وكالات : كواليس
في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم بالصورة التي نشرها عملاق محركات البحث في الإنترنت “غوغل” احتفالا بذكرى ميلاد المؤرخ المصري الراحل مصطفى العبادي (1928-2017).
ونشر “غوغل” على صفحته الأولى رسما للدكتور العبادي، وهو يحمل كتابا بين يديه وخلفه مكتبه وبجانبه معالم معمارية، منها هرم تخرج من قمته شعلة نار.
Mostafa El-Abbadi’s 94th Birthday https://t.co/ai7P6WeMUF pic.twitter.com/f43QOBA8Kb
— Google Doodles (All) (@gksearch) October 9, 2022
الدكتور مصطفى العبادي لم يكن مجرد أستاذ ومفكر، بقدر ما كان مؤرخا وفيلسوفا ومنظّرًا اجتماعيا، لما له من رؤى فكرية واجتماعية، أهمها أن يمزج الفكر بالواقع، ليكون العلم في خدمة المجتمع، ورغم قلة كتبه التي ألفها، فإنه أسّس مدرسة تجمع بين الفكر والدراسة، والفلسفة والواقع المعيش، ولهذا جاء كل تلاميذه انعكاسًا لفكره ومنهجه، وكانوا هم كتبه الحية التي تسعى على قدمين، وكانت مؤلفاته ثمرة تجربة وخبرة طويلة في دراسة التاريخ وبناء الإنسان على مدى 60 عاما.
درّس في عدد كبير من الجامعات العربية والأجنبية منذ حصل على رسالة الدكتوراه عام 1960، وأصبح من أعلام الحركة التاريخية بمصر والعالم، واكتسب شهرة ومكانة مرموقة في الدراسات الكلاسيكية التاريخية القديمة.
المكتبة القديمة وتحقيق الحلم المستحيل
اقترن اسم العبادي بمشروع مكتبة الإسكندرية القديمة، وعمل على إحيائها، وبعثها من مرقدها بعد أكثر من 1600 عام، منذ طرح الفكرة في محاضرة بنادي هيئة تدريس جامعة الإسكندرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1972، وكتب بتكليف من اليونسكو كتاب “مكتبة الإسكندرية القديمة: سيرتها ومصيرها” الذي يعدّ وثيقة استشرافية لإحياء مكتبة الإسكندرية.
ولكونه مؤرخا معترفا به بفضل أعماله في حقل الحضارة اليونانية الرومانية، وبفضل إنجازاته في مجال البحث العلمي بخاصة دراسات البحر المتوسط التي جعلت منه مرجعا في حضارات الشرق وخبيرا في مجال العلاقات بين العالم العربي والغربي وما تميز به من عقلية منفتحة وأفق إنساني رحب وحرص على الحوار والدفاع عن التراث الإنساني في عالم مضطرب، فقد تمكن الدكتور مصطفى العبادي أستاذ التاريخ من إقناع صانعي القرار السياسي في مصر والعالم بضرورة إحياء مكتبة الإسكندرية، كما هيّأ الرأي العام العالمي لهذه الفكرة.
وعدّته جمعية البرديات الدولية واحدا من أشهر 10 خبراء في العالم في مجال البردي العربي واليوناني والروماني، وكما يقول خبير التراث الدكتور خالد عزب -للجزيرة نت- فقد استطاع العبادي أن ينشر مجموعة من أوراق البردي النادرة التي ترجع لمدينة الفيوم، فأسهم بذلك في الكشف عن كثير من أسرار تاريخ مصر، وساعد على فهم العلاقة بين المصريين والرومان في الحقبة اليونانية الرومانية.
ويعد العبادي من أبرز العاملين في مجال المدرسة التاريخية الحديثة، وتظهر أهميته أنه جعل العالم، بما فيه تركيا، يعيد كتابة التاريخ اليوناني والروماني وشرق البحر المتوسط القديم، الذي كان مجالا خصبا لبحوثه المتعمقة التي أثرت المكتبة العربية، من خلال منهج علمي فلسفي متكامل يتسم بالعمق، ولم يركز على التاريخ السياسي فقط، لكنه اشتغل على التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لتلك الشعوب عن طريق ما حققه من برديات.
وعلى الصعيد الدولي كان حضوره مرموقا، وحقق مكانة عالمية في مجاله العلمي والأكاديمي، ولهذا عندما نادى بتأسيس وإعادة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة كان صوته مسموعا، وجاء مدير منظمة اليونسكو ليناقشه ويكلفه برسم صورة للمكتبة القديمة، فجاء كتابه الفريد “مكتبة الإسكندرية: مسيرتها ومصيرها” الذي ترجم إلى معظم لغات العالم، حسب حديث خالد عزب.
مرجعية تاريخية لدول البحر المتوسط
اتسعت معارفه لتشمل الحضارة المصرية القديمة والحضارة الإسلامية معا، ويعدّ كتابه الأشهر “مصر من الإسكندر الأكبر حتى الفتح العربي” مرجعا أساسيا لتاريخ مصر في العصور البطلمية واليونانية والرومانية، وأيضا كتابه المهم “الإمبراطورية الرومانية” أصبح مرجعا علميا لكل طلاب الحضارات القديمة، ليصبح العبادي واحدًا من أهم رواد علم الكلاسيكيات في العالم.
كانت الإسكندرية مدينته الأثيرة، وكان المجتمع السكندري في ذلك الوقت خليطا من المصريين والأوروبيين وأهل الشام، وكان الأوروبيون مزيجا من اليونانيين والفرنسيين والإنجليز والبلجيكيين والسويسريين.
سيرته وحياته
ولد مصطفى العبادي في القاهرة عام 1928، ترتيبه الرابع بين 8 إخوة، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة العقادين بالقاهرة القديمة، بدأ المرحلة الثانوية في المدرسة السعيدية بالجيزة، ثم انتقل إلى مدرسة الرمل الثانوية بالإسكندرية عام 1942 وحصل على شهادة التوجيهية الثانوية عام 1947، كما حصل على ليسانس الآداب من قسم التاريخ في تخصص التاريخ القديم بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف سنة 1951 وعُيّن معيدا للتاريخ اليوناني والروماني بجامعة الإسكندرية.
وفي 1942 أُسّست جامعة فاروق الأول في الإسكندرية، وكان الدكتور طه حسين أول مدير لها، وعين أستاذ الدراسات الإسلامية الدكتور عبد الحميد العبادي (والد الدكتور مصطفى العبادي) أول عميد لكلية الآداب، وانتقلت الأسرة من القاهرة إلى الإسكندرية، ويوصف العبادي (الأب) بأنه أول من أدخل دراسات المغرب العربي والأندلس في المناهج الجامعية.
وقال الدكتور مصطفى العبادي في واحد من لقاءاته المسجلة قبل رحيله “كثيرا ما كان أبي يردد كلمة الدكتور طه حسين في حفل اجتماع افتتاح الجامعة الذي حضره الملك فاروق الأول وهو يقول: قديما يا مولاي، وصف هيرودوت مصر بأنها بلد العجائب، وها نحن الآن بينما تتصارع قوى الحرب (على مسافة 90 كم من الإسكندرية كانت معركة العلمين) والدمار على مرمى حجر من الإسكندرية، فإذا بنا في مصر نشيد جامعة من أجل خدمة العلم والسلام وخير المستقبل”.
أوفد في 1953 في بعثة علمية إلى جامعة كمبردج بإنجلترا، فانتظم في دراسة بكالوريوس اللغات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) حتى 1956، ثم بدأ دراسته العليا في الجامعة ذاتها وحصل على شهادة الدكتوراه 1960 في موضوع “مواطنو الإسكندرية منذ تأسيسها إلى الفتح العربي”.
أستاذ في جامعات عربية
أثناء بعثته تزوج بزميلة الدراسة عزة كرارة التي حصلت معه على الدكتوراه، وعُيّنت أستاذة بقسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وله ولدان يعيشان في الولايات المتحدة، وعند عودته من البعثة عيّن مدرسا للتاريخ اليوناني الروماني بجامعة الإسكندرية 1961، ثم رقّي أستاذا مساعدا 1966، ثم أستاذا للدراسات اليونانية واللاتينية 1972، وشغل منصب رئيس قسم الحضارة اليونانية والرومانية عدة مرات منذ 1971، وعين وكيلا لشؤون الطلاب لكلية الآداب في الفترة 1976-1979.
أعير للتدريس بجامعة بيروت العربية مرتين حيث شغل منصب رئيس قسم التاريخ، ثم عمل أستاذا بجامعة الكويت في نهاية الثمانينيات، وبعد عودته لبلاده عيّن أستاذا متفرغا، وأستاذا غير متفرغ بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية منذ عام 2000 ثم عاد أستاذا متفرغا في 2002.
وقال الدكتور عمرو العبادي نجل الدكتور مصطفى العبادي إن والداه كانا ينتميان لطبقة من الأسرة المتوسطة، لأسرة ترجع جذورها إلى المغرب، “يسكنان في شمال غربي الإسكندرية، الوالدة من حي الأنفوشي، والوالد من حي رأس التين، كان جدي يعمل في التجارة، أما جدتي واسمها مهجة فكانت امرأة ذات عزيمة وهمة عالية، وعلى اسمها سمى أبي ابنته الوحيدة، وهي أختي الدكتورة مهجة”.
مفهوم جديد للعطاء العلمي
ويصفه زملائه بجامعة الإسكندرية بأنه أحد رواد التجديد في العلوم الإنسانية في مصر المعاصرة، من خلال عبقرية متفردة وثراء ثقافي وعلمي، تميزت به شخصيته عبر حياته العلمية منذ منتصف القرن الـ20، وقد استطاع أن يرسخ مفهوما جديدا لعطاء الأستاذ الجامعي في مجال التخصص، والتخصصات المجاورة، وتجلى ذلك في كتاباته العلمية، سواء تلك التي كتبها باللغة العربية والتي ترجمت إلى الإنجليزية والعكس، حسب حديث الدكتور فتحي أبو عيانة أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة الإسكندرية وصديق عمر العبادي.
ويضيف أبو عيانة في حديثه “والمتأمل في سيرته ومسيرته يرى أنه أرسى قاعدة مهمة في التكامل المعرفي ممثلة في ربط الماضي بالحاضر، وكوّن مدرسة علمية رسخت هذا المفهوم، حيث مزج علم التاريخ في العصر الثقافي اليوناني بالثقافة ونشر المعرفة، بل وجّه ذلك له في خدمة المجتمع والارتقاء بثقافته، بل أسهمت كتابته في إجلاء كثير من الغموض الذي اكتنف مرحلة مهمة في التاريخ اليوناني الروماني، وفتح بذلك بابا مهما أمام أجيال تالية من الباحثين في مجال العلوم الإنسانية”.
أما تلاميذه فيعددون مناقبه العلمية والأخلاقية، ومنهم الدكتور عباس سليمان عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية السابق الذي يقول “هناك جانب آخر من إنجازات أستاذنا العبادي لم يأخذ حقه من التعريف، وهو أن العبادي ليس فقط علما من أعلام الدراسات الكلاسيكية محليا وإقليميا وعالميا، بل يعد من أهم رواد الدراسات البردية اليونانية والعربية في العالم، ومن القلائل المتخصصين في دراسة البردي خلال القرون الأولى للفتح العربي الإسلامي لمصر، ويعد أيضا مؤسسا لعلم الآثار الغارقة بمدينة الإسكندرية ومصر، سواء من خلال العمل الأكاديمي، أو رئاسته لجمعية الآثار بالإسكندرية، كما قاد العديد من حملات الإنقاذ لآثار الإسكندرية الأرضية والغارقة”.
ويضيف سليمان “إذا كان المؤرخون قد اختلفوا حول الشخص الذي بنى مكتبة الإسكندرية القديمة، فإن هذا الاختلاف أصبح اتفاقا حول الشخص الذي يعود له الفضل الكبير في مشروع إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، ذلك هو الدكتور مصطفى العبادي الذي ناضل منذ عام 1972 لتحقيق هذا الحلم، وطاف العالم ينادي بحلمه إلى أن استطاع أن يهيئ الرأي العام العالمي لهذه الفكرة، وظل صابرا ومثابرا من أجل أن يخرج المشروع إلى النور، وبالفعل تمكن من رؤية هذا المشروع حقيقة ماثلة أمامه عام 2002 للميلاد”.
بداية الحلم ونهايته
ولكن كيف بدأ مشروع إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة؟ قال الدكتور مصطفى العبادي في حوار مسجل بجمعية الآثار بالإسكندرية قبل وفاته “بدأ المشروع بفكرة في نوفمبر/تشرين الثاني 1972 في محاضرة عامة بنادي أعضاء هيئة تدريس جامعة الإسكندرية بدعوة من الدكتور لطفي دويدار رئيس الجامعة حينذاك، وقلت في نهاية المحاضرة: إذا كانت جامعة الإسكندرية تريد أن تنتمي لتراث علمي لهذه المدينة القديمة، التي كانت رائدة للمعرفة في العالم في العصر اليوناني والروماني، وتتمكن من الإسهام في الحركة العلمية العالمية، فعليها أن تقتدي بالنموذج الإسكندري لمكتبة الإسكندرية التي قادت الحركة العلمية في عصرها، وعلينا أن نستفيد من الحركة العلمية القديمة التي قامت على أساس تجميع أكبر مكتبة عالمية، إلى جانب الاهتمام بالمعامل العلمية في الفلك وفي الطب، وفي غيرها من أبواب العلوم، وذلك بإنفاق سخي من الملوك البطالمة”.
ويردف المؤرخ الراحل “في عام 1980 سافرت لأول مرة إلى الولايات المتحدة الأميركية لإلقاء سلسلة محاضرات عن مكتبة الإسكندرية القديمة، وقابلت مدير مكتبة الكونغرس، ووجدت على مكتبه كتابا لي باللغة العربية عن: “مكتبة الإسكندرية: مسيرتها ومصيرها “، وقال لي: طلبت من المتخصص بالقسم العربي الدكتور جورج عطية أن يقرأ الكتاب ويلخصه، لماذا؟ وأجاب عن تساؤله: لأني أريد أن أعمل نموذجا لمكتبة الإسكندرية القديمة أضعه في مدخل مكتبة الكونغرس، باعتبار أننا في مكتبة الكونغرس نمثل مكتبة الإسكندرية القديمة في العالم اليوم”.
وفي شهر مارس/آذار 1986 جاء مدير اليونسكو أحمد مختارو أمبو إلى مصر، واجتمع بالعبادي في لقاء خاص دار حول مكتبة الإسكندرية القديمة، “وقال: ليس لدي التمويل ولا السلطة، المكتب السياسي لليونسكو هو الذي يقرر اعتماد المشروعات، لكن سأضع كل جهدي في دعم هذا المشروع، وسألناه لماذا؟ فأجاب: لأن لديكم تجربة رائدة في المعرفة الثقافية والإنسانية، وهي مكتبة الإسكندرية القديمة، ومن قبل كان لمنظمة اليونسكو تجربتها الناجحة في نقل آثار النوبة، ومن واجب اليونسكو أن ترعى التجارب الناجحة التي اقتدى بها العالم. ثم قال: إذا نفذ هذا المشروع بالطريقة نفسها التي أوحي بها، فقد يغير الخريطة الثقافية للمنطقة بأثرها”.
وفي شهر يونيو/حزيران 1986 انعقد المجلس التنفيذي لليونسكو، وعدد أعضائه 51 عضوا، وعرض موضوع مكتبة الإسكندرية للتصويت، وحصل على 49 صوتا بالإجماع ما عدا صوتين، وهما إسرائيل، وجنوب أفريقيا العنصرية في الوقت ذاته (حسب رواية الدكتور مصطفى العبادي).
وبناء على رعاية اليونسكو لمشروع مكتبة الإسكندرية القديمة، تحرك البنك الدولي وبدأ التمويل لمشروع إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة.
تكريم دولي
حاز العبادي عشرات التكريمات المحلية والعالمية، وكان عضوا في أرفع الهيئات والجمعيات الدولية واليونسكو وغيرها في مجالات التاريخ والآثار والفلسفة والدراسات الكلاسيكية، وقام بمئات من المهمات العلمية في الجامعات الأجنبية للتدريس بمنصب أستاذ زائر في عدد كبير من الدول العربية، وإلقاء المحاضرات في أرقى الجامعات الأميركية والأوروبية، وشارك بأبحاثه الجادة والمتميزة في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية.
محليا فاز بجائزة “كفافيس” في الدراسات اليونانية القديمة، وجائزة الدولة التقديرية، وجائزة طه حسين من جامعة الإسكندرية، ومنحته الدولة أرفع جوائزها، وهي جائزة النيل في العلوم الاجتماعية 2013، وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى، وحصل على جائزة العالم المتميز من جمعية العلماء المصريين الأميركيين.
ونسوق هنا حيثيات الدكتوراه الفخرية في الدراسات الإنسانية من جامعة كيبيك في مونتريال بكندا التي تقول: “لقد منح الدكتور مصطفى العبادي درجة الدكتوراه الفخرية لكونه مؤرخًا معترفا به، بفضل أعماله في الحضارة الرومانية واليونانية، وبفضل إنجازه في البحث العلمي، خاصة الدراسات الكلاسيكية ودراسات البحر المتوسط التي جعلت من هذا العالم الجليل مرجعًا في حضارات الشرق، وخبيرا في مجال العلاقات بين العالم العربي وبقية العالم، وبما تميز من عقلية منفتحة و أفق إنساني رحب”.
وللعبادي كثير من المؤلفات والأبحاث، أهمها “مكتبة الإسكندرية القديمة: سيرتها ومصيرها” الذي ألف أولا بالإنجليزية وترجم إلى كل لغات العالم تقريبا، ومن كتبه المهمة أيضًا “مصر من الإسكندر الأكبر إلى الفتح العربي”، “مكتبة الإسكندرية القديمة” صدر عن مكتبة الأنجلو المصرية 1975، ويتناول أساسا دراسة مصير المكتبة، بخلاف الكتاب الصادر عن اليونسكو 1990 ” الإسكندرية منذ أقدم العصور”.
قام العبادي بدور رائد في تحقيق وثائق بردية يونانية قديمة، وعشرات من الأبحاث المشتركة، صدرت كلها في كتب، ومن ترجماته المهمة كتاب “القاهرة مدينة الفن والتجارة، تأليف جاستون فييت 1968”.
العالم في وداعه
ويوم وفاة الدكتور مصطفى العبادي نعته “نيويورك تايمز” وصحيفة إيكونوميست” وصحف عالمية أخرى، وكانت الكلمة التي كتبها دكتور روجر باك نولد في “النيويوركر”، يقول فيها “كان الدكتور مصطفى العبادي هو والدي في مصر” (حسب الدكتور عمرو العبادي).
Mostafa el-Abbadi is dead. He aided the revival of an ancient library in Egypt with the help of President Nixon. https://t.co/p3XHjUi4vX pic.twitter.com/Yik1DD9Aso
— New York Times World (@nytimesworld) March 1, 2017
ويضيف عمرو العبادي “وكتبت مقالات رثاء في الوالد في كل بلاد العالم، في البرازيل واليابان وأوروبا، فضلا عن المشاعر المتدفقة التي أولانا بها أصدقاؤنا في الدول العربية، وذلك لأن بيتنا كان مفتوحا لجميع الأصدقاء عربا وأجانب، والكثير من جميع الجنسيات يعرفون بيتنا وتفاصيله الصغيرة، ومن هؤلاء الأصدقاء الشاعرة الهندية المهاجرة أنيتا ديساي وهي كاتبة هندية معروفة عالميا، زارتنا وكتبت كتابا تصف فيه بابا وماما في قصتها، وفيها وصف دقيق لشقتنا في المزاريطة، وحتى وصف البوابة والبلكونة بزرعها ووردها”.
وإذا كان وراء كل رجل عظيم إمرأة، فإن الدكتور مصطفى العبادي كانت من ورائه امرأة لا تقل عن عظمته، وهي زوجته الدكتورة عزة التي قال عنها في أكثر من حديث “كانت شريكتي في كل شيء، وكانت تراجع كل ما أكتب باللغة الإنجليزية، وكانت شاهدة وشريكة في كل مراحل النجاح والإخفاق، وكانت تشاركني هواياتي ورحلاتي الطويلة والكثيرة”.
وتقول الدكتورة مهجة مصطفى العبادي إن أباها وأمها “كانا يعشقان، الشعر والفلسفة والإسكندرية، وعنهما كتب شاعر هندي صديق قصيدة شعر طويلة يعدد مناقبهما، ويصف فيها أحياء الإسكندرية وميادينها”.