“مراد آغا”.. مسجد تاريخي في ليبيا يقاوم الزمن والحرب | ثقافة

وكالات : كواليس

مدة الفيديو 01 minutes 38 seconds

مسجد “مراد آغا”، صرح يعاند عوامل الزمن والحرب في ليبيا، منذ بنائه منتصف القرن الـ16 الميلادي خلال الحقبة العثمانية.

المسجد الواقع في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس لا يزال يعتبر منذ قرون أحد أهم وأعرق المساجد في ليبيا، رغم الدمار الذي لحق بالبلاد خلال سنوات الحرب.

يقف المسجد شامخا منذ نحو 5 قرون، حاملا اسم مراد آغا، أول ولاة الدولة العثمانية على ليبيا، الذي حكم خلال الفترة من 1551 إلى 1553 ميلادية.

عام 1521، جرى التخطيط للمبنى ليكون قلعة تُستخدم لأغراض عسكرية، ليحوله الوالي مراد آغا مسجدا بعد القضاء على التهديد الإسباني على ليبيا.

ورغم الهجمات المسلحة التي تعرض لها المبنى عام 2013 خلال فترة الاضطرابات الداخلية في ليبيا، فإن المسجد لا يزال قائما يحافظ على طابعه المعماري، إلى جانب استضافته أكبر عدد من المصلين في المنطقة.

بوجه الغزو الإسباني

بحسب منسق وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) في ليبيا، غياث الدين قره تبه، تعود حكاية بناء مسجد مراد آغا إلى فترة الغزو الإسباني لشمال إفريقيا.

وقال قره تبه لمراسل الأناضول، إن الإسبان وبالتعاون مع الصليبيين بدؤوا شن حملات عسكرية ضد شمال أفريقيا، بعد أن استولوا على آخر إمارة في الأندلس عام 1492.

وأشار قره تبه إلى أن الإسبان احتلوا طرابلس الغرب عام 1510 بعد احتلال المغرب والجزائر خلال هذه الفترة.

و”نتيجة تقدم الإسبان في طرابلس، تراجعت قوات المقاومة المحلية إلى تاجوراء، ليرسل بعدها مجلس أعيان المنطقة وفدا إلى إسطنبول عام 1519 لطلب المساعدة”، وفق قره تبه.

وتابع: “بناء على ذلك، جهز السلطان العثماني سليمان القانوني 6 آلاف عسكري من القوات البحرية بقيادة مراد آغا، أحد أبرز آغوات القصر السلطاني في إسطنبول، وأرسلهم إلى طرابلس عام 1520 لتحريرها من السيطرة الإسبانية”.

قره تبه ذكر أن “مراد آغا شرع عام 1521 ببناء قلعة كبيرة في تاجوراء لحماية المدنيين الذين لجؤوا إلى المنطقة من طرابلس، وبالفعل، تمكن من خلالها من صد هجمات الإسبان وحماية المدنيين”.

وقال: “نتيجة للجهود التي بذلها في حماية المدنيين ودحر الإسبان والتخلص من خطرهم، عين السلطان مراد آغا أول والٍ على طرابلس، وعام 1535 حول الأخير القلعة إلى مسجد.

ولفت قره تبه إلى أن مراد آغا توفي عام 1556، ودُفن جثمانه في باحة المسجد.

ترميم

بحسب قره تبه، “تمكن مسجد مراد آغا الذي يعتبر أقدم مسجد عثماني في ليبيا، من الحفاظ على خصائصه المعمارية التي تجمع بين المسجد والقلعة معا”.

وأشار إلى أن البناء خضع للعديد من أعمال الترميم في سنوات مختلفة، بواسطة شركة تركية متخصصة عام 2013 بتوجيهات من الرئاسة التركية.

وأردف: “إلا أن المسجد، ونتيجة للاضطرابات الداخلية في ليبيا، تعرض لأضرارٍ جسيمة نتيجة قصفٍ صاروخي وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وذلك بعد شهرين فقط من انتهاء أعمال الترميم فيه”.

“جامع طرابلس الكبير”

وفي حديث للأناضول، قال نوري عمار، مواطن ليبي وأحد المصلين في المسجد، إن “سكان تاجوراء يطلقون على مسجد مراد آغا اسم الجامع الكبير، لأنه يستضيف يوميا أكبر عدد من المصلين”.

وذكر عمار أن “المسجد خضع لأعمال ترميم واسعة في عام 1986، حيث جرى إصلاح جميع الأسقف والأعمدة والأقواس، التي تحمل ملامح العمارة الإسلامية، وخاصة المئذنة التي تحمل خصائص العمارة المغاربية”.

بدوره، قال عبد الرزاق الغرياني، أحد المواظبين على الصلاة في المسجد، إن “الجامع الكبير يحتوي على بئرين للمياه، أحدهما داخل المسجد والآخر خارجه”.

وأضاف أن “تركيا أعادت ترميم المسجد بعد ثورة 17 فبراير (شباط)”، مبينا أنه “يحتاج لأعمال ترميم وصيانة دورية”.

ولفت الغرياني إلى أن “سكان تاجوراء اعتادوا تأدية صلاة الجمعة في هذا المسجد وباحته الكبيرة”.

وأشار إلى أن “مسجد مراد آغا لا يعتبر أكبر مساجد تاجوراء فحسب، بل هو أيضا أكبر مسجد في طرابلس بأكملها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *