الأبيض الأناقة التي إغتالتها أيادي الإهمال
مدينة الأبيض واحدة من أهم مدن البلاد لما لها من موقع جغرافي مميز وتكوين طبوغرافي فريد جعلاها من المدن المتقدمة في ترتيب المدن في السودان هذا ليس وحده وإنما تشكيلها لملتقي طرق وتوسطها لمناطق الإنتاج بشقيه النباتي والحيواني إضافة للهجين البشري المبدع الذي انصهر وكون مجتمعها الأنيق والمتفرد فمن حيث التكوين والنشأة والتاريخ والجغرافيا هي مدينة تجبرك علي الوقوف عندها وتسيطر علي عقول العابرين ويزدهي بها سكانها حد التمتع بها فالمبدعين الذين كتبوا عنها خلدوها في طرائق من ذهب وهي ترتقي لما هو أعلى من ذلك.
الأبيض مكوناتها ومحتوياتها الثقافية والسياحية والإقتصادية تجعلها ترتاد ثريا الإبداع والإمتاع وأنا لست مهووسا بالرجوع للزمان ولا المقارنة خاصة فيما يخص الحكام وولاة الأمر لان لكل مناقصه وجمهوره الذي يدافع حتى عن سقطاته وإسقاطاته ولكن النفس الحيري أمام المآل الخدمي والمظهر العام والشكل الحضري الذي غاب يجعلك تتفقد الصور والمظاهر علك تجد السلوى مابين المشاهد الماثلة ،فالمدينة التي كان نسقها النظام وسمتها النظافة والظرافة وتشتهر بل وتعج بالمثقفين والعلماء والأدباء والمؤرخين حالها يغني عن السؤال فالمدينة التي ضمت ثلاثة لدور العرض كردفان وعروس الرمال وسينما ساحة النصر وإذاعة شمال كردفان هنا الأبيض وجامعة كردفان وقهوة الإخوان وفرقة فنون كردفان ونادي الأعمال الحرة وقهوة الأرنجاوي وشارع المدارس ومسرح عروس وعبدالعزيز العميري والفاتح النور وقاسم عثمام بريمة وجريدة كردفان ووددوليب وخزان المديرية والمستشفي الكبير أجد نفسي قد أسهبت في ذكر شخصيات ومعالم وأناس دون ترتيب لأستدعي ذاكرة الناس بثرائها وماضيها التليد وماجريدة كردفان والفاتح النور والبستان ووجع راس وأبو حريرة وباتا والسرف ببعيدة عن ماتستحضر الذاكرة من ألق إلا أن السنون العجاف التي ترتبط بالحاضر المؤلم وما أقسي الألم عندما ترى البعض يتبول على جدران دكاكين السوق الغربي أو يقضي حاجته بالكامل في موقف البستان وبالقرب من لبخة الصنايعية ليلا دون أن يكترث لمصابيح السيارات وبينه وبين مايمكن أن لا يجعل المارة يرونه أقل من خمسين مترا كانت كافيه أن يمسك نفسه ليصل فالمؤكد أن السبب لم يكن غياب المرفق ولكن السبب كومة قمامة السوق شجعته أن لايصل لحمامات الساحة هذا مثال واحد من مناحي التراجع فالأسواق التي تعج ليلا بشاربي االشيشة تعكرت أجواءها بنتانة الدخان الممرض والمميت والأندية التي كان يرتادها الناس للتسلية والأنس تجمع الآلاف من الفتية لايتبارون في شي الا في لعبة الليدو كتطبيق أخطر من مخدرات الآيس إذ أنه يسلب الوقت والمتعة والنظر والشباب والحياء والإحترام من الجميع أثناء الصيحات في لحظات الفوز المصطنع المعتمد علي إحتمالات حجر نرد يصيب ويخيب ويخيب آمال جيل كامل لايفتح تطبيق المصحف لكنه يدمن أن يلعب الليدو عشرات المرات في اليوم الواحد.
المدينة لم تعد وبلدية الابيض التي كانت نموذج للنظافة والخدمات تقف عاجزة عن فتح مجاري المياه ونظافة الأسواق وتنظيم وإبتداع طريقة لوضع مواقف للمواصلات فما لا يعقل أن يمشي الناس بين عمارة عبدالظاهر ونهاية ساحة النصر لاستئناف الترحال الروتيني بين العمل والبيت فالأمر غير مرتبط بالإمكانيات ولا الحكومة ولاثقافة المواطنين بقدر ماهو مرتبط بالكساح الفكري وغياب مواهب الإبداع وضباط إداريين لاتهمهم إلا غرامات المخالفين وجباية الناس دون إعادة الأمر كخدمات لمواطن زاد الضغط عليه بسبب الوضع الإقتصادي وعدم إستقرار البلاد عامة ،إلا أن أمر المجالس المحلية ليس بذي ارتباط كبير بالإبداع في النظافة والتنظيم وتوفير حمامات عامة وماظننت يوما أنها قضية سياسية تحتاج للوفاق الوطني حتى تنجز فالمحليات تمتلك سيارات ونواقل وسلال وأفراد يصرفون المرتبات والحوافز لما لا تنظف المدينة.
أما قضايا الماء والطاقة وغيرها فحدث ولا حرج فالتراجع فيها مريع ولأنها قضية عامة لم نتناولها كما أن مرفق كمركز الجميح لغسيل الكلي بحساسية الخدمة فيه كان من باب أولى أن يخصص مجهود إضافي ليوقي النزلاء والمرضي فيه شح الماء وإضرابات الوقوف بتتريس الطريق فاذا كان مطعم يرتاده أغلب سكان المدينة يوفر الماء ويدور النفايات يوميا تعجز المحلية أن تكون مثله فماجدوى وجودها دون الإحساس بهموم الناس وتوفير الخدمات لهم.
خلاصة القول لم تعد المدينة هي المدينة ولا الملامح هي الملامح فحل الخراب ونعق بوم الشؤم بالابيض التي كانت تذيع مفقودات الناس في موجز اخبار الإذاعة الآن تؤخذ موجوداتك عنوة تحت تأبط صبي لساطور أو مدية حادة في أحياء الدرجة والشارقة والقبة وبعض الأحياء العريقة فالمدينة لاتحتاج سوى لإدارة مجلس محلي أو بلدي يشرف على ماقلنا لنعيدها للحياة بعدما اغتالتها أيادي الإهمال
ألا عنة الله علي الخراب .