قلت لصديقي العلماني المعارض بشدة للإسلاميين .. إن أسوأ ما أنتجته هذه الثورة التي ايدناها ووقفنا معها ( لأننا افترضنا أنها تعبر عن إرادة الشعب وتطلعاته لأجل مستقبل أفضل للسودان وشعبه ) أسوأ ما أنتجته هو حالة الكراهية الممنهجة ، والاقصاء المدمر ، وتصفية الحسابات ليس فقط مع الفاسدين ولا مع الكيزان بل مع كل من يقول كلمة الحق من أبناء هذا الوطن ، انتم يا صديقي ترتكبون افظع أنواع الممارسة السياسية والاجتماعية حينما تتغاضون عن أهداف الثورة الشعبية السلمية السامية لتدخلوا البلاد والعباد في أتون صراع يهلك الحرث والنسل ، ويصرف الناس عن الإنتاج والعمل والإبداع والإصلاح ليتجهوا إلى محارق سياسية وقضايا انصرافية ، وتتركون قضايا الوطن الحقيقية نهبا لأمراض النفوس والمصالح الضيقة والى لصوص الثورة التي علق عليها الجميع آمالهم وتطلعاتهم ، لكنكم اختزلتم كل تلك المعاني الجميلة في زرع بذور الفتنة والفجور والسفور وتشويه الدين وقيم المجتمع السوداني الاصيلة ..يا صديقي .. للاسف انتم تعلمون علم اليقين أن الكيزان ليسوا كلهم فاسدين كما تصورونهم للناس ، والكيزان ليسوا ضد مصلحة الشعب ورقيه وتطوره كما تروجون ، بل تشهد على مجهوداتهم وانجازاتهم الجبارة التي انجزوها في وضع أشبه بالمستحيل ، أنهم خير من قدم واعطى لهذا الوطن بلا من ولا أذى منذ استقلال السودان ، نعم ارتكبوا أخطاء وضل بعضهم الطريق نحو تحقيق الأهداف والغايات المنشودة ؛ لكن هذا كان طبيعي فهو طبع البشر فلسنا جميعنا ملائكة ، فالخطأ الاكبر الذي وقع فيه الكيزان أنهم اجلوا معركة محاربة الفساد في الدولة والمجتمع وانشغلوا بمواجهة تحديات البلاد والأزمات المختلفة الأخرى ، ظنا منهم أنها أولويات المرحلة ، ولم يحاسبوا المخطئين حتى ظن البعض أن منهج الكيزان هو ( الغتغتة والدسدسة ) ، علما بأن الطرف المعارض – في غفلة الناس – كان يرتكب الفظائع ويتفنن في اختلاق الأزمات وصناعتها ، ومعاونة الأعداء في مناوشة الحكومة وتعطيلها عن المسير نحو انجاز المزيد من المشروعات .. انكم يا صديقي – ناسين ومتناسين – كنتم تحاربون الوطن وتعاقبون شعبه ولا تعاقبون الحكومة ، فقد عطلتم التنمية وفجرتم خطوط الأنابيب وحملتم السلاح ضد الدولة في جنوب وشرق وغرب السودان ، وسعيتم لإسقاط نظام الإنقاذ بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، فأنتم شركاء بامتياز في إحداث كل الفشل الذي صاحب تجربة الإنقاذ بل انتم السبب الرئيسي لمعظم ردود الفعل التي بدرت من الإنقاذ ، والان انتم لستم جديرين أخلاقيا بمحاسبة الكيزان ، ولا بقيادة هذا الوطن مهما حاولتم ارتداء قناع الإصلاح وايهام الناس بأنكم المخلصين .. إنكم مهما حاولتم مع بقية أعداء المشروع الإسلامي شيطنة الاسلاميين وتشويه صورتهم لن تفلحوا ، لأن التاريخ والشعب السوداني العظيم يكتب وسيحفظ مجهوداتهم التي قاموا بها من باب الواجب وليس التفضل ، وستدرك الأجيال الجديدة – طال الزمن او قصر – تضحيات الاسلامين رغم فداحة بعض الأخطاء ، وسيقارن ( قريبا جدا ) بينهم وبينكم ، انتم الذين سرقوا ثورتهم وأحلامهم لتبيعوا لهم الوهم والأكاذيب ، ستدرك هذه الأجيال انكم طبقتم أسوأ نموذج في الإقصاء والتمكين والانحلال والممارسة السياسية غير الراشدة ، وإلادارة الفاشلة للدولة ، واستهدفتم القيم والأخلاق والدين .نحن سنكون اسعد منكم ومن بقية الشعب السوداني إذا طبقتم العدالة القانونية على كل من أفسد واجرم ، لكن لا تحاولوا إقامة محاكم إعلامية بدون أدلة لتجريم جميع الاسلاميين وشركائهم في فترة الحكم ، ومن حق هذا الشعب أن يرى العدالة الاجتماعية والقانونية تسير على الأرض ، وأن يرى كل من ثبت جرمه في حق الشعب أن يحاكم محاكمة عادلة ، ولا يفوتنا تقديم من سفك دماء شباب الثورة للعدالة ، والقصاص لشهدائها الذين لا يعرف ولم يعلن حتى الآن من هو قاتلهم ..!!حدثتتني يا صديقي عن المصالحة الوطنية لكني أقول لك انها ليست منة ، وليست صكوك غفران يقدمها من لا يملك لمن يستحق ، بل هي حالة نضج ووعي سياسي ومجتمعي شامل ؛ مطلوبة من كل الأطراف والمكونات حتى يعبر الجميع بهذا الوطن إلى بر الأمان ، وفق عقد إجتماعي ودستور وأسس جديدة تقوم على الحرية والسلام والعدالة ، وتؤسس لدولة المؤسسات والقانون والديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد ..حينها فقط يا صديقي يحق للشعب السوداني أن يفرح ، ويحتفل بثورته التي قدم فيها دماء شبابه مهرا لها .
كتب بتاريخ ٢١ ديسمبر ٢٠١٩