أفضل شعراء القرن الـ20 في جميع اللغات، وكتب نيرودا “20 قصيدة حب وأغنية يائسة” وقبلها وبعدها كتب الكثير، امتازت قصائده بالحزن والرومانسية والحس المرهف والغضب أيضا، وكان الجانب الاجتماعي والسياسي حاضرا بقوة في قصائده.
ومثلت مرحلة حياته بإسبانيا انقلابا في توجهاته الشعرية باتجاه المباشرة والتقليص من الرمزية، فهناك أدرك الحرب الأهلية، وفقد صديقه الشاعر فيديريكو غارسيا لوركا الذي قتل غدرا أثناء الحرب. بعدها تقلب شعره بين العودة إلى الرومانسية والثورية، وبعد مرضه لازمه نوع من الإحباط من المشهد الانقلابي ببلده.
توفي بابلو نيرودا يوم 23 سبتمبر/أيلول 1973 بعد 12 يوما من انقلاب الجنرال أوغوستو بينوشيه على الرئيس الاشتراكي سلفادور أليندي الذي كان صديقا للشاعر.
وشكك خبراء دوليون بالإجماع عام 2017 في الرواية الرسمية للنظام العسكري، مؤكدين أنه لم يمت بسبب تطورات مفاجئة لمرض السرطان.
لكنهم لم يتمكنوا من تأكيد أو استبعاد إمكان التسميم الطوعي والمتعمد بحقن جراثيم أو سموم بكتيرية.
وفقاً لنظرية التسمم هذه، توفي نيرودا جراء حقنة سامة قبل يوم واحد من مغادرته إلى المكسيك، التي كان يعتزم الإقامة فيها لقيادة المعارضة لنظام بينوشيه.
وتولت لجنة الخبراء متعددي الجنسيات تحليل نتائج العينات المأخوذة من رفات الشاعر التي استُخرجت في أبريل/نيسان 2013.