اليونسكو تصنف معرض رشيد كرامي بلبنان وآثار سبأ باليمن تراثا مهددا بالخطر.. وجدل حول أوديسا الأوكرانية | ثقافة

وكالات : كواليس

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إدراج مواقع أثرية في مملكة سبأ القديمة باليمن، و”معرض رشيد كرامي الدولي” بمدينة طرابلس شمالي لبنان، والوسط التاريخي لمدينة أوديسا الأوكرانية؛ على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر.

وأثير جدل كبير في المنظمة الدولية بين روسيا والدول الغربية حول القرار، واستغرقت مناقشة أوديسا ساعات، حيث حاولت روسيا -التي تشنّ حرب على أوكرانيا منذ 11 شهرا- دون جدوى تأجيل التصويت، ونددت موسكو بالتصنيف، قائلة إن “التهديد الوحيد لتاريخ المدينة الغني ينبع من النظام القومي الأوكراني الذي يدمّر بشكل منهجي آثار مؤسسي أوديسا والمدافعين عنها”.

معرض رشيد كرامي

ففي لبنان، أدرج “معرض رشيد كرامي الدولي” بطرابلس على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر. وصمم المعرض المهندس العالمي البرازيلي الأصل أوسكار نيماير في الستينيات من القرن الماضي، وانتهى تشييده مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، وهو يضم بناء رئيسيا وفيه قاعة ضخمة.

وأكدت اليونسكو أنّ المعرض يعدُّ “من ناحية حجمه وغنى الأنماط الهندسية فيه، أحد الأعمال المهمة التي تمثل فن العمارة الحديث في القرن العشرين بالمنطقة العربية من الشرق الأوسط”.

ولجأت لجنة التراث العالمي إلى اتباع إجراء عاجل لإدراج هذا الموقع، “نظرا إلى حالة صونه المثيرة للقلق ونقص الموارد المالية اللازمة لصيانته والمخاطر الكامنة في مقترحات تطوير المجمَّع التي قد تضرّ بسلامته”، في بلد يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

وتنبع أهمية المعرض من قيمته المعمارية والجمالية، حيث يعتبر مثالا ناجحا للاتجاهات المعمارية الحديثة في القرن العشرين، ويمتد على مساحة 70 هكتارا (الهكتار الواحد يساوي 10 آلاف متر مربع)، ويتألف المبنى الرئيسي من قاعة عرض ضخمة مسقوفة يبلغ طولها 750 مترا وعرضها 70 مترا، ويمكن للمعرض استيعاب مليوني زائر سنويا.

لكن منذ أكثر من 4 عقود، يعاني المبنى من الإهمال، وقد شهد في السنوات الأخيرة اهتراء وتشققا في بعض أبنيته وأسقفه وجدرانه وأعمدته، جراء غياب الصيانة بسبب عدم وجود تمويل كاف وعدم إيلاء السّلطات الرسمية المعنية أيّ اهتمام به.

ولا يُستخدم المعرض إلا في المناسبات، مثل مهرجان طرابلس السنوي على المسرح المفتوح، وبعض المعارض والأنشطة الاقتصادية المحلية.

وبانضمام “معرض رشيد كرامي الدولي”، أصبح لدى لبنان 6 مواقع في قائمة التراث العالمي، والخمسة الأخرى هي: عنجر وبعلبك وجبيل وصور ووادي قاديشا.

مرتفعات مملكة سبأ

ومن لبنان إلى اليمن، حيث تضم مرتفعات مملكة سبأ القديمة في محافظة مأرب وسط غرب البلاد 7 مواقع أثرية، “تشهد على مملكة سبأ الغنية وإنجازاتها المعمارية والجمالية والتكنولوجية من الألفية الأولى قبل الميلاد حتى ظهور الإسلام حوالي عام 630 للميلاد”، بحسب ما أكدت اليونسكو في بيان.

وكتب السفير اليمني لدى اليونسكو -في تغريدة على حسابة الرسمي بتويتر- “ألف مبروك لمأرب، لليمن، للعرب بهذا الإنجاز الثقافي الكبير الذي كان ثمرة 3 سنوات من العمل على الملف في الميدان والأروقة، في الدورة الاستثنائية رقم 18 للجنة التراث العالمي التي انعقدت في باريس”.

وتهدّد الحرب الموقع الممتد بين جبالٍ ووديانٍ وصحاري، وعبّر يمنيون عن سعادتهم بهذا الإنجاز الذي رأى كثيرون أنه يبعث بارقة أمل في ظل الحرب المستمرة في البلاد منذ 8 أعوام.

جدل حول أوديسا

وأعلنت اليونسكو كذلك الوسط التاريخي لمدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية على البحر الأسود على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.

وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي إن “أوديسا مدينة حرة وعالمية وميناء مشهور، وقد تركت بصمتها في السينما والأدب والفنون، لذلك وُضعت تحت حماية المجتمع الدولي المعزَّزة. ويجسد هذا الإدراج الذي جاء في ظلِّ استمرار الحرب، عزمنا الجماعي على ضمان صون هذه المدينة التي لطالما تغلبت على الاضطرابات، من المزيد من الدمار”.

وتعرّضت أوديسا للقصف عدة مرات. وفي يوليو/تموز 2022، تم تدمير جزء من السقف الزجاجي الكبير والنوافذ في متحف أوديسا للفنون الجميلة الذي تم افتتاحه عام 1899، وذلك بقصف اتُّهمت به روسيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن القرار “سيساعدنا في حماية أوديسا.. روسيا غير قادرة على الدفاع عن أي شيء آخر غير الإرهاب والضربات”، وفي المقابل ذكرت وزارة الخارجية الروسية أنه لا خلاف على قرار الاحتفاء بإرث أوديسا وحمايته.

واستشهدت على وجه الخصوص بنصب تذكاري للإمبراطورة الروسية كاترين العظمى التي تشتهر على نطاق واسع بأنها مؤسسة المدينة، تم تفكيكه بأمر من سلطات المدينة العام الماضي.

وتأسست أوديسا في السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر، بالقرب من موقع حصن عثماني تم الاستيلاء عليه، وأتاح لها موقعها على شواطئ البحر الأسود أن تصبح واحدة من أهم الموانئ في الإمبراطورية الروسية، حيث جلبت مكانتها كمركز تجاري ثروة كبيرة وجعلتها واحدة من أكثر المدن عالمية في أوروبا الشرقية.

ومن المواقع التاريخية الأكثر شهرة في المدينة: دار الأوبرا التي أصبحت رمزا للصمود عندما أعيد افتتاحها في يونيو/حزيران 2022، والدرج العملاق المؤدي إلى المرفأ، والذي خلد في فيلم سيرجي أيزنشتاين الصامت عام 1925 “المدمرة بوتمكين” (باتلشيب بوتمكين).

وأضاف بيان الخارجية الروسية أن “مجموعة من الدول المنتمية إلى الغرب الجماعي، بمساعدة فاضحة من أمانة اليونسكو التي فقدت حيادها، مرّرت على عجل قراراً سياسياً”، بإدراج الوسط التاريخي للمدينة المطلّة على البحر الأسود في هذه القائمة.

وبالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فإنّ هذا القرار “يعترف بالقيمة العالمية المهمّة لهذا الموقع وبواجب الإنسانية جمعاء في حمايته”.

وقالت المنظّمة الأممية في بيان إنّ إدراج “المركز التاريخي لمدينة أوديسا في قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر، يفسح أمامها المجال للحصول على مساعدة دولية معزَّزة على الصعيدين التقني والمالي معاً، وقد تطلب أوكرانيا هذه المساعدة بغية ضمان حماية هذا الموقع والمساعدة على إعادة تأهيله عند الاقتضاء”.

وأوضحت اليونسكو أنّ “لجنة التراث العالمي لجأت إلى اتّباع إجراء عاجل نصّت عليه المبادئ التوجيهية التنفيذية لاتفاقية التراث العالمي، نظراً إلى التهديدات التي تواجهها المدينة منذ بداية الحرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *