إلى أين يقودنا حكام العهد الإنتقالي قبل شهر و نيف أعلن الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة الأسبق العميد الصوارمي سعد و مجموعة من الضباط المعاشيين من داخل الخرطوم عن تكوين قوات ( كيان الوطن ) و جاء في بيان التأسيس أن هذه القوات تكونت من أجل خلق توازن في القوى المسلحة و تحقيق العدالة الإجتماعية و إلغاء إتفاقية جوبا للسلام !! في ذلك اليوم كتبت منشورا قلت فيه أن الصوارمي و رفاقه أخطأوا ( تقدير الموقف ) بتأسيسهم لتلك القوات !! و قبل قيام قوات ( كيان الوطن ) تم الإعلان عن تكوين قوات في شرق السودان بقيادة ( شيبة ضرار ) الذي ظهر بزي عسكري كامل برتبة الفريق !! و أثناء مفاوضات جوبا برزت في الساحة قوات ( حركة تمازج ) التي كانت ضمن الموقعين على الإتفاقية لكنها لم تجد حظها في قسمة السلطة !! و سمعنا كذلك عن قوات ( درع الشمال )و بالأمس أعلن عن تشكيل كيان عسكري جديد في وسط السودان بإسم ( قوات درع الوسط ) و التي دشنت نشاطها بعرض عسكري في منطقة البطانة و أعلن مؤسسوها أنها تشمل ولايات وسط السودان ( الجزيرة – سنار – النيل الأبيض – شمال كردفان ) و ظهر قائدها بالزي العسكري الكامل برتبة الفريق !! قوات ( درع الشمال و كيان الوطن و درع الوسط ) يقودها ضباط سابقون في القوات المسلحة و من الواضح أنها نشأت كرد فعل على تمدد قوات ( حركات تمرد ) دارفور التي لم يعد يقتصر وجودها العسكري على إقليم دارفور فقط بل تمددت لتجند قوات تابعة لها في كل أنحاء السودان !!و يرى القائمون على أمر هذه القوات أن حركات دارفور نالت أكثر مما تستحق بموجب إتفاقية جوبا !! و يبدو كذلك أن نشأتها أيضاً جاءت في مقابل تمدد قوات الدعم السريع التي أصبحت قوات شبه مستقلة و انتشرت في كل أنحاء السودان و تقوم بالتجنيد و زيادة عدد قواتها و تحديث تسليحها بصورة مستمرة !! ما تشهده بلادنا من تشظي مستمر و عسكرة ينذر بشر مستطير !! و يبدو أن الباب الذي فتح لن يغلق خاصة في ظل التدخلات الخارجية الكثيفة التي لاتريد لبلادنا خيراً و في ظل ضعف و تردد قادة العهد الإنتقالي الذين أصبحوا أسرى للقوى الخارجية و لقوى سياسية داخلية ضعيفة و فاشلة !!و إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه فربما نشهد في الأيام المقبلة تشكيل المزيد من القوات العسكرية !!و يبدو كذلك أننا فعلاً نمضي في طريق النموذج الليبي من حيث تعدد الجيوش و المليشيات ( كما ذكرت في تسجيل صوتي سابق أجريت فيه مقارنة بين الحالة السودانية و الحالة الليبية ) !!الحل في حوار ( سوداني / سوداني ) و بأجندة وطنية خالصة دون وصاية أجنبية و دون إقصاء وصولا لحالة توافق تحفظ بلادنا من مستقبل قاتم . اللهم احفظ بلادنا و أبرم لها أمر رشد و حسن مخرج و صلاح حال .