وكالات : كواليس
واشنطن – مثّل إلغاء المحكمة العليا في يونيو/حزيران الماضي قرارها الذي أصدرته عام 1973 بحق الإجهاض في الولايات المتحدة، وترك الولايات منفصلة لتحديد قوانين الإجهاض الخاصة بها، فرصة عدّها الحزب الديمقراطي مناسبة لإعادة تشكيل أولويات القضايا التي يكترث بها المواطنون الأميركيون في تحديد وجهة تصويتهم بالانتخابات النصفية.
ولكن قبل أيام قليلة من موعد الاقتراع، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن الاقتصاد والتضخم على رأس القضايا التي يهتم بها الناخب، والتي ستحدد إلى أي من الحزبين يذهب صوته.
وبسبب آلية الانتخابات النصفية اللامركزية بطبيعتها، تختلف أولويات قضايا الناخبين باختلاف الولايات، فالولايات الحدودية الجنوبية -مثلا- تختلف كثيرا عن ولايات الشمال الشرقي، حيث تبرز قضايا الهجرة في الأولى وتختفي في الثانية، في حين تكترث بعض الولايات بقضايا التغيرات المناخية خاصة فلوريدا وكاليفورنيا وآلاسكا وهاواي.
وتتقاطع القضايا التي تهم الناخبين الأميركيين في الوقت ذاته، فهناك من يضع أولوية للهجرة وتأمين الحدود، وآخرون يهتمون بارتفاع معدلات الجريمة وانتشار أعمال العنف المسيس، وهناك من يضع التعليم على قمة قضايا التصويت.
ولا يحدد الناخب نمط تصويته بناء على قضية منفردة، لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر استحواذ قضية التضخم على اهتمام أغلب الشعب الأميركي مقارنة بغيرها من القضايا على المستوى القومي.
إنه الاقتصاد يا غبي!
أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة “سي إن إن” (CNN) على 1508 ناخبين من مختلف الولايات أن 51% من الأميركيين يؤمنون بأن الاقتصاد هو القضية الرئيسة في تحديد نمط تصويتهم، وجاء الإجهاض ثانيا بنسبة 15%.
معدلات أزعجت المعسكر الديمقراطي خاصة مع استمرار مخاوف الأميركيين من التضخم وارتفاع أسعار وقود السيارات وتدفئة المنازل، وإلقاء اللوم على سياسات الحزب الحاكم حيث يسيطر الديمقراطيون على البيت الأبيض وأغلبية مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ).
وفي حديث مع كواليس نت، أشارت كيم فريدكين، خبيرة شؤون الانتخابات بجامعة ولاية أريزونا، إلى أن “التضخم والاقتصاد هما أهم القضايا للناخبين أثناء توجههم إلى صناديق الاقتراع بعد أيام. هذا ليس غريبا، ففي الأوقات التي يكون فيها الاقتصاد ضعيفا من المرجح أن يكون هذا النوع من القضايا على رأس اهتمامات الناخبين”.
وأضافت “وتاريخيا، أهم عاملين يؤثران على فقدان المقاعد أو اكتسابها خلال فترة انتخابات التجديد النصفي هما حالة الاقتصاد وشعبية الرئيس. فضلا عن ذلك، يلقي الناخبون باللوم على الحزب الحالي في الأوقات الاقتصادية السيئة، لكنهم لا يكافئون بالضرورة شاغلي المناصب خلال الأوقات الاقتصادية الجيدة”.
وأشارت البروفيسورة فريدكين إلى استطلاع رأي محلي أجرته هي شخصيا على ناخبي ولاية أريزونا، أظهر أن 37% من الجمهوريين يرون أن التضخم هو أهم قضية تواجه الأمة، في حين كانت النسبة 28% بين المستقلين، ولم تتجاوز 12% بين الديمقراطيين.
من ناحية أخرى، أدى التدهور السريع والكبير في سوق الأسهم الأميركية إلى فقدان 59% من الأميركيين ما نسبته 20 إلى 40% من حسابات تقاعدهم.
وتستثمر الشركات والمؤسسات الأميركية المختلفة مدخرات صناديق التقاعد في أسواق المال، ويلقي هؤلاء باللوم على سوء إدارة الرئيس جو بايدن وحزبه الديمقراطي للاقتصاد وتقليله من أهمية تحذيرات الكثيرين من خطورة التضخم.
الإجهاض مهم.. لكن!
في حديث مع كواليس نت، أشارت البروفيسورة أليكسا بانكيرت، أستاذة السياسة الأميركية بجامعة جورجيا، إلى أن “الإجهاض سيكون قضية دافعة بين الناخبين الديمقراطيين، وخاصة لدى الشابات والسيدات، في حين يشير الجمهوريون إلى الاقتصاد والتضخم وكذلك أمن الحدود على أنها قضايا مهمة”.
ويشير استطلاع البروفيسورة فريدكين إلى أن 16% من الديمقراطيين يعدّون الإجهاض قضية مهمة، وتبلغ النسبة 9% بين المستقلين، في حين لا تتعدى 4% عند الناخب الجمهوري.
من ناحية أخرى، تراجع اهتمام الناخبين الأميركيين بصفة عامة بقضية الرعاية الصحية، ولم تعد على رأس القضايا التي تشغل الناخب كما كانت في الدورات الانتخابية السابقة.
ولا تجمع النساء أو الفتيات على كيفية تناول قضية الإجهاض كمحدد لنمط تصويتهن.
وقالت ساندرا ماكلاين، المدرّسة بالمرحلة الثانوية في ولاية أريزونا، للجزيرة نت “إنني مسيحية متدينة ولست متشددة، وأدعم المهاجرين غير الشرعيين ممن تضطرهم الظروف الاقتصادية أو الأمنية إلى القدوم لبلادنا”.
وأضافت “لكنني لم ولن أصوّت لمرشح يبيح الإجهاض؛ أنا سيدة ولدي طفلة صغيرة، وأؤمن بالحق في الحياة للأجنة في رحم النساء. ما يدعونه حقا للنساء هو في الوقع رخصة للقتل”.
مخاوف وتشاؤم مبرر
يمتلك كثير من الأميركيين نظرة متشائمة تجاه المستقبل القريب، وأشار استطلاع شبكة “سي إن إن” إلى أن 28% من الناخبين المحتملين يقولون إن الأمور تسير بشكل جيد أو جيد جدا، في حين يرى 72% أن الأمور تسير “بشكل سيئ أو سيئ للغاية”.
في الوقت ذاته، أدى رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة للمرة الرابعة على التوالي هذا العام -لتصل إلى نطاق يتراوح بين 3.75 إلى 4% (وهي النسبة الأعلى منذ عام 2008)- إلى زيادة مخاوف الأميركيين من الأوضاع الاقتصادية.
ويؤمن أغلب الأميركيين بأن بلادهم تتعرض فعلا لركود اقتصادي لم تعلنه إدارة بايدن بعد.